واقع وتوقيع


اوجّه أغلب الكلمات القاسية إلى تلك الجموع ، من مُنحوا فرصة النّشوء في بيئة شبه صحيّة، وشبه مستقرة إلى حدّ ما، من لا عذر لهم من أنْ يُظهِروا أصالة المعدن في أحلك الظروف،ومِن أنْ لا يسقطهم الهوى إلى التفريط بالمؤثر من الموروث الحسن ومن القيم و الأخلاق التي جبلوا عليها ، و ليترفعوا ، برغم قسوة الظروف ،عن حقد الحاقدين وحسد الحاسدين وجهل الجاهلين وتذاكي المتذاكين ، مَنْ مِنَ المفروض أنْ لا تتأثر بوصلة الاتجاهات عندهم إلى الدّرجة التي يفقدون فيها صدقهم،فيختلّ معيار التقييم ، وتميل أحكامهم وتضعف رؤاهم ، ولينخرطوا مع ثلل الفساد الأخرى في إشاعة فوضى عارمة وجدل شائك ليس لهما نهاية محمودة، وبعض من أقصدهم هنا ، من صنّفوا كمثال حسن، كجوهرة وطنية نادرة، فموقف مشبوه لا أُظْهِر فيه حقّ ولا منع باطل يصيب بالإحباط والألم ، ويؤجّل حسم القضايا الى أجل غير مسمّى ، علينا وبعيدًا عن النظر في دوافع التسيّب الفكري أو الخوض في تفاصيل الوقائع، أن نرفض كلّ سلوك شائن ، محاولين تشخيص كلّ التجاوزات و إحباط أي خطة لتشويه الحقيقة أو حجبها كي لا ترى كما قدّر لها ، أنْ تكون تلك الأسماء تستحق بالفعل الصفحات من التمجيد ، فجلّ ما أخشاه أنّ الزاوية التي نحكم من خلالها هي زاوية المرتجف، حيث الفكر في أوج اضطرابه ، وحيث الحاجة تغتال الاختراع ، وحيث يصعب السيطرة على التلوث الذي أصاب الرؤوس والنفوس والكؤوس....ولكن ماذا عن أولئك الذين أجبروا أن يقضوا معظم سنين حياتهم في بيئة رخيصة، فضاء قاتم من المادة ، إذْ لا بد هنا من وقفة ، حيث أنني وعلى صعيد شّخصي لست من هؤلاء خصما على الإطلاق، بل على قمة مشرفة وداعمة ، مدركا التسلسل الزمني لقضية انتشارهم ، وحجم النكسات التي تعرضوا لها ـ والتي على إثرها حملوا فكر صناعة النكسات في أي بيئة يتواجدون بها ، و إن رغبت بتوجيه خطابي إلى هؤلاء ، فحديث بلا لوم ولا تأنيب ،؛ فالهدف تربويّ بحت، و بنيّة أن يتحرّر منهم من يتحرّر من العقد التي لازمتهم وتلازمهم أينما وّلوا وجوههم ، ومن أجل زرعِ بعض بذور الخير علّ جميل يثمر يوم ما ، أناس تهاوت حصونهم لينفد من أرصدتهم من الفضيلة الكثير ، فلخرابهم - الذي يصعب تمييزه جراء الخلط المتعمّد للصواب مع الخطأ وللخبيث مع الطيب - من مبدأ الانتقام؛ حظ ، ومن الفقد المتتالي للروابط الحظ الأكبر،...ومن هنا فإنّ أي تمرّد أو محاولة خروج من هذا النفق المظلم ليعدّ نصرًا كبيرا ، حتّى وإنْ علقت بعض آثار الانحطاط ، والتي على الأغلب التحمت بالشخصيّة كالتحام المعدن بالمعدن.... ربما لا يكون الحكم من خلال هذه الوجهة منصفا للجميع، ولكني أراه كافيا حين يعتبر بعض حسابات الواقع التي عادة ما تسقط بالتقادم أو بالعاطفة ، وقد يكون أيضًا لائقا دون الحاجة للاختباء خلف الحياد أو المجاملة ، وموضّحا الغموض الذي قد يعتري صورهم العامة ، ورادًا بذات الوقت أي أصوات تحاول تجميل الانتهازية والخيانة ، وأية ولادة غير شرعيّة لحقوق على حساب حقوق يمكن أنْ تُطرح بقصد أو بغير قصد..

وفي خضم هذا كلّه ، فما زلت مؤمنا بأنّ حضور الأغبياء والجهلة أمرٌ لا مفرّ منه ...فهؤلاء جزء من تلقائية الطبيعة ، وعقلانيّ استيعابهم مع ما يحشد به الأخر من ذات الفصيلة ، لكن ما يشغل بالي هو موضوع المال الكثير عند هؤلاء الأغبياء ، ماذا تفعل هذه الأموال عندهم !، وما هو المنطق ينتظر على أساسه أن يخرج من أصلابهم من يستخدم عقله كما يجب..



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات