قرار الغاء (الإحصاء والاحتمالات) خطأ كبير


سأتحدث هنا كمختص في علم الرياضيات, وكمختص في مناهج الرياضيات واساليب تدريسها, سأتحدث كدارس لـNational Council of Teaching of Mathematics , وسأتحدث كمدرس وكمشرف لهذه المادة فترة طويلة, وانطلاقا من مصلحة أبنائنا الطلبة العامة, فإنني اؤكد حقيقة مفادها ان قرار وزارة التربية والتعليم في جعل الوحدة السادسة (الإحصاء والاحتمالات) من كتاب الرياضيات للصف الثاني عشر(التوجيهي) للفرعين العلمي والصناعي للمطالعة الذاتية فقط دون ان يتم ادخالها في امتحانات الثانوية العامة قرار فيه هدم لمعايير محتوى الرياضيات العالمية, وفيه اجحاف واضح وصريح لحق ومصير ومستقبل الآلاف من ابناءنا الطلبة في دراساتهم الجامعية العليا على المدى البعيد.

علم الرياضيات يا سادة يا كرام مبني كما جاء في وثيقة مبادئ ومعايير الرياضيات العالمية والصادر عن المجلس الوطني الامريكي (NCTM,2000) مبني على مبادئ ومعايير عالمية يعرفها او يجب ان يعرفها اصحاب القرار وهي اولا: مبادئ الرياضيات وتشمل (المساواة, المنهاج, التعليم, التعلم, التكنولوجيا), وثانيا: معايير العمليات وتشمل (حل المسألة, الربط الرياضي, الاتصال الرياضي, التفكير الرياضي, التمثيل الرياضي), وثالثا: معايير المحتوى وتشمل (الاعداد والعمليات عليها, الجبر, الهندسة, القياس, الاحصاء والاحتمالات), وتؤكد وثيقة مبادئ ومعايير الرياضيات العالمية والصادر عن المجلس الوطني الامريكي ان اية مساس في مثل هذه المبادئ والمعايير سابقة الذكر يعتبر هدما مباشرا في محتوى علم الرياضيات وليس لاحد حق في ذلك.

المُدقق في وثيقة مبادئ ومعايير الرياضيات العالمية وبالتحديد في معايير المحتوى يجد ان (الاحصاء والاحتمالات) هو موضوع اساسي في محتوى بنية الرياضيات, وهذا يعني ان موضوع (الاحصاء والاحتمالات) موضوع يقوم بدراسته جميع طلبة العالم خلال المراحل المدرسية, لما لهذا الموضوع من اهمية بالغة في كونه أداة أساسية وحيوية في البحث العلمي, فهو يساعد في تصميم التجارب وتحليل البيانات وتفسيرها, كما يساهم في اتخاذ القرارات المناسبة على ضوء ما يتوصل له الباحث من نتائج, فأهمية المعرفة بعلم الإحصاء لا ينحصر على الراغبين بتطبيقه في مجال دراساتهم فقط، إنما يمتد ذلك إلى كل باحث, فعلم الإحصاء وسيلة لقراءة نتائج الأبحاث الأخرى وتحليلها.

ثم ان علم الاحتمالات له دور كبير في برامج التكنولوجيا المستقبلية, فعمليّة اتّخاذ القرارات المصيريّة تقوم دائماً على حساب الاحتمالات التنبئية لأيّ قرار سنتّخذه في كلّ مرّة، وعلم تنبؤات الارصاد الجوية, وعلم الوراثة وعلم اختيار البدائل والتعامل معها وغيرها من العلوم تقوم على نظرية الاحتمالات, وتؤدى الاحتمالات دوراً مهماً في كثير من العلوم لأنها تستخدم في قياس عدم التأكد, فكثيراً ما نقابل بعملية اتخاذ قرارات بناءً على الاحتمالات حيث تساعدنا على دقة الاختيار.

ان قرار الغاء الوحدة السادسة (الإحصاء والاحتمالات) من كتاب الرياضيات للصف الثاني عشر(التوجيهي) للفرعين العلمي والصناعي وجعلها للمطالعة الذاتية فقط دون ان يتم ادخالها في امتحانات الثانوية العامة, قرار غير مدروس اطلاقا من قبل اصحاب الاختصاص, ويتعارض مع وثيقة مبادئ ومعايير الرياضيات العالمية والصادر عن المجلس الوطني الامريكي, الامر الذي سيفقد معه الطلبة حقهم في دراستها, وبالتالي فقدانهم فرص التحليل الاحصائي وفق المنهج العلمي للعلوم التطبيقية, وهي متطلبات سابقة وضرورية للبحث العلمي(الاحصاء) وللدراسات التنبئية(الاحتمالات) في الجامعات او المعاهد داخل وخارج المملكة.

كيف لا؟ وان جميع برامج الدراسات العليا كالدبلوم العالي والماجستير والدكتوراه في جميع التخصصات دون استثناء تقوم اطروحاتها ورسائلها في جميع جامعات العالم على ابحاث وتجارب وعينات محورها الاساسي هو علم وعلوم (الإحصاء والاحتمالات), والسؤال المطروح هنا, ماذا سنقول في قادم الايام لهؤلاء الطلبة عند اول حاجة لهم لمثل هذه العلوم, وكيف ومن سيبرر لهم مثل هذا القرار ومن سيتحمل الاجابة بعد ان يكون اصحاب هذا القرار قد مضوا, واقول هنا ومن خلال عملي التربوي السابق ان مبررات ابقاء هذه الوحدة موجودة واضحة للعيان, وان المادة التي توضع كمطالعة ذاتية للطلبة لم ولن يقوم بقراءتها اي طالب كان, ثم ان وحدة (الإحصاء والاحتمالات) هي اكثر الوحدات التي كان يحصل طلبة الثانوية على اعلى درجات فيها, والاهم من كل ذلك كله هو حاجة الطلبة لها في دراساتهم الجامعية العليا فيما بعد.

بقي ان نقول على اصحاب القرار في وزارة التربية والتعليم اعادة النظر في مثل هذا القرار المأساوي والالتفات لمستقبل قادم الايام امام طلبتنا, وان معالجة زخم وكثافة المناهج لها ثلاثة طرق عالمية يعرفها او يجب ان يعرفها اصحاب القرار واصحاب الاختصاص, فحل مشكلة يوقعنا بمشكلة اخرى اكبر منها تنعكس على مصير ومستقبل الآلاف ابناءنا الطلبة غير مقبول ولا يجوز باي شكل من الاشكال,... قائلين المثل العربي الشهير «ما هكذا تورد يا سعد الإبل».



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات