لا يخرجُ إلا نكداً


حدثني صديق يوما وكان يعمل محاضرا في احدى الجامعات, حدثني قائلا: ذات يوم وكالعادة خرجت من البيت صباحا متنكدا دون سبب يذكر متوجها الى الجامعة لألقاء المحاضرات المخصصة لي ضمن البرنامج اليومي, وعلى الطريق نظرت الى ساعة البنزين فتبين ان السيارة بحاجة الى بنزين فقررتُ التوقف عند اقرب محطة وقود فاقترب مني عامل المحطة يلبس افرهول ازرق غامق مليء ببقع الزيوت وكان يبدو عليه اشراقة وابتسامة الصباح وبدأ حديثه معي بدردشة من طرف واحد حيث قال وبلهجة بلده المحلية (صباح الفل يا بيه, نوّرت المحطة, تامر بكم وانا خدامك),..يقول هذا الصديق تابعت مسيرتي الى الجامعة حيث اقتراب موعد المحاضرة, ولكن خطر بباله العديد من التساؤلات والتي منها: من الأولى بالنكد انا ام هذا العامل البسيط,..انا الذي اسكن في فيلا في حي راقي, وسيارتي اخر موديل, وراتبي ممتاز, والبس بدلة فاخرة على لون السيارة, واعيش مع زوجتي واولادي, ام هو الذي يبيتُ في احدى زوايا الكازية بعيد عن زوجته واولاده, يبيتُ بابرهول مليء برائحة وبقع الزيت, يبيتُ وفي جيبه قليل من النقود التي ربما لا تكفيه ولا حتي تكفي ان يرسلها لأولاده,..نعم من الأولى بالنكد هذا الدكتور الذي يعيش في وطنه ام عامل المحطة المغترب؟

حدثني زميل تربوي في احدى المناطق انه دخل يوما الى غرفه صفية وبالتحديد الصف الاول الابتدائي وكان هؤلاء الطلبة من الطبقات الثرية وينتمون لعائلات غنية, قال وجدت في وجوه هؤلاء الطلبة العجب العجاب في موضوع النكد,..قال وجدت ان نسبة النكد والظاهرة على سلوك ووجوه هؤلاء الطلبة كانت بحدود 75%, واكثر من ذلك قال لي احد الاشخاص انه كان بجلسة عامة فيها من الجنسين الذكور والاناث وتجمع هذه الجلسة فئات عمرية متعددة حيث ان لاحظ نكدا في وجوه وكلام هؤلاء المجتمعين بنسبة لا تقل عن 80%,...«فرويد» عالم نفس شهير وقد عمل على مجال النكد طويلا الا انه لم يستطيع بعظمته ومحاولاته العديدة اعطاء تفسير شافي وكافي للنكد, ولم يستطيع تحديد اسبابه وطرق علاجه, ولم يستطيع تحديد فيما اذا كان النكد موروث بالجينات ام مكتسب من البيئة, وبقي عاجزا عن تفسير هذه الظاهرة, كيف لا وقد اضاف اشهر علماء النبات والحيواني العالم الامريكي «ويليام بارترام» اضاف معلومة جديدة تقول هذه المعلومة ان هناك نكدا في بعض فصائل الحيوانات وبعض اصناف النباتات, وان هناك نوع من النحل لديه شيء من النكد لوحظ عليه من خلال صناعته العيون السداسية لقرص العسل وقد انعكس ذلك على طعم ولون ومذاق ونكهة العسل المنتج من قبل هذه العاملات اللواتي لديهن شيء من النكد, وان الملكة في تلك الخلية تنفر من هذا العسل في تلك العيون ولا تتغذى عليه الا بعد فترة من الزمن.

وبعد.., حتى الإعلام في هذا العالم الواسع لديه لحظات من النكد الإعلامي يمكن ان يلاحظه المستمع او المشاهد ببساطة في بعض البرامج, نعم هناك لحظات من النكد الإعلامي تجدها في بعض البرامج والمتمثلة في النشرات الاخبارية او في بعض النشرات الاقتصادية او ربما في النشرات الجوية سببها هو الإعلامي النكد بحد ذاته, وقد تنبهت الشركات المنتجة للأجهزة الكهربائية كالراديو والتلفزيون وذلك بوضع كبسة لتغيير القناة في المحطات التلفزيونية للتخلص من هؤلاء الإعلاميين النكدين في مثل هذه القنوات, ووضع بكرة تغيير المؤشر الذي يتحكم في اختيار أطوال الموجات والترددات الإذاعية في اجهزة الراديو لتنتقل بسرعة الى موجه وتردد اخر اقل نكدا, او تصميم باب خلفي من قبل المهندسين المعماريين في قاعات المؤتمرات الصحفية لهروب بعض الحضور من بعض اجواء النكد الإعلامي الذي يخيّم على الجلسة, والمتفحص للقنوات الفضائية يجد ان الطابع العام او السمة العامة لبعض هذه القنوات هو طابع النكد الذي يحمله بعض الإعلاميين لتصبح سمة المحطة او القناة التي يعمل بها,..ومن هنا جاء الإعجاز العلمي في قوله تعالى (وَالذي خَبُثَ لا يَخْرُجُ إلا نَكِداً) صدق الله العظيم.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات