يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ


قال تعالى : ( يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ )

قال الإمام الطبري رحمه الله تعالى :
( وعني بقوله : { يوم تبلى السرائر } يوم تختبر سرائر العباد , فيظهر منها يومئذ ما كان في الدنيا مستخفيا عن أعين العباد , من الفرائض التي كان الله ألزمه إياها , وكلفه العمل بها . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :
28608 - عن عبد الله بن صالح , عن يحيى بن أيوب , عن ابن جريج , عن عطاء ابن أبي رباح , في قوله : { يوم تبلى السرائر } قال : ذلك الصوم والصلاة وغسل الجنابة , وهو السرائر ; ولو شاء أن يقول : قد صمت وليس بصائم , وقد صليت ولم يصل , وقد اغتسلت ولم يغتسل .

28609 -حدثنا بشر , قال : ثنا يزيد , قال : ثنا سعيد , عن قتادة { يوم تبلى السرائر } إن هذه السرائر مختبرة , فأسروا خيرا وأعلنوه إن استطعتم , ولا قوة إلا بالله حدثنا ابن حميد , قال : ثنا مهران , عن سفيان { يوم تبلى السرائر } قال : تختبر .

قال الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى : ( أي يوم القيامة تبلى فيه السرائر أي تظهر وتبدو ويبقى السر علانية والمكنون مشهورا وقد ثبت في الصحيحين عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " يرفع لكل غادر لواء عند استه يقال هذه غدرة فلان بن فلان" ) .

قال ابن رجب رحمه الله :"خاتمة السوء تكون بسبب دسيسة باطنة للعبد لايطلع عليها الناس".
وقال بعضهم : ( كم من معصية في الخفاء منعني منها قوله تعالى : " ولمن خاف مقام ربه جنتان " ) .
" إن الحسرة كل الحسرة ، والمصيبة كل المصيبة : أن نجد راحتنا حين نعصي الله تعالى ".

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى :
وقوله : {يوم تبلى السرائر} أي تختبر السرائر ، وهي القلوب ، فإن الحساب يوم القيامة على ما في القلوب ، والحساب في الدنيا على ما في الجوارح ، ولهذا عامل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم المنافقين معاملة المسلمين حيث كان يُستأذن في قتلهم فيقول : «لا يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه» ، فكان لا يقتلهم وهو يعلم أن فلانًا منافق ، وفلانًا منافق ، لكن العمل في الدنيا على الظاهر ويوم القيامة على الباطن .

{يوم تبلى السرائر} أي تختبر وهذا كقوله : {أفلا يعلم إذا بعثر ما في القبور . وحصل ما في الصدور} [العاديات : 9، 10] .

ولهذا يجب علينا العناية بعمل القلب أكثر من العناية بعمل الجوارح ، عمل الجوارح علامة ظاهرة ، لكن عمل القلب هو الذي عليه المدار ، ولهذا أخبر النبي عليه الصلاة والسلام عن الخوارج يخاطب الصحابة يقول : «يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم ، وصيامه مع صيامهم ـ يعني أنهم يجتهدون في الأعمال الظاهرة لكن قلوبهم خالية والعياذ بالله ـ لا يتجاوز الإسلام حناجرهم ، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية » .

قال الحسن البصري رحمه الله: (والله ما سبقهم أبو بكر بصلاة ولا صوم ، وإنما سبقهم بما وقر في قلبه من الإيمان ) ، والإيمان إذا وقر في القلب حمل الإنسان على العمل ، لكن العمل الظاهر قد لا يحمل الإنسان على إصلاح قلبه ، فعلينا أن نعتني بقلوبنا وأعمالها ، وعقائدها ، واتجاهاتها ، وإصلاحها ، وتخليصها من شوائب الشرك والبدع ، والحقد والبغضاء ، وكراهة ما أنزل الله على رسوله وكراهة الصحابة رضي الله عنهم ، وغير ذلك مما يجب تنزيه القلب عنه.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات