أمام الحكومة .. لا تتركوا الأجهزة الأمنية وحدها


كتب نضال سلامة - سجلت الأجهزة الأمنية كعادتها انجازا متميزا في مداهمة والقبض على منفذي العمل الإرهابي الجبان في الفحيص ، رغم الألم الذي أدمانا جميعا ، بارتقاء شهداء أعزاء على قلوب الأردنيين جميعا .

لكن هذا الإنجاز الذي تنحني له الجباه ، يدعونا الى التوقف مجددا ، والتساؤل مرات ومرات هل قدر للأجهزة الأمنية وحدها أن تعمل بكل قواها لاجتثاث الإرهاب ، والضرب بيد من حديد على كل خارج عن القانون ، محاولا زعزعة  الاستقرار ؟ .

ألم يأن للجهات الرسمية الأخرى أن تأخذ وبشكل عملي جاد موقفها من هذه الظاهرة التي شهدنا صولات وجولات حول تصدي الأجهزة الأمنية لها ؟ والى متى ستبقى تلك الجهات أسيرة الخطط والقرارات المطبوعة على الورق ، والتي لم تطبق بفاعلية وكما يجب .

الإرهاب لا عذر له ، ولا يجوز أن نختلق الأعذار ، لكن لا بد من وضع الأصبع على الخلل ، وإعادة التذكير بما هو من شأنه أن يوفر البيئة الخصبة للأفكار المتطرفة التي يغذيها الإرهاب ، ولعل أول موضع للخلل نؤشر عليه هو العامل الاقتصادي وسياسات التعامل معها .

نسبة كبيرة ممن يتم اصطيادهم وادخالهم في وحل الإرهاب يتم استغلالهم اقتصاديا من قبل رؤوس الشر ، فيتلقفون العاطلين عن العمل وذوي الدخل المحدود ، والذين وصلوا بفعل ظروف الحياة القاسية الى مرحلة كره ونقمة على المجتمع ، ويمدونهم بالأموال والخبائث ، بالتزامن مع تقصير الجهات الرسمية في تسهيل خلق فرص عمل لهم ، وزد على ذلك الغلاء الفاحش ، والضرائب ، وملاحقة المواطنين في قوتهم .

جانب آخر لا يقل أهمية عن الإقتصاد ، هو الجانب التعليمي التربوي ، والخلل الواضح في مناهجنا التي مسحت في غالبها بناء على خطط التحديث ، كل مايمت الى قيم الإسلام السمح ، أضف الى ذلك الافتقار الشديد الى الأساليب التربوية الجاذبة والهادفة لغرس قيم الدين الحق ، وتشجيع الطلبة على ملْ أوقاتهم بما هو نافع لهم وللمجتمع ، و تنمية مواهبهم ليكونوا لبنة بناء للوطن .

جانب ثالث هام لا يقل عن سابقيه يتعلق بالتعامل مع تربية والأطفال والجيل الناشئ ، خاصة في عمر المراهقة ، وتركه يسبح في عالم التكنولوجيا ومواقع التواصل التي تعرض الأفكار المسمومة ، والغث والسمين ، بلا رقيب عليهم ، سيما الألعاب والأفلام التي من شأنها تنمية ثقافة العنف ، والكراهية ، ولسنا بعيدون عن ألعاب الحوت الأزرق وغيرها التي شهدنا عددا من الحوادث الإجرامية بسببها .

وجانب رابع على تماس مباشر مع المجتمع وهو جانب خطباء المنابر في المساجد ، الذين للأسف بحكم سياسة الأوقاف ، تخلوا عن معالجة القيم الجوهرية بخطبهم ، وانتقلوا الى مواضيع كما يقال عفا عليها الزمن ، وأكل عليها الدهر وشرب ، أضف الى ذلك استبعاد أصحاب الفكر النيّر المعتدل عن المنابر ، وتوليتها الى كثير يفتقرون المؤهلات الكافية لاعتلائها.

جوانب كثيرة يجب الوقوف عندها بجدية ، تغذي الإرهاب ، ويقتنصها أصحاب النفوس المريضة لبث سمومهم ، والقيام بأفعالهم النجسة ، وآن الأوان على الجهات الحكومية المدنية كافة أن تتبوأ دورها عملا قبل القول ، و لا تكتفي بإلقاء الحمل على أجهزتنا الأمنية ، وتتركها وحدها في الميدان .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات