أسطوانة اكسجين تنفجر في رأس الحكومة



الأردن اليوم يواجه أزمة عميقة بسبب اهمال وفساد تم في مدينة العقبة نتيجة انفجار أسطوانة اكسجين اثناء هدم مبني صوامع الحبوب في الميناء أدت الي مقتل ست من العاملين وجرح تسعة اخرين.

وفي الوقت نفسه، ما زال نموذج الصمت والتغطية والتبرير الحكومي للمصائب والفساد هو الخيار الوحيد الممكن لديها واسطوانتها المشروخة التي تصدح بها مع كل حدث جلل.

أصبحت أفعال الحكومة تماثل الأسطورة في "عدم الصدق" وتشويه الحقائق واخفائها، وجعل الدفاع عن المهملين والقتلة مهمة حياتيه لبناء نظرية بقاؤها في السلطة وغير معروضة للبدائل. هكذا تظن الحكومة.

لقد حان الوقت لفتح الأبواب والنوافذ في كل الأردن والسماح لرياح المعرفة البديلة للحقائق من خلال ضرب موجع لكل من يستهتر بالشعب.

والتساؤل كم بلغ ثمن تنفيذ عطاء الهدم وما هي بنوده وكيف تم تسعيرها؟ وكيف تم قبولها ؟، هل فعلا خمس وسبعين مليون دينار ام عشرة ملايين من الدنانير؟ وما هي أسس التسعير؟

مفتاح القضية الإهمال وغياب الحقائق وأسس السلامة الهندسية

هذا هو مفتاح القضية والتي يشتم منها رائحة فساد كم صرح ٫نائب العقبة " الرياطي" ويجب ان تكون بداية واول خيط في التحقيقات، وبعدها التحقيق في شروط السلامة وماذا كتب في كراسة الشروط ومتطلبات المقاول للالتزام بها وما أخل به مقاول الباطن علما ان المسؤولية تقع علي المقاول الرئيسي ومقاول الباطن معا المنفذ، حيث يجب فورا القاء القبض عليهما وللمحكمة ان تقرر الافراج بالكفالة او الحبس الاحتياطي للانتهاء من تحديد المسؤولية عن الإهمال الذي ادي الي مقتل العاملين ومن ثم الحكم حسب القانون، و ليس فقط المقاول الفرعي لان المسؤولية شاملة و المقاول الرئيس هو المسؤول الأول عن كافة مقاولي الباطن .

ايضا من حق الشعب ان يطلع على تقرير المعمل الجنائي وتنشر التفاصيل دون أي تغطية او حماية للفاعل، ان يطلع علي طلب النيابة والتحقيقات التي قامت بها الشرطة؟ ما هي الظروف والملابسات من كافة النواحي وكيف تم التعامل مع الحادث لمنع الخطر واخماد الحريق؟

اين الرقابة والاشراف على التنفيذ في الموقع؟ لا يكفي القول شرارة غبارية او غيرها؟ لا بد من التحديد والوصف الكامل لتكييف الوضع القانوني وأسس المحاكمة.

و اود الإشارة هنا ان أسعار الهدم معروفة عالميا و محليا و مصنفة، و منها مثلا هدم الصوامع، المرائب، والمرافئ، والسقائف، والشرفات، والطوابق، والستائر، والتجديدات، والمدافئ، و النوافذ و / أو الأبواب، وأنظمة الحماية من الحرائق، والجدران الاستنادية ، ومواقف السيارات (بما في ذلك أماكن وقوف السيارات في مواقع البناء) ، والطوابق النصفية ،و المصانع و خطوط الإنتاج و في مكاتب المصانع القواطع و التدفئة و التبريد، قواعد الماكينات والحفر والرافعات وحمامات السباحة السكنية في الفلل و غيرها. اين كل تلك الاعمال من كراسة الشروط والمناقصة؟، اين الدور الهندسي والعقود؟

هل يعقل غياب كل هذا ا التغافل كان مطلبا ذات يوم؟، هل غاب القانون عن الدولة؟

اين دور وزارة الاشغال ودائرة العطاءات ت عن هذا المشروع؟ واين دور وزارة النقل المالكة للمشروع؟ واين سلطة العقبة وغيرها من مؤسسات الدولة؟ التحقيق يجب ان يشمل الجميع خصوصا ما يتعلق بموافقات الإحالة أولا والهدم ثانيا وليس فقط المقاول؟



اين هي لائحة شروط السلامة العامة لهدم وإزالة المباني والصوامع والمصانع؟

الكل شريك في الإهمال وفي قضية القتل الناتج عن الإهمال؟


لماذا تختلف هذه الأزمة الحالية عن أي أزمة سابقة؟

لأن هذه الأزمة اتخذت طابعًا شاملاً ودائمًا ذهب ضحيته أرواح، وأصبح تفسيرًا لكل شيء خاطئ يتم في استباحة الوطن بتغاضي الحكومة عن قول الحقيقة، فالرواتب تآكلت، أموال الضمان الاجتماعي تتراجع، الرعاية الصحية للأسواء، الديون أخرجت الدولة من مفهوم السيادة، قانون الضريبة المعدل الجديد جنائي وليس ضريبي ولصالح متنفذين للتهرب مما عليهم من مستحقات سابقة حسب المادة ٣٨، والحكومة طردت العديد من وظائفهم، وسلبت أرادتهم للعيش، وساهمت في افقار الدولة وزيادة ثراء المنتفعين.

هذه الازمة برمتها جعلت الأردن أكثر ضعفا، وهي ازمة لا تتعلق بأعداد القتلى ولا الأشخاص وانما بنظام الحكومة نفسها وطريقها الذي انتهجته الذي استبدل الخوف باليأس حتي تفعل ما تخطط له وهو أسوء أنواع الاضرار بالدولة و المواطن..
.
انها الأزمة التي صنفها البعض انها الاجتماعية، ولكن البعض يري انها سياسية وتهدد المجتمع الأردني والدولة الاردنية.

التهديد الأول هو خلل في نظام الدولة التي يجب ان توفر الامن والسلامة والحماية، فغابت اسس السلامة وغابت شفافية طرح العطاءات وظهر فساد الإحالة والأسعار الخيالية لمشروع هدم الصوامع.

التهديد الثاني هو زعزعة استقرار الديمقراطية، حيث يمنع النشر في اغلب القضايا، ويظهر تطور التوتر بين الحكومة والشعب مع اول اشاره للواقع على مواقع التواصل الاجتماعي الذي أصبح متنفسا وبديلا للأعلام الحكومي المتردي في غياب مقصود لمناخ الحريات العامة حسب الدستور. وطالما كان هناك مناخ يظلم فيه المواطن ويمنع من ابداء رايه وحق التظاهر ولا تقدم الدولة خدمات عامة، فلا يمكن للديمقراطية الاجتماعية أن تزدهر..

التهديد الثالث هو سلعة المعرفة. المعرفة حق للجميع ويجب أن تحقق للمواطن الامن والاعتمادية على المصدر الحكومي الذي فقد الثقة مرارا حيث لم تستثمر الحكومة بشكل أكبر في بناء الثقة الحيوية عوضا عن الاستثمار في "عدم المصداقية..

التهديد الرابع هو تدمير الانتماء. تدافع الحكومة بقوة وشراسة عن حدود جديدة للفساد وهيت تلاعب بقدرة المواطن الطبيعية على التحمل. وكثيرا ما نشهد الضغط الهائل الذي يفقد المواطن الانتماء خصوصا مع عدم المساواة. لحماية من ينافقها ويجاملها ويبادلها.

التهديد الخامس هو انخفاض قيمة العمل في المجتمع الأردني وإحلال عمالة غير محلية، وقصر الوظائف العليا والعمل وربطها بالانتفاعية كأداة للوصول إلى المراكز المتقدمة.، لم يحصل الناس على حقوقهم وتم اقصاء كل من يمكنه الاحتراف. العمل اليوم في الأردن - كأداة للحقوق المدنية - قد تآكل تماما وأصبح العمل غير مستقر ويتم تفكيك النقابات ضمن منهجية تدخل مباشر من الدولة..

التهديد السادس هو تجريم الاحتجاج الاجتماعي. الحكومة تفرض المزيد والمزيد من القوانين التي تحظر على الناس الخروج في الشوارع، حتى من أجل الاحتجاجات السلمية او لآجل لقمة العيش، وتسمح بها عندما تتهدد مصالحها الدولية ورغباتها الخاصة.

ما الحل اذن من وجهة نظر قانونية ووطنية مختلفة؟

ان الحكومة الحالية بتركيبتها وعقليتها غير مناسبة للتعامل مع هذا النوع من القضايا، لأنها تتعامل مع القانون باعتباره غائبا مغيبا، والا كانت قد احضرت من اتهم بسرقة الفوسفات وسجنت من أوقف واعترض سائق الباص وهو محمل بالركاب في طريقه الي اربد، ولم تكن لتأت بقاتل بعد ان امضي عقوبته وزيرا وغيرها من الاحداث.

و أيضا أي حكومة تليها غير مناسبة لإدارة الدولة طالما تتبع نفس النهج، لذا يجب تطوير نوعا جديدا من الحكومات " الحقيقية": صاحبة الإرادة الحرة التي تطبق القانون، وتعيش خارج تبعية صندوق النقد الدولي، وخارج نظام الدوائر الأمنية، وخارج نظام تدوير نفس الوزراء الفاشلين، خارج من تأتي بهم السفارات الاجنبية، خارج مفهوم " النيوو ليبرالي امريكن - صهيون"، خارج نظام النفعية و الشللية ، خارج كل من لا يهتم بالشعب و الوطن.

حكومة مستقلة وحرة ترفع شعار " الأردن للأردنيين حقا لا قولا" ويشعر كل أردني واردنية ان الحكومة تمثله وتعمل لصالح الوطن وصالح المواطن.

aftoukan@hotmail.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات