الأزمة المائية العربية والنفق المظلم


 إن المنطقة العربية تصنف جغرافياً ضمن المناطق الجافة أو شبه الجافة وغلبة الصحراء على المنطقة وانخفاض نسبة الأمطار وقلة المياه الجوفية تجعل مشكلة المياه مشكلة قائمة وكبيرة وستصبح أكثر تعقيداً وستلقي بإنعكاساتها على الأمن العربي ومن ثم فإن أحد أهم التحديات التي سوف تواجه العرب تكمن في القدرة على الموازنة بين الموارد المائية والاحتياجات الحالية والمستقبلية المتنامية.

 فإن غلبة الصحراء على الوطن العربي وهي بما عرف عنها من انخفاض نسبة الأمطار وقلة المياه الجوفية تجعل الثروة المائية ذات الأهمية البالغة في هذه المنطقة من العالم هي التي تحملها أنهار كبرى في المقياس العالمي مثل النيل ودجلة والفرات وكذلك الأنهار الداخلية مثل العاصي والليطاني وهي في مجملها أو بالأصح في معظمها أنهار تتحكم في مجاريها ومنابعها بلدان غير عربية.

 وهناك ثمة تفصيلات تحيط بقضية المياه في الوطن العربي فهناك المسألة السكانية فهي في حالة زيادة مستمرة ونمو سنوي ومع كل هذه الزيادات السكانية ستتفاقم مشكلات ندرة المياه في الوطن العربي. حيث تعرضت أحواض المياه الجوفية ليس فقط لعمليات استنزاف كبيرة بل أيضاً إلى غزو مياه البحر بالإضافة إلى التلوث البيئي للمياه وسببه الأنشطة الصناعية ومياه الصرف الصحي والزراعي والصناعي.

 إن ما يجدر الإشارة إليه أن مسرح الصراع القائم في الدائرة التي تشمل منطقة الشرق الأوسط والمنطقة العربية يمتد من الخليج العربي شرقاً إلى أعالي النيل والبحر العربي جنوباً إلى الأطلس غرباً وأعالي الفرات ودجلة شمالاً ويشتمل هذا المجال الأرضي على جميع أحواض المصادر المائية في المنطقة وعلى أهم الموارد الاقتصادية والسياسية الأخرى وبخاصة النفط وأهم المنافذ البحرية في العالم.


 وتتحرك في هذا المجال خمس قوى إقليمية هي العربية الإيرانية التركية الأثيوبية الإسرائيلية وتتحكم بحركة هذه القوى وبالعلاقات القائمة فيما بينها. تحتل إسرائيل منها الحلقة المركزية تليها الحلقة الوسطى العربية ثم الحلقة الخارجية المحيطة وفيها إيران شرقاً تركيا شمالاً وأثيوبيا جنوباً.

 تعد المياه عنصراً مهماً من عناصر قوة الدول وهو من يسيطر على المياه يسيطر على الأرض ومن ثم يبقى الاحتمال المتزايد بأن تؤدي المنازعات على المياه إلى تغذية التوترات الإقليمية نابعاً من أن 15 دولة تتنافس الآن على الموارد المتناقصة لأنهار النيل والفرات والأردن التي تتحكم في كل منها دول غير عربية هي أثيوبيا وتركيا وإسرائيل على التوالي. هذا بالإضافة إلى أنه بسبب التوترات السياسية الموجودة حالياً لا تخضع هذه الأحواض النهرية لاتفاقيات شاملة لتقسيم المياه اللهم إلا حوض نهر النيل والحالة التي يمثلها نهر النيل إذا يبدو هنا الترجمة العملية لاستخدام أثيوبيا لمياه النيل كسلاح ضغط سياسي على مصر والسودان للجوء إلى الأساليب السلمية والدبلوماسية لتحسين العلاقات مع البلدين.

 talal_gerasa@yahoo.com                  



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات