نقرة على الزناد !


في خضم الأحداث السياسية الجديدة والمتسارعة علي الساحة المحلية الأردنية، والتي اعتدنا عليها نتيجة موقع الاردن الجيوسياسي ومحيطه الملتهب، ووسط ضبابية المشهد وتعقيداته، تبرز تحديات جديدة يواجهها جيل الشباب الاردني الصاعد والذي يشكل الشريحة الكبرى والأكثر تاثيرا في مجتمعنا الفتي.

عند كل منعطف وعقبة نجد هذا الجيل متجاوزا خلافاته واختلافاته مرصوصًا صفًا واحداً خلف مصلحة الوطن مستخدمًا أدوات لم نعدها قبل الألفية الثالثة.. وهنا نتحدث عن مواقع التواصل الاجتماعي.

إن انتشار الهواتف الذكية وصلت نسبة ٧٠٪؜ من الأُسر في المملكة حسب آخر احصاءات رسمية لدي وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بالتعاون مع دائرة الاحصائات العامة لعام ٢٠١٥.

لقد برع الشباب الاردني وعلى مستوى المنطقة بمواكبة التقدم التكنولوجي باستخدام التكنولوجيا المتاحة والمنتشرة بكافة ادواتها ليس فقط للترفيه بل للتعبير عن آرائه في مختلف القضايا والاحداث وللتنفيس عن غضبه وهمومه في الكثير من الاحيان.

وكأي وسيلة متاحة تتحول تلك الوسيله سلاحًا ذو حدين حسب وعي وإدراك وثقافة مستخدمها. وهنا لا بد من الإشارة إلى بعض المظاهر السلبية الناتجة عن استخدامها، من حيث استغلال البعض لها بقصد أو بغير قصد، لنشر الشائعات دون التحقق منها ومن مصادرها. وبعض أخر يستغلها لغايات الابتزاز أو اغتيال الشخصيات. وهنا ياتي دور حيوي للأسرة، المدرسة، الإعلام الرسمي والخاص، في محاربة هذه الظواهر والتوعية ضدها في فضاء أصبحت قواعد الاشتباك لا تنحصر فقط على الجيوش النظامية في أرض المعركة، بل تشمل "الجيوش الإلكترونية" خلف الشاشات. إذ أن نقرة زر ترادف الضغط على زناد سلاح.

كل شاب أردني مسؤول وهو جندي معركة في مواجهة التحديات، سياسيةً، أمنية، اقتصادية أو حتي اجتماعية. و من مقعده و خلف شاشة هاتفه المحمول فإن دوره النشط والإيجابي له تاثيره وانعكاساته علي أمن واستقرار الوطن. ومن الضروره أن يتحلي بالوعي والمسؤولية.

في السياق نسلط الضوء هنا علي أمثلة ايجابية من شبابنا الأردني الوطني والواعي في استغلال هذه الأدوات التكنولوجية ومواقع التواصل الاجتماعي لنشر الوعي ومعالجة قضاياه علي منصاتها.

فعلى سبيل المثال لا الحصر برز أحد الناشطين الشباب والمدونين المعروفين، وهو الناشط الاجتماعي د.زيد السمكري والذي يعد مثالاً إيجايبا يحتذي به. حيث يحظي بمتابعه وتفاعل عشرات الآلاف من جيل الشباب علي منصة انستغرام المملوكة من قبل موقع فيسبوك. فقد برع السمكري باستخدام أحد الأدوات الحديثة والتي تسمى بال "بث المباشر" على صفحة الموقع لنقل قضايا مجتمعية تعد من التابوهات المحظورة في مجتمعنا العربي، كقضايا التحرش والاغتصاب والسفاح وغيرها من القضايا الشائكه والحساسة. حيث اكتسب ثقة كبيرة من متابعيه قرر عددا منهم الافصاح عن قضاياهم الحساسة تلك مع الحفاظ على سرية هويتهم الشخصية.

في أحد فقرات البث المباشر التي رصدناها على موقع انستاغرام والتي حققت أعلى نسبة مشاهدة في ذلك التوقيت حسب تصنيف الموقع، قام بطرح قضية فتاة لجأت لصفحته هناك مفصحة عن أفكار استعدادها تسميم شقيقها نتيجة التعنيف الجسدي الذي تتعرض له حيث قام هو والمتابعون للبث المباشر حينها بثنيها عن ذلك وإرشادها طريق الصواب وتحويلها للجهات المختصة متمثلة بدائرة حماية الأسرة وتم بذلك بنجاح. وفي أحد الفقرات تعاون وبمجهود جماعي مع المتابعين لديه بايجاد حل آمن، شرعي وقانوني لفتاة ضحية اغتصاب تبلغ من العمر ١٦ ربيعا تفكر بالانتحار نتيجة حملها خارج إطار الزواج وتم تحويلها للجهات المختصة.

تتعدد أمثلة ايجابية مماثلة في استخدام مواقع التواصل من قبل شبابنا، نتفائل حين نرصدها، إذ أن انسياق شريحة واسعه من الشباب اليافع وراء شخصيات مؤثرة إيجابيا والاقتداء بهم بدل الهرولة وراء سخافات أو جماعات مضللة ذات اجندات ظلامية مؤشر مريح في هذه المرحلة.

من اللافت نزوح العديد منهم عن المنصات الاعلامية التقليدية في طرح قضاياهم تلك والاستغناء عنها بالهواتف الذكية بين ايديهم فلم تعد البرامج الإذاعية مثلا أو حتي تلك التلفزيونية تحظى بنفس الاهتمام وزخم المتابعة لجيل استبدل القلم بلوحة مفاتيح أجهزته المحمولة واستبدل شاشة التلفاز وأثير المذياع بشاشة الجوال وسماعاته اللاسلكية.

إن مواكبة التقدم والتكنولوجيا ضرورة ملحة لكافة الشرائح ولا تقتصر علي جيل الشباب. وأصبحت مواجهتها كمواجهة أمواج التسونامي العاتية وضرباً من ضروب الخيال.

وعلي الاجيال المتقدمة ذات الخبرة أن تدرك هذا الواقع الجديد وتنفتح عليه وأن تلعب دوراً هاما وفعالاً بتوعية الشباب بضرورة التحلي بالمسؤولية المجتمعية والوطنية في كل نقرة زر علي أجهزتهم المحمولة.. فإما تكون رصاصةً وإما حياة.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات