عامل الوطن سالم


يتنفس الصبح بنسيمه ..ويصحى سالم من فراشه يصلي الفجر ويستعد لعمله ويخرج من بيته حاملا بيده قهوته التي اعتاد على شربها ...ويبدأ بلم اﻻوراق ومخلفات ونفايات الشارع الذي يعمل به منذ عدة سنوات حتى اصبح تجار الشارع يعرفونه ...فسالم اليوم على غير عادته يعمل بنشاط واﻻبتسامة ﻻ تفارق محياه ...حاملا في مخيلته اماﻻ وطموحات وهواجس الفرح ﻻ تفارقه
فاﻻسبوع المقبل عرسه وتفكيره مشغول بتجهيز اﻻثاث وتجهيز متطلبات العروس من فستان الزفاف والصالون وغيرها من متطلبات العرس


يعيش سالم لحظات نشوة وفرح يتكلم مع نفسه ومع من حوله ويبتسم عندما يتخيل نفسه وقد ارتدى بدلة عرسه السوداء ذات القميص اﻻبيض والربطة الحمراء والمعلقة في صالون بيته متخيلا نفسه بجانب عروسه بفستان زفافها اﻻبيض ترقص امامه امه واخواته

...ويحمل سالم في كيسه ما جمعه من نفايات ليضعها في الحاوية القريبة منه منتعشا فرحا والابتسامة لا تفارق محياه
ثم يبدا المرحلة الاخرى من العمل في ذلك اليوم حيث يبدأ بتنظيف الشارع من اﻻترية واﻻوساخ المتجمعة هنا وهناك يتمتم في نفسه كلمات حب وعشق لذلك اليوم المنتظر – يوم الزفاف

...وفجأة تأتي سيارة مسرعة فيها سائق ارعن متهور وبلمح البصر يدهس سالم بلا رحمة ويقع سالم مغشيا عليه ودمائه تسيل على الشارع الذي نظفه..وتعانق جبهته ذرات تراب هذا الوطن وتروي دمائه وحبات عرقه الارض التي حبها واحبته
وتسقط المكنسة وكيس النفايات من يده...وتتعالى أصوات الناس حوله ..سالم دهسته سيارة..ويتصل باﻻسعاف احد المجتمعين ..وما إن حضرت سيارة اﻻسعاف اﻻ وكان سالم قد فارق الحياة ولفظ أنفاسه اﻻخيره – ويحمل سالم المسعفين وتسقط من جيبه بضع قروش كانت امه قد اعطته اياها ليشتري لها الخبز للغداء


..تبددت امال وطموحات سالم . بكى عليه كل من عرفه لطيبه وبساطته .تنتظره عروسه وهي تضع في مخيلتها سعادة وفرح غامرتين منتظرة موعد الزفاف ولم تكن تعلم أن سعادتها وفرحها أصبح سرابا...
يا حسرتاه على سالم حبيب الروح...ويحضره أهله إلى البيت ..وأمه تبكيه...يا عريس تفضل فوت – (وين ازفك وين ازفك يا عريس)( البس بدلتك يمه ) .والدموع تتساقط من عيون الحاضرين ...ليودعه أهله ومحبيه الوداع اﻻخير...ومودعا عروسه والدنيا كلها وداعا ﻻرجعة فيه...


لقد رسم سعادته وحياته ولم يكن يعلم أن الموت بانتظاره وان كفنه اقرب إليه من بدلة عرسه. وان سائقا ارعن بلا ضمير قد مزق احلامه وهدم كل طموحاته وهواجسه ومستقبله...لتقف عروسه أمام عتبة البيت تبكي عريسها ومستقبلها الذي ضاع وتلبس سوادا والحزن قد مزق قلبها الذي انتظر تهدمت آماله وطموحاته
..
رحم الله سالم وادخله الجنة انه سميع مجيب .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات