«مثلث برمودا» في اعماقنا


«مثلث برمودا» معروف تاريخيا لدى الجميع بابتلاعه للسفن والطائرات والبواخر التي تقترب من اضلاع مثلثه الممتدة داخل اعماق المحيط الاطلسي, وما زال اللغّز قائما حتى اللحظة لمعرفة الاسباب وراء ذلك الابتلاع والاختفاء في اعماقه,..ان مجرد سماع هذا الاسم كافٍ لوحده لأن يبثّ الرعب في نفوس الناس، وذلك لكثرة القصص التي تم تداولها عن هذه المنطقة الجغرافية الغامضة، والأخبار التي كانت تُذكر عن الحوادث بالمئات التي كانت تقع بمجرد الدخول إلى ذلك المثلث أو العبور من سمائه، سفن عسكرية وتجارية، طائرات حربية وأخرى لنقل الركاب، قوارب صيد وغيرها، كلها فُقدت فجأة وإلى الأبد، وبدون أي تفسير علمي أو منطقي لذلك، والأدهى من كل ما سبق، وما يزيد نكهة الرعب على هذه القصص المتداولة، هو معرفة آخر الكلمات التي قالها ركاب تلك السفن والطائرات المفقودة فيه من خلال فتح الصناديق السوداء وقراءة التسجيلات الموجودة فيها.

يبقى «مثلث برمودا» مثلث غامض في المحيط الاطلسي بثلاثة اضلاع متساوية, لكن في المقابل البعض منا يحمل غموضا في نفسه البشرية وبأكثر من ثلاثة اضلاع, وهنا تكمن المصيبة,..فهناك اشخاص ابتلعوا اموال اليتامى قهرا وظلما, وهناك اشخاص أكلوا لحوم إخوانهم احياء وميتين..فكرهناهم, وهناك اشخاص اختفت عندهم حقوق (ذا القربى) واكتفوا بصلة الرحم ظنا منهم انهم هم القربى!..«مثلث برمودا» الموجود في اعماقنا اخطر واصعب واقسى بكثير من مثلث برمودا الموجود في المحيط الاطلسي والمكون من منطقة جغرافية على شكل مثلث متساوي الأضلاع ومساحته حوالي مليون كم²، ويقع في المحيط الأطلسي بين برمودا، وبورتوريكو، وفورت لودرديل.

«مثلث برمودا» الموجود في اعماقنا طمس على قلوبنا واغلق على عيوننا غشاوة مانعا ايانا من اعطاء حقوق لــ(ذا القربى), وهذه الحقوق تشمل بالعدل دون المحاباة والتمييز تشمل الدعم المالي لدى المحتاجين عند الميسورين, وتشمل كذلك المودة‏,‏ والتزاور‏,‏ وحسن المعاملة‏,‏ والمشاركة في المسرات‏,‏ والمواساة في الشدائد‏,‏ ودفع المظالم‏,‏ وتحمّل التبعات‏,‏ وغير ذلك من أوجه التراحم بين ذوي القربي, كيف لا وجاء الخطاب من رب العالمين من فوق سبع سماوات حيث قال: (وآت ذا القربي حقه والمسكين وابن السبيل‏),..جميع العبادات ينبغي ان تدفعنا الى اتيان حقوق ذا القربي, وحقوق المساكين, وحقوق ابناء السبيل, كاملة غير منقوصة شريطة العدل بين كل هؤلاء وعلى الترتيب كما جاء في الآية الكريمة التي لم يتوقف عندها البعض بسبب تداخل اضلاع المثلثات عندهم.

بقي ان نقول: ينبغي ان نغيّر اتجاه بوصلة البحث والاستقصاء عن اسرار وألغاز «مثلث برمودا» الموجود في المحيط الاطلسي الى جهة «مثلث برمودا» الموجود في داخلنا واعماقنا, لأننا الاعنف في الابتلاع..ابتلاع حقوق الاخرين, والاشرس في الاكل..اكل الاموال بالباطل, والامهر في الاخفاء..اخفاء الحقائق, مع اننا نفترض ان العبادات كالصلاة والصوم والزكاة..., ينبغي ان تتكامل مع بعضها البعض وتتفاعل معا لتعمل على تنقية وفلترة «مثلث برمودا» القاتل والموجود في داخلنا واعماقنا, والمتستر خلف ضحكاتنا الصفراء المصطنعة.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات