المرافي يكتب: الأردن وتحالفات مشروعة .. !


إن ما أظهره الشعب الأردني من مواقف رافضة ومنددة لقرار ترامب العنصىري بخصوص القدس، ما هو إلا دليل قاطع على توافق الموقف الشعبي مع موقف القيادة ،ذلك الموقف اللافت على كافة المستويات لا يستطيع أي مشكك أو حاقد أن يقلل منه .

كما إن حالة الجفاء تجاه الأردن يجب أن يرد عليها مباشرة من قبل أصحاب القرار في الأردن برد مناسب يوازي ما تعرض له الأردن من خذلان ونكران للجميل على مواقفه القومية.

ومن هنا يجب أن نمتلك الجرأة للاستمرار بدورنا كأردنيين في البحث عن خيارات جديدة وتحالفات إستراتيجية؛ فالخيار الأردني تجاه تحقيق تحالفات جديدة يجب أن يطرح بقوة على الشارع الأردني دون خجل أو ضوابط، فما حصل ويحصل من تطورات سياسية مؤخرا ما هي إلا دافع ومعزز رئيس للأردن ؛ لتنويع تحالفاته -إن جاز التعبير - خاصة في خضم تخلي الأشقاء عن دورهم وواجبهم تجاه الأردن الذي تحمل ماتحمل وعانى ما عانى من ظروف صعبة انطلاقا من إيمانه القومي بالوقوف مع قضايا العرب المصيرية وعلى رأسها القضية الفلسطينية والقدس الشريف وأزمة اللجوء السوري للأردن ،الذي ترك وحيدا في مجابهة كلفة الإستضافة على الأردن، التي كلفت الأردن الكثير الكثير و ارهقت موازناته ومؤسساته بينما وقف الأشقاء بعيدا وكأن الأمر لا يعنيهم في موقف متفرج معيب سيبقى التاريخ يذكره بمرارة ومثال على الخذلان لعقود طويلة .

فموضوع مقالتي المعنونة به (تحالفات مشروعة ) أصبح حلما سهل المنال، فالدولة التركية التي كانت تربطها علاقات قوية مع العرب طيلة أربعة قرون ، وانفصال تلك العلاقات بعد سقوط الخلافة العثمانية في تركيا، وقيام الجمهورية التركية(أتاتورك) عام 1923 التي أبعدت تركيا في ذلك الوقت عن محيطها الإسلامي والعربي والعمل على توجه تلك السياسة تجاه الغرب كان العنوان الأبرز في ذلك الوقت .

أما اليوم .فالقصة مختلفة تماما ، فالحزب الذي كان ملاحقا ومحاربا على مدار عقود وعقود ، نجده اليوم قد تسيد قمة الهرم السياسي في تركيا بعد معاناة كبيرة وانقلابات عسكرية ، لا بل ذهب الحزب الذي له جذور إسلامية إلى أبعد من ذلك في سيطرته الكاملة على مراكز صنع القرار في تركيا في كثير من مؤسسات الحكم ، لاسيما المجلس التشريعي ومؤسسات إدارة الحكم في الدولة.

'ومجمل القول إنني أرى للتحالف الأردني التركي مصلحتين:أردنية وتركية .

المصلحة الأردنية :إن السياسات السلبية الخاطئة التي طرأت مؤخرا وظهرت وكأنها تستهدف الأردن ودوره الشجاع والرئيس في الدفاع عن القدس بكل ذراوة ما هو إلا موقف مشرف ستبقى الأجيال تذكره في كل حين ، مما يدفعنا بالتفكير العميق لتنويع خيارتنا ،وهذا يحتم علينا التوجه لدولة عظمى بالمنطقة تمتلك من السياسة الخارجية والقوى العسكرية ما تملك ،وهذه المقومات موجودة في الدولة التركية ، فتركيا تأتي من حيث العدد في المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة الأمريكية في حلف الأطلسي ، وهذا الدور العسكري ؛ يعزز منظومتها الدفاعية تجاه أي خطر يحدق بها.

المصلحة التركية :إن الدولة التركية ترى في أي تحالف معها من أي دولة عربية مصلحة عليا تخدم مصالحها القومية والإستراتيجية على المدى البعيد ، لاسيما بعد وضوح قرار الغرب أو بالأحرى الاتحاد الأوروبي في رفضه الشديد من تحت الكواليس ، وخاصة فرنسا لأي انضمام تركي لصفوف الاتحاد الأوروبي ؛ لاعتبارات إسلامية معروفة للجميع ، خاصة بعد وصول حزب العدالة والتنمية للحكم في تركيا ، وسيطرته على جميع مراكز صنع القرار فيها.

'كما أن هنالك مؤشرات قوية تدفع إلى سرعة التحالف مع الجارة الإسلامية تركيا نوجزها لكم فيما يلي:

* إن التقارب التركي الأردني يعكس توافقا في المصالح لجميع الأطراف سياسيا واقتصاديا وعسكريا؛ لأن تركيا تشكل الآن بقيادة أردوغان من القوى الإقليمية ذات الأهمية الكبيرة في المنطقة والعالم والدول العربية يدركون تماما عظمة هذا الدور في المنطقة ، لاستباق أي محاولة من الولايات المتحدة الأمريكيةمن تنفيذ مشاريعها لا سيما بقرار ترامب حول القدس الذي انحاز بشكل سافر للموقف الاسرائيلي .

*طبيعة النظام التركي الحالي وتركيبته الإسلامية تعتبر مؤشرا مهما في تقبل الشعب الأردني للتحالف التركي الأردني ، خاصة أن الأردنيين يعلمون جيدا موقف تركيا ورئيسها الحالي من العداء لإسرائيل ودعم القضايا العربية، لاسيما القضية الفلسطينية وموقفه الأخير من الحرب على غزة الذي تمخض عنه قطع العلاقات مع حليفته الإستراتيجية بالمنطقة سابقا إسرائيل.

فيما يرى مراقبون للشأن الأردني، أن التطورات الأخيرة المتعلقة بقرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لـ”إسرائيل”، ستترك تداعيات مباشرة على تحالفات الأردن داخل المشهد الإقليمي العام.

فالأردن يقف على مفترق طرق، في ظل خيارات قليلة ومحصورة بالنسبة لعلاقاته الإقليمية، فهو كما يبدو لا يحبذ التنصل ومغادرة محور دول الاعتدال الذي تمثله السعودية في الوقت الذي تتنصل فيه هذه الدول لدور الأردن الشجاع في الدفاع عن القدس والمقدسات الإسلامية.

فيما باتت العلاقة مع السعودية تخضع لاعتبارات مختلفة ومعايير مغايرة، لما كان عليه الحال خلال العقود السابقة، في مقدمتها أنه لا منح سعودية متوقعة، علاوة على انتشار الضباب الكثيف على طريق عمان الرياض، إلى جانب روايات واختلافات جوهرية خاصة على صعيد ملف القدس ،فالأردن يقف على مفترق طرق في ظل خيارات قليلة ومحصورة بالنسبة لعلاقاته الإقليمية.

إزاء ذلك، نجد بعض الأوساط السياسية والإعلامية الأردنية بدأت تدفع باتجاه الخيار الإيراني وسط تنامي الحديث عن الخلاف الأردني السعودي أو بتوصيف أقل حدة وجود تباين في وجهات النظر بين البلدين، فيما يبدو خلص إلى أن العلاقات مع السعودية تغيرت كثيرا في ضوء اختلافات جوهرية في الرؤية بين الطرفين اللذين يعملان على إخفائها للحفاظ على المصالح المتبادلة، مقابل دعوات ومطالبات أردنية للتقارب والانفتاح على إيران خاصة بعد المؤشرات الأخيرة التي أطلقت من بعض الإعلاميين والكتاب بضرورة دراسة التحالف الإيراني الأردني ووضعه ضمن أولويات الدولة الأردنية ولاشك في لقاء رئيس مجلس النواب الأردني م. عاطف الطراونة للسفير الإيراني في عمان مؤخرا وقبوله الدعوة لحضور مؤتمر القدس في إيران ما هو إلا بداية للتحركات الأردنية وإن كانت بشيء من التحفظ.

بالتزامن مع هذه المتغيرات فإن الأردن أمام إعادة رسم تحالفاته وتبني استراتيجية جديدة مع دول الإقليم، خاصة مع إيران وسوريا في ظل تقليل الخسائر مع دول الاعتدال مع الالتزام الدقيق والعميق بالحسابات الاستراتيجية لتلك الدول.

بحيث يجب على صانع القرار أن يأخذ هذه المتغيرات بالحسبان وهو يضع أوزان المعادلة الجديدة، التي تعني للأردن ربما مفتاحا استراتيجيا للخروج من عنق الزجاجة ومن أزمته الإقتصادية الخانقة.

وخلاصة القول :

إن التحالف الأردني مع الجانب التركي والإيراني يعتبر فرصة يجب أن تغتنم من أجل ترتيب البيت الأردني من جديد ، للوقوف في وجه السياسات الأمريكية والإسرائيلية بخصوص القدس، خاصة وأن هذا التحالف إذا حالفه النجاح سوف يقضي على الآمال الإسرائيلية والأمريكية في العودة إلى دورهم الحيوي والاستراتيجي في المنطقة على حساب الأردن كما هو حاصل الآن بعد قرار ترامب الأخير بخصوص القدس .

كما أرى من وجهة نظر أخرى :
إن البوابة التركية ستظل مغلقة أمام الطموحات الأمريكية والإسرائيلية بالمنطقة في ظل وجود الحكومة التركية الحالية التي عملت على جعل تركيا في مصاف الدول المتقدمة؛ وبالتالي قطع الطريق على أي مؤامرة أمريكية أو حتى إسرائيلية لتقسيم الوطن العربي وجعله مستنقعا للحروب والفتن والسيطرة على مقدراته وخيراته ،علاوة على الموقف الإيراني الرسمي والشعبي الرافض للخطط الأمريكية في المنطقة .

بالمقابل ..الأردن بحاجة ماسة للدعم من هذا التحالف مع الأتراك والإيرانيين في ظل ما تشهده المملكة من ظروف إستثنائية جراء استضافة مليون ونصف المليون لاجىء سوري، بالتزامن مع توقف المساعدات والمنح للأردن وتركه وحيدا يجابه تكاليف فاتورة اللجوء السوري الباهضة، وهذا يعزز خياراتنا في البحث عن تحالفات جديدة مع الأتراك والإيرانيين في هذه الفترة الحرجة ويجعل من خياراتنا إن حالفها النجاح (تحالفات مشروعة ) .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات