اطفال الشوارع .. جريمة نكراء بالمجتمع؟


كانت كالملاك تتجول بين السيارات على اشارة شركة اورنج باتجاه سوق الرابية... تطرق النوافذ التي تستطيع الوصول اليها بيديها الناعمتين ثم تنظر الى من يفتح لها نافذته بعينيها الصغيرتين و كانها تقول بتعابير وجهها المليئ بالبراءة "اتريحني من حر الشمس الكاوي في هذه الظهيرة القاسية و تشتري مني العلكة؟"... و اذا رفض نظراتها المتسائلة تقدم له علبة العلكة و تقول له "يا عم اتشتري مني؟"...

طولها كان اعلى قليلا من ارتفاع غرفة محرك السيارات و عينيها كانت عسلية جميلة... شعرها كان اسود اللون و بشرتها حنطية غامقة الطلة بعض الشيئ.، فظننت في بادئ الامر انها من السرحان على الاشارات الضوئية في الشمس... و لكنني نظرت بالصدفة الى راحة يدها اليمنى حينما مدة يدها لتعطيني العلكة...كانت متسخة بعض الشيئ... و كان شعرها الناعم الذي يصل عند كتفيها غير مرتب و رطب من التعرق و الاتساخ... المسكينة...

لا اعلم من كانت هذه الصغيرة المهملة السارحة وراء رزقها ببن خطورة السيارات و المركبات الثفيلة عند اشارات شركة اورنج... و لكن لم يغب منظرها و هي تستعطي عن ذهني... مما يحفزني لأضع المجتمع عند ضميره و السلطات المعنية بهذه الظاهرة بالمملكة الاردنية و خارجها و في اي بلد عربي تكثر به اطفال الشوارع... اليس هنالك قوانين تجبر اهل هذه الفتاة على ارسالها الى المدرسة... و ان وجدت هذه القوانين لماذا لا تنفذ؟... مستقبل هاؤلاء الاطفال يتم اغتياله كل يوم و المجتمع يغض الطرف و يتناسا اوجاعهم و اوضاعهم فاذا لم يتوفر لدى اهلهم الضمير او الثقافة لارسالهم الى دور العلم لتلقي العلوم المختلفة... الا يجب ان يكون هنالك قانون رادع ينهي هذه الظاهرة...العلم نور و هدى للانسان و المدارس الحكومية و ان كان هنالك المآخذ عليها افضل لهم بكثير من التوهان العبثي بين خطر السير ليبيعوا السلع المختلفة... فهل نرى يوم من الايام تطبيق لقوانين رادعة تريح هاؤلا الملائكة الصغار من عذابهم...

الاباء يأكلون الحصرم و الابناء يضرسون... اخطئوا اهالي هاؤلاء الاطفال فربما انجبوا اطفال لم يستطيعوا اعالتهم... فكانت النتيجة ما نرى من حين لآخر في الشوارع... او ربما قد تكون الرواية ان عائلة من الطبقات الفقيرة قد تفككت و دخلت على العائلة زوجة اب قاسية تجبر اولاد زوجها على هذا الامر المر... او ربما قد يكون الفقر مع قلة الثقافة... ايهما كان السبب... ممارسة الرحمة لأجل انسانية هاؤلاء الاطفال واجب و ثوابه عظيم عند الله... فلطالما كان التعليم المدرسي مجاني بالمملكة فهو حق للجميع... و بمتناول الجميع... فإكمال تعليم تلك العينات من المجتمع في اضعف الايمان الى مرحلة التوجيهي قد يساعدهم في التوظيف بوظائف جيدة بالمستقبل... ربما سيقول لي البعض هنا بان دخل اسرتها سيخف... و الاستعطاء يؤمن لهم دخل ممتاز... لا اظن بأن تأمين النقود عن طريق قتل انسانية الاطفال هو صواب مهما كانت الاسباب قهرية... فتحليل الجرائم مهما كانت الاسباب غير مقبول اطلاقا... فالآب الذي يريد مصلحة اولاده سيستبسل و هو يعمل ليساعد ابنته لتتعلم كي تصنع لها و لاسرتها مستقبل افضل و دخل افضل. .. اما ترك الاطفال بين خطر السيارات في كل يوم و في هذه التعاسه و ابقاءهم بهذه الاوضاع المزرية هو رميهم ببن انياب وحش مخيف لن يرحمهم... و هو في واقعه خطر عليهم و على المجتمع... فخطر الدهس قائم من جهة و خطر الانحراف و تعلم سلوكيات مدمرة قائم من جهة آخرى...و خطر التشرد يحدق بهم من كل ناحية مع تسكعهم الدائم في الشوارع... او كيف تنشئ الجريمة و كيف ينشئ المجريمين في مجتمعنا الا في هذه البيئات و بيئات مماثلة يكثر فيها الفقر و البطالة و قلة التعليم و الاهمال... فمعالجة اوضاع هاؤلاء الاولاد في سن مبكرة قد يوجههم نحو الخير و الصواب و قد يجنب المجتمع كارثة تزايد المجرمين و تفاقم مشكلة اطفال الشوارع....

اؤمن بأن على المؤسسات الاجتماعية و الدولة مسؤلية كببرة جدا تكمن بالتوعية و اجبار هذه العينات من الناس على ترك الشارع و مهنة الاستعطاء... و على اهل هاؤلاء الاطفال تحمل مسؤليتهم بتأمين ارزاق بديلة الى حين يكملوا اولادهم في اضعف الايمان مرحلة التوجيهي... فبهذه الخطوة سنكون قد ساعدنا بحل ربما سيكون قاسي على اهل الاطفال.... و لكن ليس بنفس قساوة ضرب مستقبلهم بعرض الحائط و استهتار تركهم بالشوارع... ثم هنالك مسؤلية متابعة دراسة هاؤلاء الاطفال من قبل الدولة و المؤسسات المعنية الى حين بكملون دراستهم... انه واجب قد يرهق المؤسسات...فقد تكون اعدادهم بالآلاف في الاردن و بالآلاف في بعض الدول العربية... و لكن في كل الظروف سنساعدهم بالتعلم ان الرزقة الحلال لها اصولها و بأن الشارع لا يربي نشأ صالح يساعد المجتمع في شيئ و بان تخفيض المجرمبن بالمجتمع يبدا منذ الطفولة حينما نساعد احد المحتاجين باخذ اول خطوة نحو بر الامان... اما ادارة الظهور و قول انه ما دخلي بهذا الموضوع و باننا كمؤسسات او افراد لن نستطيع حل مشاكل الكون و كل المشاكل الاجتماعية... الشماعات التي نعلق عليها تبريرات كسلنا هو اكبر و سيلة لتفاقم المشاكل...

الامل بحلول موجود ان اردنا العمل... و ان ادى كل واجبه على اكمل وجه... و ليس هنالك اروع من ثواب منع أحدهم من الانحراف و توفيىر له بيئة سوية و طبيعية قدر المستطاع للتنشئة...ام بغير هذه المفاهيم سنكون قد غذينا الامية بالسوق و المجرمين....و هذا ما لا نريده... لا يجب ان يتركوا هاؤلاء الاطفال لينحدروا نحو الهاوية... فهذه الهاوية سحيقة ليس لها قرار...الحلول دائما تأتي عن طريق المثابرة و برؤية متكاملة و بالايمان بأن انسانية البشر قيمة مقدسة يجب المحافظة عليها...



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات