سيناريو ما بعد القانون


«احرص أن تدفع ضرائبك وإلا ستتعرض لمشاكل كبيرة» – ريتشارد نيكسون.
القانون المعدل لضريبة المبيعات أصبح أمام مجلس النواب على الرغم من المعارضة غير المسبوقة من الشعب الأردني، الذي يخوض تجربة ستفتح المجال لمواقف أكثر تنظيما وتأثيرا في المستقبل، وعلى الدولة الوقوف مليا على ما يحدث وتقييمه لأنه برأيي أمر خطير.
سيصل البرلمان إلى صيغة معدلة للقانون، وسيقر في نهاية المطاف على الرغم من التحذيرات الخطيرة التي أطلقها خبراء الاقتصاد من تكريس الركود وهروب رؤوس الأموال وإضعاف القوة الشرائية، وهنالك تبعات أخرى لا تقل خطورة بعد إقرار القانون، لنراها سوية.
أُجبرت ألمانيا على دفع تعويضات عن الحرب العالمية الأولى مولتها من الضرائب فكانت النتيجة انهيار الاقتصاد وتركز المال في أيد قِلة من الناس وتراجعت الطبقة المتوسطة مما كان أحد أسباب الحرب العالمية الثانية.
يعرف الناس هنا كما عرف الألمان أنه يجري استغلالهم من النخب السياسية من خلال فرض ضرائب مرتفعة ضمن سياسات فاشلة لم تؤد إلا لزيادة المديونية وتراجع الاقتصاد وزيادة ضنك الحياة، فهل تعديل القانون سيغير كل ذلك؟ بإجابة واضحة طبعا لا، فالتاريخ يعلمنا خلاف ذلك!
ستستمر النخب السياسية بملء أرصدتها وستسحق الطبقات الفقيرة وسيهدد الفقر الطبقة المتوسطة، ونتيجة لاقتصاد راكد سنرى انخفاضا في الأجور وزيادة في نسب البطالة.
عندما تعاني الاقتصاديات ينهار النظام الاجتماعي، فكل نظام اجتماعي مستدام يتمحور حول طبقة وسطى واسعة، وعدد قليل من الأغنياء وعدد أكبر قليلا من الفقراء، ولكن في الركود أول ما تتأثر الطبقة الوسطى التي تبدأ بالسقوط في براثن الفقر، ويعاني الفقراء أكثر ويزداد الأغنياء ثراء، فيبدأ النظام الاجتماعي بالتفكك، وتفقد المجتمعات الثقة والأمل والانتماء.
ستصبح المجتمعات أكثر تعاسة وأقل ارتباطا وستضعف الروابط الأسرية، وسيسود العداء والغضب ليصبح المجتمع مجتمعا مفترسا، فالناس سيَلتهم بعضهم البعض وسيحل الارتياب محل الثقة.
عندما ينكسر النظام الاجتماعي ويتشاءم الناس ويفقدون الأمل ويشعرون بالضعف واليأس ويرون أن حياة أطفالهم ستكون أسوأ من حياتهم.
أليس هذا ما بدأنا بلمسه في وطننا الحبيب؟
لنكمل باقي السيناريو.
كل ما سيحدث سيفسح المجال لظهور قادة جدد يطلق عليهم الديماغوجيون أو الدهماء، يستغلون هذه الظروف، هم في العادة غير عقلانيين، سيقولون أشياء عظيمة ويبثون الشعور بالتفاؤل والأمل وسيتلاعبون بالناس، وسيركض الناس وراء الشعارات البراقة والوهم الذي يبيعونهم إياه.
نتيجة سياسة هؤلاء الدهماء هو الفشل المطلق وظروف سياسية واقتصادية أصعب كثيرا.
إن تطبيق نفس الأيدلوجيات السابقة المبنية على الضرائب ومصطلحات كعجز الميزانية ومعدل النمو وارتفاع الدخل القومي قد أثبتت عدم فعاليتها، فلماذا التوسع به؟ أعطوا الناس معنى للحياة، أعطوهم الكرامة وابنوا التفاؤل، ما يحصل حاليا يدعم التطرف وسندفع كلنا ثمنا خطيرا.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات