الأردن وفلسطين .. الاستعداد لقادم أسوأ


بقلم: ايهاب سلامة - الحكاية لم ولن تنته بنقل سفارة من مدينة محتلة الى مدينة مقدسة محتلة اخرى ..

ما بعد فاصل السفارة الامريكية، هناك أسئلة هامة يجب طرحها : ما هو مصير ما يسمى "عملية السلام" بعد اسقاط راعيها الرسمي الولايات المتحدة أهم ملفاتها وهي مدينة القدس المحتلة.. وما هو التصور الفلسطيني، ومن خلفه الأردني، لشكل المرحلة السياسية القادمة، وهل تبقى في جعبة المفاوض "الإسرائيلي" ما يضعه على طاولة المفاوضات، اذا ما قُدّر للأطراف الجلوس عليها لاحقاً ؟

وأيضاً .. هل يقبل المفاوض الفلسطيني، طيُّ ملف عملية السلام، دون مدينة القدس المقدسة ؟، وإن قبل .. هل يقبل الشعب الفلسطيني بذلك، ومن ورائه شعوب الامتين العربية والاسلامية .. ولو تم ارضاخ الشعوب كما أرضخت الان وسابقاً، هل تكون مخرجات عملية السلام النهائية برمتها كافية لانهاء "الصراع"، واستقرار المنطقة مستقبلاً، وكفى الله "المؤمنين" شر القتال ؟

من يقرأ المشهد جيداً، يدرك أنه تم اسدال الستارة على حدوتة السلام دونما رجعة، وأن التوصل الى حلّ سلمي مع كيان الاحتلال وفق التصور الامريكي العلني المطروح الان باسقاط مدينة القدس من الحسابات، والإكتفاء بكانتونات الضفة الغربية المحتلة، كمكتسبات فلسطينية مزعومة لعملية مفاوضات قاربت على الثلاثة عقود، لا يُفهم سوى أنه إطلاق رصاصة على رأس عملية السلام التي لم تعد تذكر سيرتها.

واذا سلمنا بأن الامور قد وصلت الى طريق مسدود .. هل ثمة تصور سياسي مستقبلي، فلسطيني وأردني، لشكل المرحلة السياسية القادمة ؟، وهل هيأ وأعد الجانبان نفسيهما جيداً للقادم الاسوأ، أم أن الأمور متروكة للتوقع والصدفة .. وهل يمتلك الطرفان أوراقاً بديلة يمكن طرحها على أرض اللعبة لاحقاً ؟

أردنياً، كانت اكبر الاخطاء التي ارتكبت بتوقيع اتفاقية سلام مع كيان الاحتلال قبل أن يوقع أهل مكة ذاتهم (الفلسطينيون) اتفاقيتهم مع "بني قريظة"، وها نحن الان ندخل في المشهد الاخير من فصول المسرحية مقيدين بسلاسل وادي عربة !

فلسطينياً، إن بقاء ما يسمى "السلطة الفلسطينية" دون حلّها، ضرب من الخيانة، بعد عقود من مفاوضات الذل والهوان التي لم تثمر سوى الغثاء، وبات يتحتم على شرفاء فلسطين حلّ سلطتهم التي ما عاد وجودها مبرراً، الا لمكاسب شخصية ضيقة لمن يجلسون فوق كراسيهم غربي النهر المحتل، وأصبح من الضرورة والشرف بمكان، العودة الى خيار المقاومة التي تخلى عنها رفاق اوسلو، وسلّموا ذقونهم لمحتل اوطانهم، وظنوا ان السلام مع أكبر كيان اجرامي عبر تاريخ البشرية ممكن، وخاب ظنهم، مثلما خيّبوا ظننا فيهم منذ أزمنة.

إن بقاء السلطة الوهمية الفلسطينية لا يخدم سوى الكيان الصهيوني وحده، الذي أصبح بفضلها كياناً غير محتل لاراضي الضفة الغربية، بل "جاراً وشريك سلام" لسلطة مزعومة لا تملك من أمرها شيئا،ً وغدا في حلّ من الاحتلال وتبعاته، ووضع مسؤولية الشعب الذي يحتله، في أعناق سلطة يحتلها أيضاً.

ان قضية فلسطين، هي مربط الفرس، ولن تهدأ المنطقة ومن خلفها العالم، دون اعادة الحقوق الفلسطينية المغتصبة، وكل السيناريوهات التي يتم فبركتها الان، لتصفية القضية، ما هي الا حقن تخدير لتأخير لحظة تصادم كبرى قادمة لا محالة.

ان محاولات طمس القضية الفلسطينية، وطيّها، لتغييب الحق وتغليب الباطل، لن تفلح أبداً، حتى وان بدت ممكنة في أرذل أوقات الامة وعصورها، الا أن ضمير ووجدان الشعوب لن يهدأ يوماً، وأقدس أقداسهم محتلة من أوسخ خلق الله اجراماً على البسيطة.

على الشعوب العربية الغافلة أن تدرك بأن عدوها الاول من أبناء جلدتها، قبل عدوها الصهيوني وترسانته الامبريالية، من حكام متواطئين يعملون على تكريس الاحتلال وتقويته وتدعيم أركانه ، يطبعّون معه جهاراً نهاراً، ويتسابقون الى مرضاته، والأولى أن تقصى هذه الأنظمة العميلة وتخصى، قبل أن توجه بنادق التحرير صوب صدور من يحتلون فلسطين ومقدساتهم.

إن ما يجري في دول المنطقة من قتل وتدمير وتقسيم، انما هو فيض من غيض لعبة كبرى، غايتها تكريس الاحتلال الصهيوني وبسط نفوذه وهيمنته، وابقاء دول المنطقة وشعوبها منشغلين باستنزاف دمائهم ومقدرات أوطانهم، ليبقى الكيان وحده متسيداً معربداً.

التواطؤ العلني، من أنظمة ودول عربية ضد فلسطين وأهلها ومقدساتها، خيانة تاريخية عظمى لا يمكن غفرانها، ومن الأولى أن تُصفّى الشعوب العربية حساباتها مع هذه الأنظمة التي ارتضت أن ينتعلها كيان الاحتلال، قبل تمكنها من محاسبة كيان الاحتلال ذاته ..



تعليقات القراء

شاهر السويطي
مدينة محتلة الى مدينة مقدسة محتلة اخرى......... فعلا كلها محتلة
16-05-2018 06:05 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات