الاردنيون لا يثقون بالحكومات!!


الكاتب/ عوض الصقر
لا تبدو النتائج التي توصلت لها الدراسة التي أعدها منتدى الاستراتيجيات الأردني حول مستوى الثقة بالحكومات، غريبة أو صادمة أو بعيدة عن مرمى التوقعات.
والمنتدى بحسب ما أعلم هو عبارة عن جمعية غير ربحية، تسعى لزيادة الوعي العام حول الأمور الاقتصادية والاجتماعية وتفعيل الحوار الاستراتيجي البنّاء والفاعل في المجتمع.
وبحسب الدراسة التي نشرت في وسائل الاعلام المحلية يوم الاحد 14/1/2018، كانت ثقة المواطنين بالقوات المسلحة مرتفعة جدا وفي أعلى درجات السلم (90.3%)، وكانت متدنية عند الحديث عن البرلمان (21 %) والأحزاب السياسية (9,7 %)، وفي الوقت الذي ارتفعت هذه الثقة عند الحديث عن الأمن العام (82%)، تراجعت لمستويات مقلقة عند النظر للإعلام (32،9%) وفي حين كانت ثقة المجتمع بالقضاء (73%)، الا أن منسوب هذه الثقة تراجع عند الحديث عن الحكومة وكان (54،2%).
ولعدم ثقة المجتمع بالحكومات المتعاقبة أسباب ومبررات كثيرة لعل أبرزها فشل مبادرات التحول الاقتصادي والاجتماعي التي تبنتها الحكومة خلال العقود الماضية ولم يكن لها انعكاسات ايجابية على حياة الناس. كما أن الحكومات المتعاقبة لم تلتزم بالوعود الفضفاضة التي أطلقتها لتحسين مستوى حياة الناس والنهوض بها الى مستويات أفضل في معرض ردها على كتب التكليف الملكي بل أن تلك الوعود ذهبت أدراج الرياح وظلت مجرد مجرد شعارات براقة موجهة للاستهلاك المحلي أو كما يقول المثل الشعبي (حكي جرايد).. ناهيك عن غياب العدالة الاجتماعية وتجاوزات التعيينات فقبل فترة التقيت بأحد الشباب وقال لي ان النائب الفلاني عينه في المؤسسة الفلانية كمكافأة له لدوره في نجاح ذلك النائب في الانتخابات النيابية، وهذا غيض من فيض كما يقولون.. كل هذه السلوكيات تصب في خانة إضعاف الثقة بالحكومات.
كما أن تزوير الانتخابات والتلاعب بإرادة الناخبين أكثر من مرة أدى الى تعميق إلى هذه الفجوة بين المواطن والحكومة، إضافة الى أنه أدى الى ضعف المجالس النيابية وتخليها عن لعب الدور المطلوب منها في مراقبة الاداء العام وتعزيز جودة التشريعات لمواكبة التطورات والمتغيرات الحياتية.
غياب سيادة القانون، والتطاول على حقوق الناس عمّق كذلك هذه الفجوة بين الناس والمؤسسات الحكومية، ما جعل الأردنيين لا يثقون بالحكومات والمؤسسات العامة ووسائل الإعلام والأحزاب، فيما تقفز هذه الثقة إلى حدود مريحة عند الحديث عن المؤسسات العسكرية والامنية.
أعتقد أن استعادة الثقة ليست مستحيلة، بالرغم من أنها صعبة وتحتاج الى وقت طويل وممكن أن تتم بالتدريج على أن توفر الارادة السياسية الجادة لمعالجة جميع الاختلالات المذكورة لترسيخ مفهوم سيادة القانون والعدالة الاجتماعية ومكافحة الفساد لتكون حقائق ملموسة على أرض الواقع وليس مجرد شعارات وطموحات وهمية.
وبصراحة أعتقد أن الورقة النقاشية السادسة التي أطلقها جلالة الملك حول مفهوم الدولة المدنية وسيادة القانون، تشكل منارة وخارطة طريق للوصول الى دولة القانون والمؤسسات والنزاهة والعدالة الاجتماعية، وبغير ذلك يضعف ويخفت الشعور بالمواطنة.
كلمة أخيرة اوجهها لكل مسؤول وهي: إتق الله في حقوق الناس قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلال.. وأذكرك بقول الله عز وجل (وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا).. فالله سبحانه وتعالى لم يخلقنا عبثا ولن يتركنا سدى وسنحاسب على أعمالنا إن خير فخير وإن شرا فشر.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات