"الانتاج" .. مفتاح الاقتصاد الاردني


قد تختصر الحكمة القائلة : لا خير في أمة تأكل مما لا تزرع، و وتلبس مما لا تصنع، نظريات اقتصادية كاملة، وتختزل مليون كلمة يمكن قولها، في جملة واحدة ..


والحقيقة، ان الاردن الحبيب، بات في امس الحاجة لتطبيق هذه الحكمة فعلا على ارض الواقع، بتحويل المجتمعات المحلية من نمط الاستهلاكية، الى الانتاجية، وخلع عباءة رعوية الدولة التي اثقلت على الدولة، ليكون قادرا على توفير مستلزمات مجتمعاته، بحرفته، بعيدا عن الارتهان شبه الكامل للصناعات والسلع المستوردة عبر القارات ..

من المؤكد، بان تحويل المجتمعات التي اعتادت نمط الاستهلاك، ونشأت تحت رعوية الدولة، الى مجتمعات منتجة، لا يمكن تطبيقه بعصا سحرية، وربما يحتاج الى منظومة متكاملة من التغيير، تبدا في عقلية الفرد ، الى نمط سلوك المجتمع، وصولا الى منهجية حكومية متكاملة، بخطط واستراتيجيات تنموية خلاقة، تركز على تمكين الافراد من المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وتحفز في ذات الوقت، راس المال الاردني المهاجر، بالعودة للاستثمار في وطنه، بعيدا عن البيروقراطيات الطاردة، وغيره الكثير ..

نماذج اقتصادية ليست بعيدة عن الدولة الاردنية، تمكنت في غضون عقد من الزمان، تحويل مجتمعاتها ومؤسساتها الى الانتاجية، واكتفت ذاتيا بفترة زمنية لافتة، بل تحولت الى دول مصدرة لاحقا، تنافس بالسيطرة على اسواق اقليمية وعالمية، كالتجربة الاقتصادية التركية التي تمكنت من خلع ثوب التبعية الاقتصادية، وارتهانها طيلة عقود للمنظمات الدولية الدائنة، وارتقت بدولتها وشعوبها، وبات لها مكانة اقتصادية وسياسية يشار لها بالبنان.

وفي ظل التحديات الاقتصادية التي تواجهها الدولة الاردنية، بات من الضرورة بمكان، توظيف كافة امكانات المجتمع، والقوى البشرية، للمساهمة بعبور الضائقة، ودفع عجلة التنمية، وبناء اقتصاد وطني قائم على الانتاج، عبر التحول التدريجي المدروس، المدعوم من الدولة، ومؤسسات القطاع الخاص، بتحويل المجتمعات والافراد، وتاهيلها، نحو الانتاجية، وتدعيم الصناعة الوطنية، والمشاريع الصغرى والمتوسطة، للافراد والمؤسسات، لتتمكن من اخذ دورها الفاعل في تنمية مجتمعاتها، والاسهام بنهضة وازدهار دولتها.

ان الاتكاء على نهج السياسات الاقتصادية التقليدية، التي لم تركز على تمكين الافراد والمؤسسات من الانتاجية، بشكل مناسب، بات مدعاة مؤكدة لاعادة النظر فيها، سيما مع تراجع ارقام الدعم التي كانت تقدم للمملكة، وارتفاع سقف الدين العام، والظروف الاقليمية الملتهبة المحيطة، وجملة من التحديات التي باتت تتطلب قراءة مغايرة للواقع، وتعاط مختلف، بعقلية وادوات مختلفة، دون ذلك، ستظل الامور تراوح مكانها، ومرشحة لمزيد من التحديات.



تعليقات القراء

احمد لافي
مقال رائع و على الوجع
شكرا سيد صفوت
11-02-2018 07:52 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات