بوادر أزمة سياسية بين السلطة والمعارضة في اليمن تنذر بتقويض فرص إجراء الانتخابات النيابية بموعدها


جراسا -

صنعاء ـ تصاعدت حدة الخطاب السياسي بين السلطة والمعارضة في اليمن خلال اليومين الماضيين حيث وصلت أعلى مستوى وخلقت مخاوف بالغة حيال مستقبل الانتخابات النيابية القادمة المقرر إجراؤها في نيسان (إبريل) المقبل.
الطرفان المتصارعان (السلطة والمعارضة) على آلية إجراء هذه الانتخابات يعلنان تمسكهما بإجرائها في موعدها المحدد سلفا، غير أن الخلافات المتصاعدة بينهما والواقع العملي لنشاط كل منهما تتجه ضد هذه الرغبات المعلنة وتعطي مخاوف متصاعدة ضد العملية الانتخابية وتتجه نحو الإجهاز على ما تبقى من أمل حيالها.

الملاسنات الكلامية والخطابات النارية التي شهدتها الساحة اليمنية بين قيادات السلطة ورموز المعارضة أعطت مؤشرا قويا للمراقبين بأن الوضع الانتخابي القادم في خطر، حيث أن المعركة الانتخابية الحالية لا تندرج ضمن الحملات الانتخابية الاعتيادية خلال أي عملية انتخابية بل تتجه صوب إعاقة إجراء الانتخابات برمتها، للهوّة الكبيرة بين السلطة والمعارضة حيال آلية وشروط إجراء هذه الانتخابات وعدم اتفاقهم على أي صيغة للتقارب بينهم.

مراقبون سياسيون أكدوا لـ"القدس العربي" أن "الوضع اليمني الراهن يتجه نحو خيارين لا ثالث لهما إما اتخاذ السلطة لقرار إجراء الانتخابات في موعدها منفردة دون مشاركة المعارضة وهو غباء سياسي قد يفقد السلطة شرعيتها الدستورية وإما اتخاذ المعارضة قرار مقاطعة الانتخابات وهو انتحار سياسي، سيفقدها دورها المعارض وسيجمدها خلال الدورة الانتخابية القادمة".

وأوضحوا أن "الخيارات الانتخابية في اليمن تمر حاليا في أسوأ حالاتها وفي أضيق حدودها حيث أصبحت تتجه نحو طريق مسدود، ولا حلول لهذه الأزمة إلا بتنازل كلا الطرفين ولو قليلا من أجل السماح لأي فرصة بالحركة نحو حلحلة الأزمة التي قد تدخل البلاد في مستقبل مجهول".المخاوف تتصاعد هنا وهناك من تأزم الوضع السياسي في اليمن في ظل عدم مبالاة اللاعبين الرئيسيين بخطورة ذلك ومخاطر إعاقة أو إرجاء الانتخابات القادمة، التي قد تكون لها ما بعدها، وتؤثرا سلبا على المستقبل السياسي في البلاد.

إلى ذلك أعلن مكتب المعهد الوطني الديمقراطي (NDI) الأمريكي بصنعاء أنه "يشعر بالقلق إزاء الاحتقان السياسي الحالي والذي أدى إلى تفاقم يحول دون تحقيق إجماع بشأن القضايا الانتخابية الحاسمة".
وأكد أنه في حالة عدم الوصول إلى اتفاق بين السلطة والمعارضة حول القواعد والإجراءات المنظمة للعملية الانتخابية "قد تخوض اليمن في تجربة انتكاس سياسي ستكون لها نتائج غير محمودة".وقال في بيان وزّع على الصحافة "إن الاحتقان السياسي والتحديات الراهنة التي تواجهها عملية مراجعة جداول الناخبين في اليمن لا تنذر ببشائر خير على استمرار التقدم في المستقبل".

ودعا كافة القوى السياسية اليمنية إلى "أن تعمل معا من أجل التواصل إلى اتفاق حتى تواصل العملية الديمقراطية والانتخابية مسيرتها بسلام وسلاسة قدر الإمكان بما يضفي انعكاسا ايجابيا للنمو الديمقراطي في اليمن".وقال "ينبغي عليها احترام روح الاتفاقيات السابقة بينها دون التخندق في مواقع حزبية ومصالح ضيقة قد تقوض أسس العملية الديمقراطية والانتخابية".

وكان الرئيس اليمني علي عبد الله صالح خرج عن تماسكه المعهود وفتح النار على الجميع في خطابه بالاجتماع الاستثنائي للجنة الدائمة (اللجنة المركزية) لحزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم ووجّه انتقاداته الساخنة ضد رموز المعارضة وحمّلهم مسؤولية تردي الوضع الانتخابي وتدهور الأوضاع السياسية بشكل عام. وقال صالح "إن الانتخابات البرلمانية ضرورة ملحة وأي تأجيل لها يعني أن هناك عدم استقرار في اليمن لأن هناك رأيا يدعو إلى تأجيل الانتخابات ويبدو لي أن البعض في مجلس النواب وقعوا وثيقة يطلبون فيها التأجيل.. ليس لدينا مشكلة في التأجيل إذا كان في مصلحة عامة لكن هذا يعني أن الأوضاع غير مستقرة وأن هناك أزمة حقيقية وسنصدق بذلك ما يقوله اللقاء المشترك ـ تكتل أحزاب المعارضة ـ عن وجود أزمة".

وشدد على أن "الانتخابات معركة سياسية لابد ان ندخلها ولابد من انتخابات ولا معنى أن عدم الاستقرار في الوضع الدولي يفرض علينا خيارات غير ذلك..الانتخابات معركة سياسية لابد ان ندخلها ولابد من انتخابات" .
المعارضة بادلت السلطة الاتهامات ذاتها أيضا وحمّلتها مسؤولية كل الأسباب التي أدت إلى تدهور الأوضاع السياسية في البلاد وقالت في بيان لها أسمته (نداء من أجل اليمن) "يعيش يمننا الحبيب اليوم بفعل السياسات الفاشلة للسلطة وحزبها فصول أزمة وطنية شاملة متعددة الجوانب والأبعاد أضحت تهدد بمخاطرها الكارثية حاضر الوطن ومستقبله".

وأوضحت أن هذه الأزمة "تتجسد أسوأ مظاهرها فـي الحالة المعيشية الصعبة التي طالت غالبية أبناء الوطن جراء زيادة الأسعار وندرة فرص العمل وتفشي البطالة وتدني القيمة الفعلية للأجور وغياب السياسات الاقتصادية الرشيدة وتلاشي خدمات الرعاية الصحية وتدهور التعليم واتساع مساحة الأمية بين الشباب وفي الأوضاع المحتقنة في المحافظات الجنوبية كأحد أهم مظاهر الأزمة الوطنية الأكثر خطورة كونها تمثل تهديدا حقيقيا لوحدة الوطن وأمنه وسلمه الاجتماعي".

وأشارت إلى أن هذه الأزمة تتفاقم في ظل غياب الرؤية الوطنية لدى السلطة في التعاطي معها بأبعادها الحقوقية والسياسية والاقتصادية كما عبّر عنها الحراك السياسي والشعبي السلمي (في الجنوب) وكقضية وطنية تعني كافة اليمنيين وفـي دورات الحرب المتكررة في محافظة صعدة التي أُزهقت فيها أرواح الآلاف من اليمنيين مدنيين وعسكريين وكلّفت خزينة الدولة عشرات المليارات من أموال الشعب التي هو في أمس الحاجة إليها وفـي الفساد الشامل الذي أتى على كل مفاصل الدولة ومؤسساتها وأحالها مجرد أشكال ديكورية فارغة من أي مضمون وفـي ضيق السلطة بحرية المواطنين في المطالبة بحقوقهم والتعبير عن أنفسهم.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات