هل غاب قانون الفقراء عن مستشار الملك


"كلمة الملك: ما حدا أحسن من حدا الا بالإنجاز جيدة" فيما يتعلق بما حدث من قبل مستشاره القانوني في الديوان الملكي، والذي هو ابن رئيس مجلس النواب ورئيس مجلس الاعيان الدكتور عبد الرؤوف الروابدة تحتاج وقفة. وتلك الكلمة سهما يخترق ساحة القضاء لتضع سؤالا حول القانون وعلي من يطبق؟

واقصد ان الأردن يعلن دوما انه "دولة القانون" وتعلن الحكومة انها تحارب الفساد والجميع امام القانون سواء. فاذا كان ذلك صحيحا ذلك، هل لو اعترض مواطن عادي حافلة نقل بسيارته واوقفها في منتصف الطويق سيقبل اعتذاره ام سيحاكم باعتباره مخلا بكل أنواع القوانين ان لم توجه له تهمة الإرهاب.

في أي دولة، بما فيها الأردن، اعتراض المركبات عقوبتها مالية والسجن، انها جريمة وليست جنحة، فهل تقدر حكومة الملقي على سجن ابن رئيس الوزراء، قبل ان يقال سجن معالي مستشار الملك؟

القضية أكبر من تقديم وقبول استقالة مستشار الملك، انها قضية جرمية مكتملة الأركان امام المحاكم، و المحكمة صاحبة القرار و المتهم فيها بريء الي ان تثبت ادانته.

يعلم الشعب تماما أن الدكتور عبد الرؤوف الروابدة هو ركن أساس من نظام سياسي، رئيس وزراء الحكومة الأردنية لدورتين، أحد أعضاء الجماعة الإسلامية سابقا، ونائب سابق لأكثر من دورة في البرلمان له وزن وقيمة في التشريع وفي تطبيق القوانين. ولكن هذا لا يكف لإعفاء ابنه البالغ العاقل من المثول امام المحاكمة نتيجة ما اقترفه مع سائق حافلة اردنية متجهة الي اربد.

ولعل المتداول من مظاهر قوة رئيس الوزراء الأردني انه قام بتعيين نجله براتب ورتبة وزير مستشار لدي جلالة الملك، وان رئيس الوزراء الأردني الحالي الدكتور هاني الملقي - يحسب حسابا كبيرا له - فما آن كلف بتشكيل الحكومة الا ان ذهب اليه فورا ووقف بين يديه طالبا التأييد والمباركة وعدم الاعتراض او وضع العراقيل امام حكومته. المشهد لا يحتاج تفصيلا أكثر من ذلك او نفيا.

لذا الحديث القانوني هو أن استقالة المحامي عصام الروابدة من منصبه في الديوان الملكي، هو للتغطية على الجرم الرئيسي، ولامتصاص غضب الشارع، ولكن هناك مخالفات قانونية تحتاج الي القضاء للبت بها.

قانونا لا يجوز بتاتا تحت أي بند او عرف السماح بمثل هذه التجاوزات من أي كان، ولا يجوز التستر على الجرم ـ سوآء جنحة او جناية - بالاستقالة. لان ذلك يعتبر سابقة في التعامل مع حوادث قد تحدث مستقبلا لأي شخص يكرر ما حدث، فيكون الحكم عليه هو بالاعتذار والاستقالة وتسقط عنه التهم.

واقصد هنا أن بعض من المخالفات التي تمت تحتاج الي توقيف فوري وان يقدم للمحاكمة العادلة، معالي مستشار الملك المستقيل، وعندها المحكمة فقط تقرر الحق العام والبراة من عدمها.

من اهم المخالفات و التهم هي علي سبيل الذكر لا الحصر:

أولا: تجاوز حافلة نقل تقل ركاب
ثانيا: أجبار الحافلة على التوقف واعتراض مسيرها
ثالثا: وقوف المركبة في أماكن غير مخصصة للوقوف
رابعا: القيام بأعمال على الطرق دون وجه حق وتعطيل السير
خامسا: الادعاء الكاذب
سادسا: التنسيق مع الإدارة المرورية المختصة بمعلومات غير صحيحة لاحتجاز حرية مواطن
سابعا: حجز حركة حافلة نقل ورهن حرية الركاب
ثامنا: تعطيل الركاب
تاسعا: سوء استخدام السلطة
عاشرا: ازعاج السلطات

وللعلم ان هذه القضية هي قضية رأي وحق عام، وليست فردية او خاصة بأبناء قبيلة بني صخر الذي ينتمي اليها السائق خالد العاصي المراونة الخضير والتي اجتمعت مؤخرا واصدرت بيانا متوازنا وصفت به وشرحت تداعيات القصة بين السائق الملتزم وبين المستشار. و ليست موجهه لشخص مستشار الملك ، و انما قضية عامة و هامة في تاريخ الدولة الأردنية.

وتثير القضية عدة أسئلة منها ماذا لو لم ينتم السائق لعشيرة اردنية كبيرة بحجم بني صخر ضغطت على الديوان؟، ماذا لو يكن رئيس مجلس إدارة الشركة التي تمتلك الحافلات وزيرا وله اتصالات مع الديوان الملكي؟، ماذا لو كان المتسبب في الحدث مواطن عادي ليس مستشارا او ابن رئيس وزراء؟ هل كان سيقوم مدير الامن بالرد على أي متصل وعمل كمين فوري للحافلة وسحب رخص السائق ؟، ما هي إجراءات الامن في التعامل مع البلاغات من جهة ومن البلاغات الكاذبة من جهة اخري؟ وغيرها من أسئلة لا بد ان تثار في محكمة علنية حفاظا على " دولة القانون" والشفافية وحتى لا يقال إن الأردن دولة انتشر الفساد في كل مفاصلها.

على الحكومة الأردنية التي تريد ان تحارب الفساد ان تسرع بإيقاف مدير الامن العام عن العمل وبتشكيل لجنة تقصي الحقائق في الإجراءات التي اتخذها مدير الامن العام وان يتم منع مستشار الملك من السفر والتحفظ عليه وتحويل الملف الي القضاء دون ادني تآخير وقبل عودة الملك من روسيا.

تلك هي ابسط الإجراءات القانونية التي تتبع في حالات مشابهه في دول تحترم القانون ولا تستغفل شعوبها.

استغفال الشعب بمسرحيات استقالة هي أول أصول الفرعون الحكومي التي أسسها رؤساء وزرارة لأنفسهم ولمن أراد ان يسلك مسلكهم من بعدهم و يبعد عنهم شبح المحاكمات.

موقف الملك عبد الله الثاني الحازم والواضح، قطع طريق الفراعنة ويستحق التقدير لذلك، "برافو"، والشعب بأكمله معه.

الدور الان على الحكومة، فهل تقدر ام ستضعف امام " الروابدة" فتستحق مزيدا من حجب الثقة عنها و اسقاطها كما يطالب الشارع وتظاهرات و احتجاجات المدن الاردنية؟

هل يثبت الأردن ان القانون يطبق على الجميع ام انه فقط يطبق على الفقير، ان الشعب يعيش في ساكسونيا؟




.










تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات