من الخطة A الى الخطة B


استقبلت مصر عدة مؤتمرات للبحث في سبل تخفيف ازمات قطاع غزة بداية من لقاء العين السخنة الذي شارك فيه جموعة من النخب الفلسطينية من كافة التوجهات السياسية و الشعبية و لحق ذلك عدة مؤتمرات شملت معظم القوى في قطاع غزة ، مصر في تلك المؤتمرات حرصت على الا تمس الشرعية الفلسطينية و شرعية عباس والنظام السياسي الفلسطيني و لم يسمح لأحد ان يتطاول او يتحدث بألفاظ لا تليق بمستوى المطلوب من هذا المؤتمر ، تم البحث في هذا المؤتمر عن تعزيز دور منظمات المجتمع المدني و القوى الوطنية و الأزمات الاقتصادية و الصحية و البطالة التي يعاني منها القطاع بما فيها فكرة المنطقة الحرة و التبادل التجاري و كانت مصر دائما حريصة على المصالحة الفلسطينية ووحدة النظام السياسي الفلسطيني و استمرت في هذا الدور و الرعاية الى الإعلان عن المصالحة جديدة برعاية مصرية في اكتوبر عام 2017 و بذلت المخابرات المصرية دورا شاقا في رأب الصدع و محاولة التغلب على كافة العقبات التي قد تفجر اي نقطة توافق بين السلطة و حركة حماس ، و كان ما تم الاتفاق عليه كي لا نغرق في التفاصيل و في القضايا ذات الحساسية بالنسبة لحماس و باقي الفصائل المسلحة ان ينظر في هذا السلاح في حالة الاتفاق على حل سياسي للقضية الفلسطينية باعتبار ان الصلاح هو حماية ويقوم بدور الدفاع عن قطاع غزة ، في ظل وساطة مصرية كهدنة غير معلنة بين فصائل المقاومة و اسرائيل و ان تتم المصالحة بتسليم الوزارات و المعابر الى حكومة التوافق في حين ان شرط عباس و السلطة لاتمام المصالحة ووقف العقوبات التي قام بها الرئيس الفلسطيني تجاه غزة هو حل اللجنة الادارية الذي تطور بعد ذلك الى قضية التمكين و الخض فيها و في مستوى التمكين و بعد ذلك الخض في عملية التحصين الأمني .

الرئيس عباس و السلطة أثناء الوساطة المصرية للمخابرات المصرية انطلقت تصريحات مستفزة من عزام الاحمد و غير عزام الاحمد لا فك للعقوبات بدون تسليم قطاع غزة كاملا و عودة الولد لوالدة كما ادعو و ان غزة مختطفة و يجب السيطرة على السلاح في كل قطاع غزة و اخضاعها لقانون السلطة اي بشكل مباشر ان تخضع غزة للتنسيق الامني و هذا ما ترفضه حماس و قوى فلسطينية و فتحاوية ايضا .

لا نريد هنا ان نزيد كثيرا في تفاصل فشل المصالحة ، ولكن الإخوة المصريون لم يحبطوا ولم يفشلوا و كانت رؤيتهم (أن مصر مضى قطارها الى قطاع غزة و لن يتوقف و من يتخلف عليه اللحاق بهذا القطار) هكذا وعد المصريون في العين السخنة و غيرها ، فلن تقف مصر مكتوفة اليدين أمام املاءات اقليمية على الواقع الفلسطيني لدى الطرفين ، فمصر تقودها نحو غزة التزامات قومية ووطنية و تاريخية و ثقافية ايضا و هي تلك الروابط التي لا يمكن ان تتراجع او تتحلل سواءا لدى مصر او لدى الشعب الفلسطيني في غزة الذي هو مصري الثقافة و الهوى بالإضافة الى ان مصر هي البوابة الشرعية و العربية و القومية لقطاع غزة و هي التي تعبر عن انتماء قطاع غزة للعمق العربي بخلاف العلاقة الإقتصادية التي صاغتها اتفاقية باريس مع الاحتلال و الذي يطالب الشعب الفلسطيني بالانفكاك من تلك الاتفاقية التي تكرس الاحتلال .

مصر وعدت بأنها لن تترك قطاع غزة في أزماته التي تتصاعد يوما بعد يوم نتيجة حصار الاحتلال و عقوبات الرئيس محمود عباس فهي توفي بما وعدت و في اعتقادي ان الخطة المصرية كانت استخدام الخطة A في فك أزمات غزة و هي ابرام المصالحة الكاملة بين السلطة و حماس و لكن ان فشلت تلك الخطة لا يعني ان تترك مصر غزة غارقة في ازماتها من بطالة وتدمير للبنى التحية و فقر و قلة رواتب و انهيار للصحة و ازمة الطاقة المستفحلة .

فكانت الخطة B التي تعمل عليها مصر الان من فتح المعبر و استدعاء ادارة قطاع غزة المحلية لإبرام تفاهمات حول كيفية فك الحصار من تبادل تجاري و منطجقة حرة و فك أزمات الطاقة بعدة مشاريع و استخدام قوتها و موقفها المحوري في المنطقة للوصول الى ابرام تلك الاتفاقيات و بعلم الاسرائيليين .

لماذا مصر مرة اخرى تتحرك للخطة " ب " صر كما ذكرت تعمل بما يتطلب و يحتاج امنها القومي و الاقليمي و خاصة ان لا تترك غزة لقوى اقليمية اخرى او انفجار القطاع الذي قد يخلف نوع من الفوضى و الفلتان و الارهاب الذي لا يمكن السيطرة عليه وبالتالي يحدث ضرر لجميع الاطراف ، اما القضية الاخرى فهي الحالة الاندماجية بين سكان قطاع غزة و مصر من نسب و علاقات تاريخية و اجتماعية متداخلة و ثقافية لا يختلف عليها المصري والفلسطيني ، فالفلسطيني يعتبر مصر هي قلب الامة العربية و تعزيز دولتها الوطنية في المنطقة هو سبل احياء اي فضاء عربي باإضافة الى الفائدة الاقتصادية في التبادل التجاري التي قد تصل في بدايتها الى 3 مليارات دولار و تعود بالفائدة على الشعبين .

و لكن نريد ان نذكر هنا المجهود الخارق الذي قام به القائد الوطني و النائب محمد دحلان و النائب سمير المشهراوي في التحضير لتلك التفاهمات و دعم المجهودات المصرية في الدفع بالمصالحة بين السلطة و حماس هذا من ناحية و من ناحية اخرى الدفع بالتيار الاصلاحي لحركة فتح بالتجاوب مع اي اقتراح مصري لابرام المصالحة الفتحاوية الفتحاوية التي تعنت و رفضها محمود عباس ، بالاضافة الى دعمهم المباشر لأي مجهود او مشاركة في تخفيف ازمات غزة و تهيئة القاعدة الشعبية لوحدة وطنية من خلال الوصول لحلول مع اولياء الدم و الوحدة المجتمعية و اغلاق ملفات الماضي مما يؤسس لوحدة وطنية خارج نطاق التشرذم و التحزب و كانت باكورة هذا العمل تتمثل في لجنة التكافل التي طرقت كل الابواب و كل المدن و القرى في قطاع غزة سواءا على مستوى الجرحى او الشهداء او طلاب الجامعات او اسناد الفقراء بشكل مباشر ، فكانت تفاهمات القاهرة ايضا هي البوابة للوصول الى الحل الامثل بالشكل الانساني بدون الخوض في المشاكل الوطنية والسياسية و المفارقات و التناقضات .

مصر اليوم استدعت وفدا من ادارة قطاع غزة الذي تقوده حماس للمضي قدما في فك ازمات قطاع غزة و البحث في سبل تنفيذ بعض الرؤى لفك هذه الأزمات و لم تتجاوب مع طلبات محمود عباس و السلطة التي تحرض على مزيد من حصار القطاع و كما يقولون من اجل اخضاع حماس في حين ان حماس و ان تأثرت فلن تتأثر كثيرا فكانت عقوبات عباس مسلطة على ابناء فتح من الدرجة الاولى و موظفيها و على القوى الوطنية ايضا لاضعافها و في حين ان الرؤية المصرية ايضا و بعد ان نشرت حماس وثيقتها و تعاونها مع القوى الوطنية باعتبار انها حركة تحرر وطني والخروج عن دائرة الاخوان لاقت استحسان من مصر و على قاعدة التعاون الامني لمواجهة الارهاب في شمال سيناء باعتبار انه يضر بالحالة المصرية و الفلسطينية معا .

هكذا مصر تحركت و تتحرك و بدعم من القائد الوطني محمد دحلان و كل القوى الحية في لقاء على مصلحة الشعب الفلسطيني اهل غزة المحاصرين و كما قال الاخوة المصريين " القطار قد انطلق و لن يتوقف ".



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات