لماذا لا يستقيل "المرضى" في المناصب العليا؟


حماسه مفرط، وهو يسألني: هل شاهدت محطة «المنار»؟… هل استمعت لخطاب السيد الأخير؟
هو صديقي «الشيوعي» دائم الإنتقاد لي بسبب قبولي الظهور على شاشات «الإخوان المسلمين» مع تركيزه على ذكر فضائيتي «اليرموك» و«الجزيرة».
هل شاشة «الجزيرة» فعلا تمثل الإخوان المسلمين؟ سؤال فني يخطر في ذهني أحيانا، فنحن نرى على «الجزيرة» أخا مسلما وأخا ملحدا، ومتحدثين بإسم جيش الدفاع الإسرائيلي أحيانا ويساريين يهودا وأشخاصا لا نعرفهم يصرخ فيهم فيصل القاسم أو يصرخون به في «الإتجاه المعاكس».
أعود لقصة صاحبنا الشيوعي، فعندما نتحاور في المسألة السورية يعدني بوحدة تلفزيونية متخصصة بالبث المباشر ستنقل للعالم واقعة إعدامي وتعليقي في ساحة المرجة في دمشق من «منطقة حساسة» على إعتبار موقفي السلبي «المتعاطف مع أعداء الأمة»، بسبب انتقاداتي للشبيحة في سوريا.

شيوعي داعشي

تخيلوا العقاب، الذي يقترحه شيوعي أردني؟ أكاد أقسم أن صديقي تتلمذ على يدي أبو بكر البغدادي.
لكن إنحيازاته الشيوعية لا تمنعه من تأييد الطغاة… بالمناسبة السؤال مطروح فعلا «ما هو سر شغف وتعلق الشيوعي العربي بحكام طغاة؟!
يساريون وتقدميون مثلا في عمان يؤيدون حكم العسكر في مصر ويؤيدون أحكام الإعدام الجزافية ضد المعارضين المصريين، فقط نكاية بالإسلاميين، لكنهم يتظاهرون في بلدهم ضد المحاكم الاستثنائية في تعبير عن حالة فصام متقدمة.
ما علينا… حشرك في إحدى المعلبات السياسية والفكرية تقليد عروبي بامتياز خصوصا عند الخلاف.
واجهت التجربة نفسها عندما واجهني «خصم حواري»على شاشة فضائية «رؤيا» باكتشافه العبقري قائلا: من ينتقد البراميل المتفجرة، التي يلقيها بشار الأسد على أطفال دوما وإدلب عليه أن ينتقد صواريخ محمد بن سلمان ضد أطفال اليمن.
يا لطيف إجعل البلاء خفيف.. ما هذا الكلام الفارغ!؟
طبعا نحتقر الجرائم التي ترتكب ضد أطفال اليمن بالدرجة ذاتها، التي نمقت فيها الجرائم ضد أطفال سوريا… العقلية العفنة، التي تنتهك حرمة الأبرياء هي نفسها، سواء تقمصت لعبة «الممانعة والمقاومة» أو تسترت بغطاء الكعبة.
نعم هذه كيانات لا يمكنها – مثل إسرائيل تماما – «أن تكون على حق» ومشاريع بعضها الإجرامية غير منجزة ولا مستقبل لها وأيديها ملطخة كالصهيونية بالدماء.
هل أستطيع قول ذلك دون حماس أصدقائي من شريحة «رفيق» لإمطاري بالفكرة التالية: ليس الآن … سنقف معك ضد بشار الأسد عندما تنتهي الثورة وتتوقف المؤامرة… أي غفران يرتجى بعد كل هذا العهر السياسي؟
ما الذي يمنعني من الإيمان بسوريا الدولة والمؤسسات والتراب. والملاحظة في الوقت ذاته على أداء النظام وعمليات القصف الانتقامية الجماعية، التي لا تميز حجرا عن بشر.

مسلسل «باب الحارة»

دولة رئيس الوزراء في الأردن الدكتور هاني الملقي منزعج لأن حالته الصحية أصبحت أشبه بمسلسل «باب الحارة»… قرر التلفزيون الأردني أن لا يفوت فرصة التركيز إخباريا على هذا التعليق مع سلسلة لقطات وصور لمداخلات الرئيس ونشاطاته الرسمية، خصوصا في مساحة «استقبل وودع».
شخصيا، قدرت بان ملاحظة الرئيس في مكانها وإن كانت تثبت أنه متابع إستثنائي لمسلسلات «أم بي سي».
قلناها بصراحة ونعيدها … الحديث عن مرض رئيس الوزراء بصيغة «النكاية» مضاد لأخلاق الأردنيين ومؤشر خطر على إنهيار قيمي مجتمعي.
وبصراحة أيضا حظي الرئيس مع الإحترام بفرصته وينبغي أن «ينسحب» من المشهد الذي فيه «عمل وجهد كبيرين» لأن العمل في القيادة في الأردن ينطوي على مسؤولية عملاقة في ظرف حساس وصورة دولته تدلل على حاجته للاسترخاء والانصراف إنسانيا لعائلته، شافاه الله وكل مريض.
وينسحب الموقف على دولة الدكتور فايز طراونة، شفاه الله وعافاه، رئيس الديوان الملكي» … الأردن مليء بالطاقات والحاجة ملحة لمسؤولين قادرين على العمل لساعات طويلة جدا وبجهد جبار، ويمكن للرئيسين الملقي والطراونة «مواصلة خدمة الوطن» من مواقع آخرى «ليست تنفيذية» والانصراف للاستفادة – عن بعد- من خبرتهما الطويلة.
الإحسان لمن بذل وأعطى وخدم قيمة وفضيلة مهمة وإنسانية، لكن مصالح الوطن العليا قد تتضرر في حال الإعتماد فقط على «الوفاء» لمن شغل مناصب عليا والوفاء نفسه محمود ومهم، لكن العمل المجهد أهم في هذه المرحلة الصعبة وعلى الرئيسين التطوع بالاستقالة والانسحاب تجنبا لإحراج «الدولة والقيادة» ووفاء من جهتهما للوطن، الذي أعلى من شأنهما… والله من وراء القصد مع الاستنكار الشديد لأي محاولة خسيسة للتشفي بالمرض.

اختطاف المجالي

هل يخرجني مثل هذا الخطاب من الملة الوطنية؟ لا أفترض ذلك، لكن ملاحظتي التالية قد تفعل عند محترفي الدس وتعليب الإتهامات.
كبيرنا الدكتور عبد السلام المجالي كان بإمكانه الإفلات من قبضة الأجندة التي قررتها النجمة جيزيل خوري في النسخة الأخيرة من برنامجها المكرر والمتنقل عبر عدة شاشات، عندما أصرت على ترك كل ميراث الرجل المليء بالتاريخ والتركيز حصريا وبإلحاح على حادثة حصلت في بداية السبعينيات تعرض فيها الرجل للإختطاف على يد منظمات فلسطينية في ذلك الوقت.
لا يزعجني المطب، الذي زرعته زميلة بحجم جيزيل «في المشهد»، بل تورط البلدوزر العجوز المحنك بالاسترسال.

مدير مكتب «القدس العربي» في عمان



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات