مسيرات شعبية ومخاوف أمنية و"محيط" يترقب هفوة !


جراسا -

محرر الشؤون المحلية - 

تفقد اي مسيرة أو تظاهرة احتجاجية ضد أي سبب كان، سياسياً أو اقتصادياً الخ، شرعيتها واخلاقيتها، اذا خرج قائمون أو مشاركون فيها عن القانون، وأخذت تسلك منحنيات من شأنها الاضرار بامن المجتمع، ومقدرات الدولة، أو تأليب الناس وتحريضهم على النظام العام والقانون، وتتحول حجة المحتجين، الى حجة عليهم، تفقدهم  اعتبارهم الديمقراطي، وشرعية تجمعهم الذي كان لهدف، وتحول الى اخر.

 دون أدنى شك، فان المسيرات والاحتجاجات الشعبية، شكل من اشكال التعبير عن الرأي والحرية، وهي حق لا ينازعه حق، ولا تمنعه دساتير وقوانين ولا أنظمة، ويهدف هذا الشكل من وسائل التعبير كغيره، الى محاولة الضغط على الحكومات، لثنيها عن قرارات وسياسات، تختلف معها شريحة، وربما تتفق معها أخرى، وتبقى مشروطة بعدم الخروج عن القانون، ولا حتى عن الثوابت الوطنية التي أقيمت على أسّها الدولة الاردنية، ولا انفكاك منها وعليها.

وزيادة على التأكيد، فان المسيرات والاحتجاجات السلمية، ظاهرة صحية تماماً، وتسهم بتفريغ احتقانات الشارع وايصال همومه ورسائله بشكل واضح مباشر، الا ان المخاوف الامنية من المسيرات، تفرض نفسها وحضورها بقوة، خاصة في الساحة الاردنية، التي يطوقها دول ومدن وبلدات تعج بالقتل والذبح والفوضى والخراب، ويبلغ الرهان الامني ذروة مسؤولياته وتحدياته الوطنية، في منع انتقال عدوى الفوضى، أو نقلها، داخلياً، ودس سمها وسط تحرك شعبي سلمي اعتيادي، واستثماره لتغيير البوصلة، واحداث فتنة وقلاقل.

شعارات "السقف المرتفع" تصبح منفرة، وخروجاً عن القيم الوطنية الاردنية، ولا تتعدى كونها مراهقة سياسية استعراضية، للفت الانتباه، اذا كانت غايتها الاساءة والتجريح برموز الدولة، والشتم والقدح، من ثلة ربما تقبل الامر، امام أخرى ترفضه قطعياً، ما يوسع مساحات التشكيك، ويزيد من فرص الانفلات، ويهيء ارضية خصبة للمتصيدين، لرفع حدة الوتيرة لاحقاً، بالتصادم مع الامن، او الشغب المباشر لا قدر الله، وهو امر محرم في كل القواميس الوطنية الاردنية.

والحقيقة المطلقة، أن الاردن مستهدف من القريب قبل الغريب بكل اسف، وتؤكد الكثير من المعطيات السياسية على هذا الواقع، فترك الاردن وحده يتحمل تبعات لجوء الاشقاء السوريين، بموارده الشحيحة، وموازنته المثقلة، ورفع دول عربية وصديقة يدها عنه، وايقاف دعمها له في احلك ظروفه، مع وعيها التام لتبعات مواقفها وانعكاساتها، ووضعه تحت ضغط سياسي مهول، ليقبل بالمتغيرات السياسية القادمة في المنطقة، والتي تطهى في مطبخ شيطاني، واشتراط المساعدات بالانتقاص من السيادة، كلها، محاولات تهدف الى تغذية الفوضى داخل البلاد، لارضاخ الاردن للامر الواقع.

اذاً، الامر يتعدى قرارات اقتصادية صعبة على المواطنين، يعي بعض المطلعين بالحق على بواطن الامور ان الاردن سار فيها مجبراً، ورغماً عنه، لتصويب اوضاعه الداخلية بشق الانفس، مع حلول اقتصادية صعبة يرافقها مديونية بلغت اربعين ملياراً من الدولارات، لدولة تعد من افقر عشر دول مائياً، وبلا موارد طبيعية باستثناء الفوسفات والبوتاس، وغير منتجة للنفط ولا الغاز، وفي بيئة اقليمة ملتهبة طاردة بالفطرة للاستثمارات، ربما تشفع لو قليلاً لحكومة تريد اعادة بناء الاقتصاد الداخلي، وفق المتاح، والاعتماد على الداخل، بعد ان نأى الخارج عن الاردن وتركه يتحمل حتى وزر حروب كونية طاحنة هم اشعلوها، ليطفئها وحده.

الوضع الاقتصادي الاردني معقد للغاية، وغير مرتبط فقط، بالقرارات الحكومية، بسلبها وايجابها، ولا بتراخي مجلس النواب وغيابه عن الاسهام بايجاد حلول خلاقة، بل بمنطقة باسرها، تمر بمرحلة مخاض عسير، ستجهض معها دول، وتلد أخرى، وما بين هذه وتلك، فالذي يحسم البقاء هو الوعي الوطني وحده، والانحياز للوطن، لا لحكومات ولا برلمانات عابرة ماضية، فوحده الاردن باق ..



تعليقات القراء

قلم حر
لو الحكومات تعمل لصالح الشعب..ما اضطررنا الى مثل هذا الوضع! متى تتعلم الحكومات انها وجدت لتحسين حياة المواطن وخدمته.مش سلبه وجبايته!!
23-02-2018 11:07 PM
اسامه ال خطاب
حسبنا الله ونعم الوكيل
24-02-2018 03:01 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات