ماذا عن الانتصار السوري !؟


يبدو واضحاً لجميع المتابعين أن الجيش العربي السوري وحلفاءه قد استطاعوا أخيراً استعادة زمام المبادرة في الكثير من ساحات المعارك الممتدة على مساحات واسعة من الجغرافيا السورية، وبهذه المرحلة التي يتمّ بها بدء الاطباق على باقي مناطق تواجد المجاميع المسلحة في القلمون الشرقي ، والاستعداد لعملية عسكرية "سريعة وخاطفة" لتحرير بعض المناطق التي تتواجد بها بعض مجاميع النصرة وداعش جنوب دمشق ،وهذا الأمر ينسحب كذلك على أرياف درعا الشمالية والشمالية الشرقية والجنوبية الغربية.

والواضح اليوم أن تطورات الميدان الأخيرة وخصوصاً بعد تحرير غوطة دمشق الشرقية ، وانهيار مشروع ومخطط محاصرة وتهديد دمشق من خاصرتها من جهتي الغوطتين الغربية والشرقية،هذه العوامل بمجموعها تؤكد أن الدولة السورية استطاعت أن تستوعب وتتكيّف مع ظروف الحرب عليها ،وتتحكم بهذه الظروف وتوسع هامش مناورتها العسكرية وتوزع بحنكة اولويات التصدي لهذه الحرب بحنكة ودقة عالية ، فـ سورية الدولة صمدت أمام موجات عدة ، فقد كانت الموجات متعددة الوجوه والأشكال والفصول «اقتصادية اجتماعية ثقافية إعلامية دموية»، ومجموع هذه الأنماط هزم وكسر على أبواب الصخرة الدمشقية والسورية الصامدة.

وهنا يجب عدم إنكار أن الحرب على سورية التي كانت رأس الحربة فيها الولايات المتحدة الأميركية وربيبتها بالمنطقة «إسرائيل» الصهيونية وفرنسا وبريطانيا وشركاؤها من الأتراك وبعض القوى الصغيرة والأدوات الأخرى بالمنطقة، ساهمت بشكل كبير بمرحلة ما في إضعاف الدولة السورية، وقد كادت كثافة الضغط على الدولة السورية أن تؤدي إلى إسقاط الدولة السورية ككل بحالة الفوضى، لولا حكمة العقلاء الوطنيين من الشعب السوري بغض النظر عن مواقفهم السياسية، وقوة وتماسك الجيش العقائدي العربي السوري، وقوة ومتانة التحالفات الإقليمية والدولية للدولة السورية مع «روسيا إيران»، فهذه العوامل بمجموعها ساهمت في صد أجندة وموجات هذه الحرب الهادفة إلى إغراق كل الجغرافيا السورية بحالة الفوضى.

وهنا لا يمكن كذلك إنكار حجم ودور الرد السوري العسكري والإعلامي السريع وبحرفية على هذه الحرب للتخفيف من آثارها في المعادلة الداخلية السورية، فتسارع هذه الأحداث وتعدد جبهات القتال على الأرض والانتصارات المتلاحقة للجيش العربي السوري بمحيط دمشق وما يصاحبها من هزائم وانكسارات وتهاوي بعض قلاع المسلحين «المعارضين بحسب التصنيف الأميركي»، سيزيد بشكل واسع من ثقة المواطن السوري بدولته ونظامه وجيشه.

إنّ تسارع الأحداث والتطورات الميدانية، وتعدّد جبهات القتال على الأرض والانتصارات المتلاحقة للجيش السوري وما يصاحبها من هزائم وانكسارات وتهاو في بعض قلاع المسلحين، «المعارضين بحسب التصنيف الأميركي»، سيجبر الكثير من القوى الشريكة في الحرب على سورية على تغيير موقفها من هذه الحرب والاستدارة نحو التفاوض مع الدولة السورية، في محاولة لتحقيق وكسب بعض التنازلات عن المبادئ السورية الثابتة، لعلها تحقق ما عجزت عن تحقيقه في الميدان، وهذا ما ترفضه الدولة السورية اليوم وفي شكل قاطع، حيث تؤكد القيادة السورية والمسؤولون جميعاً، أنهم لن يقدموا لأميركا وحلفائها أي تنازلات، ويقولون بصريح العبارة «إنّ ما عجزت أميركا عن تحقيقه في الميدان السوري، لن تحققه على طاولة المفاوضات».

إن صمود سورية اليوم عسكرياً، ودعم حلفاء سورية لها عسكرياً واقتصادياً وسياسياً، وتوسع الجيش العربي السوري بعملياته لتحرير الأرض مدعوماً ومسنوداً من قاعدة شعبية تمثل أكثرية الشعب السوري، هذه العوامل بمجموعها ستكون هي الضربة الأقوى لإسقاط أهداف ورهانات الشركاء بالحرب على سورية، وبحسب كلّ المؤشرات والمعطيات التي أمامنا فاليوم ليس أمام الاميركيين وحلفائهم ومهما طالت معركتهم وحربهم على سورية إلا الإقرار بحقيقة الأمر الواقع، وهي فشل وهزيمة حربهم على سورية، والمطلوب منهم اليوم هو الاستعداد والتحضير لتحمل كل تداعيات هذه الهزيمة وتأثيرات هذا الفشل عليهم مستقبلاً.

ختاماً، وفي هذه المرحلة لا يمكن إنكار حقيقة أنّ حرب أميركا وحلفائها على سورية ما زالت مستمرة، ولكن مع كلّ ساعة تمضي من عمر هذه الحرب تخسر أميركا ومعها حلفاؤها أكثر مما تخسر سورية، ويدرك الأميركيون هذه الحقيقة ويعرفون أنّ هزيمتهم ستكون لها مجموعة تداعيات، فأميركا اليوم مجبرة على الاستمرار في حربها على سورية إلى أمد معين، ولكن لن يطول هذا الأمد، هي اليوم تقف أمام خيارين لا ثالث لهما، إما الحرب العسكرية المباشرة في سورية، أو الاستدراة في شكل كامل نحو التفاوض العلني مع الدولة السورية. وفي كلي الخيارين أميركا خاسرة، وهذا ما يؤكد أنّ الصمود السوري على مدى سبعة اعوام قد وضع أميركا في أزمة حقيقية وحالة غير مسبوقة من الإرباك في سياستها الخارجية، وهي أزمة ستكون لها تداعيات مستقبلية تطيح بكلّ المشاريع الصهيوأميركية الساعية إلى تجزئة المنطقة ليقام على أنقاضها مشروع دولة «إسرائيل» اليهودية التي تتحكم وتدير مجموعة من الكانتونات الطائفية والعرقية والدينية التي ستحيط بها، بحسب المشروع الأميركي.

إنّ صمود سورية هو الضربة الأولى لإسقاط هذا المشروع الذي يستهدف المنطقة كلها، وبحسب كلّ المؤشرات والمعطيات التي أمامنا ليس أمام الأميركيين وحلفائهم اليوم سوى الإقرار بحقيقة الأمر الواقع، وهي فشل وهزيمة حربهم على سورية والاستعداد لتحمّل التداعيات.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات