تحية للدكتورة هاله سرحان


انها دكتوره مخضرمة في مجال البرامج الحوارية، تعلم كيف تمتعنى بأجمل حوار مع ضيوفها على الإطلاق، تجسد الإبداع بصورة عملية جميلة من خلال التنوع الذي نراه في فقرات البرنامج الذي تقدمه...من الفن الى السياسة الى الثقافة العامة الى الادب سارت في عالم الإعلاميين الكبار الى ان تعلم النضوج المهني منها الكثير لتعطيه معاني أجمل مما تخصه بها معاجم اللغة العربية...الترفيه المبدع من صفاتها من دون شك و الضجة الإعلامية لها معني أجمل حينما تصنعه بيديها...مثقفة متعلمة جميلة الطلة صاحبة شخصية و لا أجمل و تعلم جيدا كيف تستنبط المعلومة من ضيفها من خلال حوار موزون لا يمل منه المرء إطلاقا...فأين برامجها ايتها القنوات المصرية؟

أحببت لها برنامج ناس بوك، فكانت روحها بالبرنامج حلوة جدا، كان هذا البرنامج قبل ثورة 30 يونيو و القاهرة في أوج مشاكلها التي اشتعلت فيها بد ثورة 25 من يناير...جماعات متطرفة لم تعلم القاهرة لها مثيل تحكم البرلمان المصري و في كرسي الرئاسة...مُصَالَحَة مقفودة بين الحكومة الإخوانية و معارضة شرسة تألفت حينها من الليبراليين و اليساريين و بعض من السياسيين المستقلين و احزاب الإسلام الوسط، و كل هذا كان وسط شارع تملئه الحركات الثورية الشبابية حيث شكلت جناج سياسي كبيرا و مؤثرا...و اتسم السجال بين المعارضة و الدولة الإخوانية بإلتحام عنيف بين مؤيدي تلك الجبهات الجبارة في الشارع المصري وصل الى درجة اراقة الدماء من شدته و خشونته...و ميلونيات كانت تشحنها كل من الأحزاب المتشددة و المعارضة في ميدان التحرير و العديد من المحافظات المصرية لتقول كل منها للآخر نحن هنا و كل منا له وزنه و نستطيع صنع الفروقات ...و بين هذه الاعاصير الطاحنة التي سحقت في دربها السلام من القاهرة استطاعت الدكتورة هالة سرحان من خلال برنامجها ناس بوك محاكاة هذا الواقع المؤلم في مصر من خلال مقابلات كانت تجريها مع ألمع السياسيين و المثقفين و الفنانين في مصر، فكانت تلامس هذا الجرح الكبير من خلال طبيعة حلقاتها التي كانت تغطي شتى المجريات السياسية و الفنية و حتى مجريات الإنتخابات في مصر...فغطت السجال الواقع حول الحريات الفنية بنجاح حينما استقبلت بجرأة نادرة ممثلي كل من الأطياف السياسية و الدينية التي كانت مع و ضد الفنون و الثقافة بشكلها العلماني في القاهرة...و اذكر تماما حلقات ثمينة للدكتور عمار علي حسن استاذ العلوم الإجتماعية و ارائه السديدة في برنامجها مع اعضاء من الأحزاب الدينية السلفية و النقاش الحاد الذي كان يدور و كم كانت جريئة و مقتدرة في ادارة هذا النقاش الذي كان دائما يجسد حجم الكارثة التي كانت تشهدها مصر بحكم المتشديين.

و أذكر تماما فقراتها التي كانت تغطي فيها اراء الناس على صفحة ناس بوك...و أذكر تماما تغطيتها للإنتخابات المحلية في مصر...و أذكر تماما السهر الذي كنت أسهره و انا اتابع فقرات برامجها الشيقة...جدالات حول الحركة الديمقراطية و مستقبلها في مصر على ضوء المستجدات السياسية...نقاشات ثقافية حول وضع الحركة الفنية في مصر و مستقبلها في عهد الدولة التي كانت ملامحها الإخوانية ماوزالت تتبلور في عام 2012...كم كانت هذه البرامج شهدا إعلاميا تتفتح و تنضج اسبوعا بعد اسبوع في غزل الحركة الثقافية في دولة عريقة اغتصبتها الظروف الاستثنائية و جَرًحَتْها الأزمات المتعاقبة في عهد ثوري اخواني انتهى بمعركة عنيفة بين الفصائل الإخوانية و الجيش المصري الباسل...فالأصوات التي صرخت منددة بعزل الإخوان من حكم مصر ذوبتها أصوات الدبابات و البنادق التي غزت سينا لِتُطَهِرَها من عهد الإخوان البائد بعنفوانه الذي كاد ان يغرق مصر ببحر من الدماء و الحروب....و ها تشرق في الافق السياسي المصري شمس ديمقراطية بهية برعاية دولة و رجال دولة دقوا على صدورهم و حلفوا يمين كي يحيوا الدول المصرية من جديد...و نجحت الحكومات بعد ثورة 30 يونيو باخراج مصر من عهد غرفة الانعاش لتحيا الانتخابات الديمقراطية الموزونة من جديد...و اصبحت الحكومة في مصر قادرة على احكام سيطرتها على الحياة الاجتماعية و السياسية و الاقتصادية من جديد...و مع بزوغ هذا الفجر الجديد في مصر مازال ناس بوك عالقا في ذهني و اصداء صوت هذه الدكتورة الراقية مع ضيوفها يغازل صرخات الثوار في ميدان التحرير...و يغازل عصر اعتركت فيه الديمقراطية مع الدم و الانسانية مع حركات التشدد و الحرية مع لجام الدين و التشدد و الفجور مع الفن و الحريات و الابداع...فلولا وجود هذا البرنامح الذي كانت تحركه هذه الدكتورة حيث كان جزء لا يتجزء من حركات للحرية كان يتم اغتيالها على ايدي الاحزاب الدينية في مصر لكانت المعالم الاعلامية مختلفة و اسوء في هذه الايام...اين ذهبت يا دكتور و اين ذهب صوتك المثقف من الاعلام في مصر...ناس بوك يحتاج الى جزء ثاني و مصر تحتاج الى صوتك الاعلامي كثيرا...



إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات