من التراث (14) .. تعبيد شوارع قريتنا


اذكر في مطلع السبعينات ومضى من عمري وقتها عشر سنوات كيف كانت تمر مرحلة تعبيد الشوارع في قريتنا كفرنجة ...

فقد كانت الشوارع والطرقات قليلة ومقبولة العرض ويقوم على تأسيس الشارع للتعبيد متعهد تكون البلدية قد تعاقدت معه وكان يومها المتعهد من اربد فيحضر آلاته الخاصة بالتعبيد ويقوم بمسح الشوارع الخاضعة للعطاء وينظفها ويزيل الشوائب منها وتقوم القلابات بإحضار الحجارة لرصف الشوارع بحيث يتم ترتيب الحجارة على أرضية الشارع من قبل عمال مختصين برصفها بطريقة هندسية مرتبة ترتيبا رائعا وتكون الحجارة متساوية بالحجم تقريبا وذلك لتفادي النتوءات والتي قد تكون عائقا لسير العمل وتدحل الشوارع المرصوفة بمدحلة ثقيلة لتثبيت الحجارة المرصوفة بالشوارع.

وعند الانتهاء من هذه العملية يبدأ التجهيز للتعبيد ..وهي المرحلة الرئيسية الاهم في التعبيد بحيث يتم إحضار الآليات الخاصة بالتعبيد مثل الخلاطة والدنابر وهي قلابات صغيرة خاصة معدة لحمل الزفتة من موقع الخلاطة الى الشوارع المراد تعبيدها ويتم تفريغ حمولتها في آلة أخرى مخصصة لفرد الزفتة على الحجارة بشكل متساوي يتبعها عمال راجلين يحملون أمشاط وكريكات لمعالجة الاختلالات التي قد تنتج خلال سير العمل.

هذه الزفتة كانت تخلط في كفرنجة وأمام مبنى البلدية القديم بحيث يتم تحضير براميل الزفتة وأكوام كبيرة من الرمل وقطع كثيرة من الحطب و عجلات الكوشوك البالية المخصصة لإشعالها تحت براميل ألزفته ... فترى الدخان الأسود المنبعث من هذه النار وقد ملأ أركان البلدة جميعها .

وتبدأ عملية التعبيد ويكون يومها يوما غير عادي على أهل القرية جميعهم ..فهم في غاية الفرح والابتهاج وتعبيرا عن هذا الفرح الكبير تجد الأهالي وقد عمدوا إلى تقديم الطعام فطورا وغداءا كل يدلي بدلوه ناهيك عن أباريق الشاي التي تجدها هنا وهناك.

اما نحن الأطفال فلا احد اسعد منها وقتها ..فنتراكض على الشوارع الجديدة المعبدة فرحا وشوقا ..والتي تقدح نارا وبخارا ونتسابق عليها فرحين ولا يرجع احدنا الى المنزل الا وقد علق برجليه وملابسه بعضا من هذا الزائر الأسود ليقابل بلكمة وكف فجائيين على توسخ الملابس التي لا يذهبها الا الكاز وعلى توسيخ أرضية المنزل بالإسفلت الأسود .

تلك الأيام الماضية بلا عودة خلدت في أفق من حضرها ورسخت على جدار ذكريات الزمن .

فإلى ذلك الزمان وذلك المكان كل الشوق والمحبة وليت الزمان يعود يوما.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات