ظاهرة السطو على المؤسسات .. إلى متى؟


الكاتب: عوض الصقر
تكرار ظاهرة السطو على البنوك والصيدليات في الآونة الاخيرة بشكل ملفت للأنظار، يضع إشارات استفهام كبيرة على الدوافع والمبررات ومن يقف وراءها وهل أنها حالات عارضة ناتجة عن الفقر والبطالة أم أن هناك قصور فعلي في المنظومة ألامنية والتشريعات ذات الصلة لردع الجناة أم أنها سيناريوهات محكمة للاطاحة بشخصيات معينة عن طريق خلخلة كياناتهم وأبراجهم العاجية وإظهار قصورهم أمام صانع القرار لتبرير إزاحتهم عن موقع المسؤولية واستبدالهم بآخرين أم ماذا.. أسئلة محيرة بحاجة الى إجابة واضحة ومحددة.

أسوق هذه المقدمة وأنا أتذكر قصة أبو شاكوس التى تكررت في تسعينات القرن الماضي حيث تم الاعتداء على عدد من الصيدليات والمحلات الكبرى وقد نجحت هذه الحملة المفبركة في الاطاحة بمدير الامن العام في حينه.

إذا كانت الرسالة هي نشر الفوضى وخلخلة السلم المجتمعي وزعزعة ثقة ثقة المواطنين والوافدين من مستثمرين وطلاب جامعات ومرضى فهي جريمة بشعة وخطيئة لا تغتفر ولا يجوز التساهل معها والسكوت عليها.

وبالمناسبة يتفرد الاردن بأنه الدولة الوحيدة على مستوى العالم التي تتميز بشراسة العنف المجتمعي من حيث حدوث المشاجرات بالهروات والاسلحة البيضاء وأحيانا الذخيرة الحية في المناسبات الاجتماعية وحتى المستشفيات والجامعات التي هي مصدر إشعاع ثقافي وفكري لم تسلم.. حتى في الدول المتخلفة في افريقيا وآسيا وأمريكا الجنوبية لا تحصل هذه الممارسات المشينة ليتم الاختباء بعدها وراء العشائرية والمتنفذين من نواب وأعيان ومسؤولين مدنيين وعسكرين.. هذه حقائق يجب أن نعترف بها شئنا أم أبينا، بدلا من نظل كالنعامة التي تضع رأسها في الرمال وتعتقد أنها في منأى عن القنص والصيد.

وعلينا أن نعترف أن هناك حالة من الاحتقان العام في الشارع وسببه الفقر والبطالة وغياب العدالة الاجتماعية والانتقائية في تطبيق القانون بموازاة الشعارات البراقة التي يطلقها المسؤولون بين الحين والحين وتجعلك تشعر كأنك تعيش في المدينة الفاضلة مثل النزاهة والشفافية والعدالة والقيم والسلوكيات المثالية.

ومع الاسف والأسى فقد امتدت ظاهرة الفوضى والعنف المجتمعي الى المستشفيات والمدارس فلا يكاد يمر يوما إلا ونسمع بأنه تم الاعتداء على طبيب أو ممرض أو معلم أو مدير مدرسة.. إذا ما هو الحل يا سادة يا كرام.. أليس منكم رجل رشيد؟.

أعتقد أن الحل يكمن في ضرورة تغليظ العقوبات وتشديدها وتطبيقها حقيقة ملموسة على أرض الواقع بدون محاباة وبدون مجاملة وأن يتم التشهير بالجناة عبر وسائل الاعلام والتواصل الاجتماعي المختلفة ليكونوا عبرة لكل من تسول له نفسه العبث بالامن والسلم المجتمعي.. وليس مجرد شعارات براقة يتم إطلاقها بين الحين والحين للاستهلاك المحلي.

أعتقد جازما أن الاوراق النقاشية التي أطلقها جلالة الملك وخاصة الورقة النقاشية السادسة تشكل خارطة طريق للخروج من عنق الزجاجة ومن هذا المأزق الحقيقي لتجذير مفهوم سيادة القانون ودولة المؤسسات وتعزيز مفهوم الولاء والانتماء الذي نتغنى به صباح مساء.

إن التواني في تطبيق القانون بعدالة وشفافية وكفاءة كما جاء في الورقة النقاشية، يؤدي إلى ضياع الحقوق ويضعف الثقة بأجهزة الدولة ومؤسساتها. كما أن تساهل بعض المسؤولين في تطبيق القانون بدقة ونزاهة وشفافية وعدالة ومساواة يشجع البعض على الاستمرار بانتهاك القانون ويترك مجالا للتساهل الذي قد يقود لفساد أكبر، بل إلى إضعاف أهم ركائز الدولة، ألا وهي قيم المواطنة.

هذا هو الحل ولا حل غيره ويكفينا شعارات براقة ومزاودات عقيمة وأختتم بحديث نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم: (ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة)، متفق عليه.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات