عندما يهدد الأردني بـ "حرق شماغه الأحمر"


من اللحظة التي التقطت فيها كاميرا المذيع الأردني المخضرم هاني البدري رئيس الوزراء الدكتور هاني الملقي وهو على باب الطائرة مغادرا في رحلة علاجية، تحول الأمر إلى دراما على الطريقة الهندية.
غرق القوم في التخمين.. حتى محطة «الجزيرة» اضطرت لبث خبر عن الموضوع.
بعضهم يحاول الإساءة للرجل بالتأكيد وهو يبالغ في منح «إجازته المرضية» كل أضواء الإعلام وكأن الملقي القائد الضرورة، الذي لا تصمد البلاد من دونه أو كأن مرض رئيس الوزراء حالة وطنية عامة ينبغي التركيز عليها.
شافاه الله وعافاه.. نقدر الرجل ونتمنّى له الشفاء العاجل، وندعو الله أن يمنع عنه الضرر وثقتنا كبيرة بنزاهته.
لكن لا ندري كيف يوافق هو على كل هذا البوس التلفزيوني والإعلامي.. الملقي طار.. طائرة الملقي تظهر في سماء المملكة في تمام الساعة والدقيقة كذا.. الرئيس سيعود اليوم أو غدًا.. تم إغراق الساحة بتفاصيل سياسية وإعلامية لمسألة عائلية وشخصية وبصورة لا مبرر لها إطلاقا، وقد لا تكون أخلاقية.
ما هي المشكلة أن يتلقى الرجل العلاج في الخارج، وعلى نفقته او نفقة الدولة؟ حصل ذلك مع غيره، ولم يكن مرض الشخص مثارا للتندر أو التعليق او الاهتمام وأضواء الإعلام أو البشاعة والتشفي يوما في الأردن.
المرض حالة خاصة جدًا، ولا مبرر لمخاطبة فضول الناس عبرها، ولا استثمارها سياسيًا، ومن خطط لاستثمار مرض رئيس الحكومة في سيناريو سقيم لا معنى له، وبهدف «تبرير» إطاحة حكومته لاحقًا، نقول له بملء الفم: لقد أخطأت مجددًا وأظهرت عجز الفريق والمطبخ عن بناء ولو «سيناريو خبر صحافي»… يا قوم إرحمونا من المراهقين الذين يديرون الأمور.

أين مال الشعب؟

لا أحد يريد أن يكون معنيًا بالرحمة عندما يتعلق الأمر بالمواطن الأردني والأسعار، فأحدهم وعلى شاشة «الأردن اليوم» قرر أن يطرح علينا السؤال التالي: يعني الحكومة من وين تجيب فلوس؟
سؤال في قمة الاستفزاز، ويؤكد مجددًا أن جيوب المواطن هي مصدر الدخل الوحيد للخزينة.. نقبل ذلك في حالة الأردن، ولكن بعد تحقيق عدة شروط أهمها المساءلة عن المديونية والتوثق من أن الإصلاح الاقتصادي يحظى أصلًا بإرادة سياسية، والإجابة عن سؤال الفساد العالق وتقديم مسؤولين يحاولون على الأقل في مجال «تنويع الدخل» والاعتراف بفشل الرهان على المتاجرة في قضية «اللجوء السوري» بدلا من نخب لا تتميز بالمهارة ولا بالثقافة وتفتقد القدرة على التفاوض.
لا توجد مشكلة بان تعتمد الخزينة على جيبي للإنفاق، لكن على القائمين عليها أن يفهموني متى وكيف وعلى أي أساس ينفق مالي، ومع تسامحي كمواطن في مسألة «الرفاه الاجتماعي» لا بد من الحد الأدنى وهو قطاع عام يقدم خدمات حقيقية للناس.
دون ذلك سؤال: من وين نجيب؟ بائس وسخيف وسينتهي دوما بأحد أكثر المشاهد إيلامًا ووجعًا في صورة المجتمع، حيث يهدد مواطن مقهور أمام الكاميرات بأحد خيارين: حرق نفسه أو حرق شماغه الأحمر.. تلك رسالة ينبغي أن يفهمها أصحاب القرار.
وهي رسالة صعبة ومعقدة، لكنها مؤلمة أيضًا، ولا يجوز معها الاستمرار في تجاهل إيقاع الناس وإنكار حجم معاناتهم.

أحلام ومواجهة اليسا

يمكن طبعًا الترحيب بعودة المطربة أحلام لواجهة الاستعراض السنوي المسمى «ذا فويس» ولأول مرة بعد منازلاتها الشهيرة في «أراب آيدول».
ما كادت تنتهي مواجهة الصغار من نسخة البرنامج حتى هبطت علينا نسخة الكبار.. يبدو أن الأمر مربح فعلاً لشركات الانتاج وشركات الاتصال، والزملاء في «أم بي سي» مصرون على إثبات وجهة النظر التي تقول إن «الأغاني لا تزال ممكنة» في زمن الكوارث العربية.
حتى شهر رمضان المبارك يمكن الاستعداد لنسخة «ذا فويس» الخاصة بالمطلقات مثلاً، ومن حق العواجيز ممن تجاوزوا الستين أن تتاح لهم فرصة المنافسة بنسخة تخصهم حتى يشجعهم الأحفاد والأولاد، كما يفعلون هم.
لسنا ضد الفرح ولا المواهب، وفي الوقت الذي تمتلئ فيه شاشات الفضائيات بالأشلاء والذبح والسلخ، تخصص لنا «أم بي سي» هذه الفسحة مع تحفظي على المتاجرة بالموهبة على نحو تجاري.
لكن الموسم الجديد مع ثلاثة مدربين جدد يعني أن الشارع العربي الشغوف بالمنوعات سيجد مُتَّسعًا من الوقت للتسلية بتلك المواجهة الملموسة والمكشوفة بين أبرز مستعرضتين في العالم العربي.. المارشال أحلام والبريغادير اليسا.
لو تسنّى للقائمين على المشهد الاستعانة بهيفاء وهبي وهي على هيئة المسلحة في لعبة «ويزو» التي تظهر على الشاشة لكُنّا أمام مواجهة مسلّية فعلًا.
يمكن أن يساعد الأمر في تجاوز صراخ الفضائيات المصرية، التي عاد بعضها ودب الصوت تحت عنوان ما يجري في سيناء رغم أن نجم النجوم الذي وصفه عمرو أديب بأنه «زعيم حقيقي» إسماعيل هنية حاول الاستمتاع مجددا في الحضن المصري بعد يحيى السنوار.

مدير مكتب «القدس العربي» في عمان



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات