القدس و "عهد" .. والجهاد الفيسبوكي المقدس



بقلم: ايهاب سلامة - في حوار مع صديق أعلامي مخضرم قبل أيام، قلت له أن الهبات الشعبية العربية والاسلامية على قرار ترامب بحق القدس المحتلة، سرعان ما تخبو، وتضمحل، وتعاود ذات المانشيتات اليومية المسيطرة على مساحات وسائل الاعلام بالعودة مجددًا، مثلما سرعان ما تتوجه بوصلة مواقع التواصل نحو منشورات الطبخ والنفخ، والأمثال الشعبية، والجمع المباركة، والحِكم اليومية من شعوب ما عاد يجدي بها حِكم الارض ومخلوقاتها.

ببساطة، نحن جيل خُذلنا مرات عدة، ولُعب فينا مرات عدة، وتم شحن عواطفنا ملايين المرات، مثلما فرّغت ملايين المرات، وسُحِب البساط من تحت أقدامنا كلما كنا نتنافخ بفزعاتنا المعتادة التي كانت تنشأ بغتة، وتتلاشى بغتة، بعنترياتنا المعهودة الفارغة.

نحن أمة الخيبة .. وشعوب النخوة الهراء، والفزعة الهراء، التي رضعت وهمهما من معلقة عمرو بن كلثوم : اذا بلغ الفطام لنا رضيعاً، تخرُّ له الجبابر ساجدينا !

اذا كان أحدنا يعتقد، بأن قرارًا يمس مدينة مقدسة لمئات ملايين الشعوب العربية والمسلمة، يعترف أنها عاصمة لمحتلها، دون أن تكون حسابات ردود أفعال شعوبها المنبطحة معلومة سلفاً، ومقاسة سلفاً، تكون السذاجة فينا ساذجة.

لقد اختبرت الشعوب العربية قبل الاعتراف الامريكي، بالاف الصواريخ الامريكية التي كانت تتساقط على رؤوس اطفال العراق كالمطر .. اختبرت في الصمت على احتلاله وتقسيمه شيعاً ومذاهب وطوائف، وفشلنا بكل جدارة في الاختبار.

اختبرنا في سوريا، وكانت أعيننا الجاحظة تراقب كل لحظة مذابح الأشقاء، وتطاير الرؤوس، وهتك الأعراض، وتدمير أعرق الحضارات، ولم يحرك واحدنا ساكناً، بل تواطأ منا على سوريا وأهلها، من تواطأ.

اختبرنا في غزة قبل القدس، وطائرات الاحتلال الصهيوني تدك منازلها بالصواريخ على رؤوس ساكنيها، ولم يرفع واحدنا رأسه، وتخاذلنا نحن أمة الجهاد الفيسبوكي المقدس.

الان .. تناسينا القدس وقرارها، وانشغلنا بشعر الطفلة "عهد"، وهل يجوز لها مقاومة المحتل بحجاب ودونما ؟ وافتينا بأسرها نحن قبل أن يأسر المحتل خصلات شعرها الذهبية التي تشرق الشمس منها كل صباح ..

ما الجديد في موضوع القدس، لتثار عليه قبائل الجاهلية العربية يا ترى؟، والقدس كلها محتلة، وفلسطين من نهرها الى بحرها محتلة، ونحن اكتفينا بتحقيق النصر المبجل على العدو ، في جمعية الامم المتحدة !



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات