قيادة بلا قاعدة .. لقاعدة بلا قيادة ؟!


منذ أشهر عدة ، والأنباء تتواتر عن "تفاقم النوايا" عند بعض الشخصيات الفلسطينية في المنظمة والحكومة والسلطة والرئاسة ، من غير الأعضاء في فتح ، بالانضمام للحركة ، والهبوط بالبراشوت على لجنتها المركزية المقبلة ، وقد ازدادت وتيرة تداول هذه الأنباء على إيقاع التحضيرات التي تجريها حركة فتح لعقد مؤتمرها العام السادس.

واللافت أن هذه الشخصيات ترتبط فيما بينها بجملة قواسم مشتركة "عظمى" ، فهي من جهة ، تنتمي للخط السياسي الأكثر "اعتدالا" على الساحة الفلسطينية (البعض يسميه الخط الأمريكي الأكثر تفريطا) ، وهي من جهة ثانية شخصيات مقربة من الرئيس الفلسطيني محمود عباس ، وقد ازداد اعتماده عليها بصورة تزامنت مع تراجع حضور فتح في آليات صنع القرار الفلسطيني ومطابخه ، وهي من جهة ثالثة ، شخصيات مختلفة المنابت والأصول ، يساريون سابقون وتكنوقراط من خريجي المدارس المصرفية العالمية ، لا قواعد شعبية أو انتخابية لها على الإطلاق ، مقبولة من "المجتمع الدولي" وغير مرحب بها غالبا من "المجتمع المحلي".

في المقابل ، تبدو حركة فتح ، ومنذ رحيل زعيمها المؤسس والتاريخي ياسر عرفات قبل أربع سنوات ، جسما كبيرا بلا رأس تقريبا ، وهي عجزت عن "ملء الفراغ" الذي تسبب به استشهاد أبو عمار ، وتشكو من انقسامات لا شفاء منها ، فضلا عن اصطراع مراكز القوى والأجيال والداخل والخارج ، الوافدين والمقيمين ، إلى غير ما هنالك من تقسيمات وتسميات وتصنفيات.

لقد خسرت فتح في الأعوام القليلة الماضية ، معظم - إن لم نقل جميع - معاركها ، وصورتها أمام الرأي العام لم تتبدل منذ انتخابات 2006 ، وهي صورة تكاد تكون نمطية وصالحة لتوصيف حال الحركة في مختلف الساحات والبلدان. ومن يتابع "المعزوفة التي لا تطرب أحدا" بين عباس زكي وسلطان أبو العينين في لبنان على سبيل المثال ، أو من يقرأ ما ينشر عن اجتماعات لجنة المؤتمر السادس التحضيرية ، يدرك تمام الإدراك ، أننا أمام أعراض جانبية "لشيخوخة متقدمة" أصابت الحركة بالترهل والشلل ، حتى باتت مطمعا لشخصيات لفظتها فصائل من الحجم الصغير والميكروسكوبي ، لا تبحث عن "شرف الانتماء" لحركة قادت العمل الوطني الفلسطيني أربعين عاما ، وإلا لفعلت ذلك "زمن عز الحركة وصعودها" ، بل تبحث عن وسيلة لإعادة تدوير ذواتها "÷هَىّكّّكمز والسطو على نضالات "الحركة الأم" وتوظيفها لإدامة الحضور القديم (غير المتجدد) وخدمة أجندات سياسية تبدو معها "وثيقة جنيف" حدا أقصى بعيد المنال.

في ظني أن مهمة هؤلاء لن تكون سهلة ، فمثل هذه المحاولات والنوايا ، تستفز الكثيرين من فتح ممن يتمتعون ببعض الغيرة على تاريخ الحركة وإرثها ، فضلا عن أنها ستصب الزيت على نار الصراعات الداخلية في الحركة ، ولا أظن أن كثيرين من فتح بحاجة لمنافسين لهم من خارجهم لمزاحمتهم على السلطة والنفوذ والجاه والثروة ، لكن من يدري ، فقد أصيبت الكثير من مؤسسات العمل الوطني الفلسطيني وفصائله بعوارض فقدان المناعة المكتسبة ، وإلا لما أمكن لهذه الشخصيات التفكير ، مجرد التفكير ، في "غزو" فتح من قمة هرمها.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات