قد يكونُ الإنتعاش ببعض الاستدانة


عند الحديث عن الإقتصاد الأردني تهيمن عليك صورتان، الأولى لمشاريع الخصخصة و أحاديث الفساد، و الثّانية للفقر و العوز و ارتفاع أثمان المعيشة، و قد تعيد على نفسك أيضًا وعود الحكومات و خططها لإنقاذ قوت الأردنيّين عندما تسمع برفع الدّعم أو زيادة الضّريبة و الأسعار، و بقاء الأجور على حالها في أحسن الظّروف إذا لم يمسّها العدم مع ارتفاع نسبة البطالة من 18.2% الى 18.5% من شهر أكتوبر الماضي أي خلال 4 أشهر فقط. لا محيد لنا من الوقوف على بعض النّسب في موازنة 2018 لنقدّر موقفنا فتحامَل على نفسك فهذا رزق العيال. في هذا العام ارتفعت الإرادات المحليّة للموازنة من 92% في 2017 إلى 98% لعام 2018، لكنّ النّفقات ازدادت بنسبة 6% موزّعة على الجارية منها ( أي في أغلبها الرّواتب بقيمة 7.9 مليار بفارق زيادة (445 مليون دينار) عن 2017 وبلغت نسبتها 88% من حجم النّفقات العامة) و رأسمالي ( أي المخصّص للاستثمار بقيمة 1.9 مليار بفارق زيادة 128 مليون عن 2017 و نسبة 12% من حجم النّفقات العامة). و هذه الزّيادة في الجاري من النّفقات خصوصًا يعكس فشل الحكومة في فرملة و ترشيد إنفاقها أمّا الإيرادات العامّة فقد ارتفعت بقيمة 10% (800 مليون ) و يُعزى هذا في أغلبه إلى رفع الدّعم و زيادة الضّريبة لا نتائج لاستثمارات ناجحة. أمّا عجز الموازنة فقد بلغ لعام 2018 (543 ) مليون دينار حوالي 1.8% من النّاتج المحلي الإجمالي مقابل 2.6% من نفس النّسبة لعام 2017 و سينخفض الدّين العام البالغ 27.1 مليار دينار من 95.3% نسبة من النّاتج المحلّي الإجمالي إلى 93.6 % من نفس النّسبة مع متوقع معدّل نمو لا يتجاوز 3% مع أنّ اقتصادنا يحتاج إلى 4 % على الأقل حتى يحصل على وضع التّوازن من دون أرباح أو خسائر في نسب الفقر و البطالة. و لتفهم فداحة هذه الأرقام يكفي أن تجري مقارنة بسيطة بين متوسط النّسب الاقتصادية لأعوام (2005-2010) وأعوام (2011-2016) ففي المتوسّط و على التوالي كان معدل النّمو 6.6 % مقارنة 2.2% و بلغت قيمة النّفقات الجارية 67% مقارنة 92% ممّا يعني أنّ الزّيادة في الدّين العام و إرهاق الإقتصاد منذ 2011 كان نتاجًا للزّيادة في النّفقات الجارية أمام تراجع الاستثمار و نسب النّمو و حالة الأردنيين الماليّة، و ممّا يستحقّ الذّكر أيضًا أنّ علم الاقتصاد يحدّثنا (في منحنى لافر) أنّ زيادة الضّريبة عن عتبةٍ حرجةٍ سيقلل من وارداتنا، فارتفاعها و الأسعار مع ثبوت الدّخول، يحمل النّاس إلى تغيير أنماطهم الاستهلاكية و تقليل الطّلب على البضائع و الخدمات، و قد يحملنا هذا إلى حالةٍ من الرّكود و الجمود و الكساد و غلق عددٍ كبير من الشّركات المتوسطة، و تآكلٍ للطّبقة الوسطى قد يهدد وجودها أصلاً. و المقارنة السّابقة تخبرنا أيضًا أنّ ارتفاع نسبة النّفقات الرّأسمالية يحرّك الاقتصاد و ينعشه، و يحسّن من حالة المواطن الماديّة، و أنّ الحلّ قد يتوارى خلف قيام الحكومة باقتراض داخليٍّ (و قد بلغ فائض أرباح البنوك المحليّة أكثر من 2 مليار دينار) لتمويل مشاريع بنية تحتيّة أو استثماريّة تشغّل الأردنيين و تضمن للحكومة واردها الضّريبي و لو زاد من نسبة المديونيّة مؤقتًا، حتّى تأتي المشاريع بثمارها، و لسان الحال في هذه السنوات أنّه بين 95.3% و93.6 % وحتى 80% عام 2020 فإنّ الغريق لا يخشى من البلل.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات