ردّا على مقال الرزاز .. ورسالة إلى أصحاب القرار


قبل أن يتعرف الوزير الرزاز إلى أن هناك تربية وتعليم تحتاج إلى تطوير، كنّا وزملاء كثر نجابه بإمكاناتنا المحاصرة، تخلف وتراجع نظامنا التعليمي وانحدار مخرجاته، ونجهد من أجل المساهمة والسير نحو نهضة تربوية تعليمية شاملة، وحين وصفناها بالشاملة كان استدراكا منّا لما قد يأتي به وزراء التربية من مشاريع قاصرة، حبيسة الأفق، ضعيفة الإرادة.
هذا القول لمن يحاول تحريف بوصلة النقاشات من حوارات علميّة مستقلة حول نظام تطوير التوجيهي إلى "سكتشات" تضليلية تظهر اختلافنا خلافا وخوفا من التغيير ورفضا للتطوير.
النقاش حول نظام التوجيهي صحيّ لو كانت وزارة التربية والتعليم وبكل مكوناتها تملك قراراها فيه، ولكن العكس هو سيّد الموقف للأسف.
بمقاربة بسيطة لسيل قرارات الرزاز وطريقة إخراجها يتضح أن الرجل لا يملك القرار الأول فيها، ولكم بعض المؤشرات:
الأول: تفاجؤ رئيس لجنة التربية والتعليم والثقافة في مجلس النواب، من صدور قرار مجلس التربية والتعليم بعد يوم واحد من اجتماع اللجنة مع الوزير؛ لمناقشة نظام التوجيهي الجديد والاتفاق على استمرار الحوار حوله، وحسب رئيس اللجنة فإن الوزير لم يشر من قريب أو بعيد خلال لقائهما إلى وجود اجتماع لمجلس التربية بعد أقل من 24 ساعة من زمن اجتماعهما، سيتخذ خلاله قرار نظام التوجيهي الجديد، ولم يستطع الرزاز تبرير ذلك.
الثاني: أحد أعضاء مجلس التربية والتعليم أكد عدم علمه باجتماع الأربعاء 14 آذار، والذي اتخذ المجلس خلاله قراره، ولم يدع إليه من الأساس.
الثالث: عجز الرزاز عن الإجابة- بعد ثلاثة أيام فقط من قرار التوجيهي- على الأسئلة المتعلقة بقرار المجلس المعلن، ما يؤكد أنه قرأه كما نحن، ولا علاقة له بما جاء فيه، ويشير إلى أنه صيغ وأرسل له ليتبناه، فالمنطق يقول: إن المشارك في صياغة فكرة أو مشروع ما، يملك أغلب خيوطه وقادرا على شرح تفاصيله.
الرابع: انقطاع التنسيق مع وزارة التعليم العالي، إذ كيف يصاغ نظام توجيهي دون التنسيق الكامل مع التعليم العالي صاحب القرار بالقبولات الجامعية، وهذا ما لم ينكره الوزير أمام الملأ.
الخامس: وجود تسريبات عن وجود لجنة مصغرة من خارج الجسم التربوي، ليس الوزير أحد أعضائها، مهمتها رسم السياسات التربوية وإخراج القرارات مروسة باسم الجهات التربوية ذات الصلة، وموقعة من قبلهم.
وبمقاربة أبسط يمكن الردّ على ما يطرحه الرزاز وبالتالي رسالة إلى أصحاب القرار الحقيقيين:
الأول: اكتشاف ميول الطلبة المهنية والعلمية من خلال نظام التوجيهي الجديد.
من الغرابة تكرار تلك الأسطوانة بشغف، واستخدام الجملة السحرية "كما في الدول المتقدمة"، حتى وصلت إلى مرحلة التضليل المتعمد.
لقد أصبح من بديهات النظم التربوية أن اكتشاف ميول الطلبة المهنية والعلمية وتوجيهها يكون في الصفوف الأساسية المتوسطة إلى العليا، وليس في مرحلة التوجيهي والتي تعد مرحلة ختامية قياسية لدخول الجامعات حتى في "الدول المتقدمة" مثالكم.
الثاني: تطوير نظام التوجيهي
نعم لا أحد يختلف على ضرورة تطويره ولكن (أجل) حول حالة "الصربعة" التي تنتهجها وزارة التربية، والفوضى التي أحدثتها في الميدان، وهذا ما انطبق على قرارات التوجيهي الحالي، والتي تركت الطلبة في بحر من الأسئلة، لا مجيب عليها حتى الآن، ونحن على مشارف نهاية العام الدراسي.
لكي تسطيع فهم متطلبات مرحلة التوجيهي عليك تطوير ما قبله، ليكون صيرورة لمشروع نهضوي شامل، لأنه مرحلة ختامية لمسيرة مدرسية، فلم نسمع عن تطوير تربوي يبدأ بالمرحلة الختامية، إلا إذا كان هذا القفز والتسرع الذي يتبناه الوزير يفسره الشك حول الأهداف الحقيقية للمشروع الذي يحمله، والذي ظهرت مخرجاته لهذا العام وحددت هدفه الأول في تنجيح الطلبة لإنقاذ الجامعات الخاصة بعيدا عن التفكير بالنتائج المستقبلية المترتبة عليه.
في المحصلة يجب أن لا تفوتنا مسألة هامة، أننا نناقش نظام تعليمي للعام الدراسي المقبل، ونحن الآن في شهر نيسان، أي على مشارف نهاية العام الدراسي، ما يطرح التساؤلات الملحة التالية:
ما الحاجة الماسة لتطبيق هذا النظام بعد ثلاثة أو أربعة شهور (عمليا)؟
وما الخطر الداهم على الأمن القومي الأردني والمهدد لأمننا السياسي والحياتي والمجتمعي والمعيشي إذا أجل هذا النظام عاما أو أكثر، وفُسح المجال لدراسته عاما كاملا؛ ليكون مخرجا ناضجا مكتملا، يلبي الطموح ويستمر ويعيش لفترة معقولة؟
ولماذا لا يحاول أصحاب القرار الشفاء من أثر صورهم النمطية حول قيمة الميدان التربوي؛ ليصار إلى مشاركة المعلمين والمعلمات والإداريين من أصحاب الكفاءات بصياغة هذا النظام، وهم الأقرب إلى الواقع والأكثر احتكاكا باحتياجات الطلبة وأساس إنجاح أي تغيير أو تطوير؟



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات