شمس نتنياهو .. العمياء!


 في نيسان ابريل 2008 بيعت في دار بونهامز للمزادات في نيويورك لوحة "غروب الشمس فوق جبال الاطلسي" وهي لوحة استخدمت فيها ألوان زيتية ، ساطعة . لاقت اللوحة إعجاباً واقبالاً ، ليس لجماليات فكرتها او ألوانها اذ ان مشهد الغروب لا يتطلب خيالاً مبدعاً باعتباره ثاني أوضح المسلمات في الطبيعة ، وما يتكرر يومياً في متوالية ثابتة ، بعد الشروق طبعاً . لكن أهميتها ، اي أهمية اللوحة ، جاءت من أن راسمها هو ونستون تشرشل رئيس وزراء بريطانيا الأسبق ، رجل الحرب والسلام وأحد القادة الذين أوقفوا هتلر عن مواصلة طريق جنون القوة العمياء.

فلسفة تشرشل كانت مؤسسة على مبدأ القوة والارادة لا مجرد الاندفاع وراء الوطنية والكرامة ، وليس أيضاً من دونهما. اذ ان الكلمتين الاخيرتين في تفسيرهما اللغوي تندرجان في اطار معنوي جميل محلق فيما القوة والارادة ، وحتى يكون لهما معنى ، لا بد وان تتجسدا على الارض من خلال ادوات القوة ، السلاح بأشكاله المتعددة من دبابات وطائرات ورصاص ، ومن خلال الارادة التي تحرك هذه الادوات وفقاً لخطط عسكرية وسياسية.

فلا يكفي أن تكون قوياً ذا ارادة من دون وطنية وكرامة وإلا أصبح الفرق هنا كالفرق بين معنى الجرأة والوقاحة ، بين الشجاعة والتهور.

رسم تشرشل لوحة غروب الشمس من شرفة فندقه في مراكش حين كان يقضي اجازته العام ,1935 وفيما بعد اصطحب الى نفس المكان الرئيس الاميركي آنذاك فرانكلين روزفلت ليريه ذاك المنظر الخلاب اثناء الحرب العالمية.

انه نفس الرجل المحارب الفنان وذاتها الاصابع التي كانت ترسم الخطط العسكرية والخطوط الملونة للوحة الحياة الجميلة. ربما لذلك انتصر تشرشل،

لكن ، كيف ينتصر من يؤمن ان الشمس له وحده ولشعبه. وأنها يجب ان تشرق على مشروعه - الصهيوني - فقط تاركا الغروب لـ "الآخر" الذي هو في فكره وعرفه ، كل ما عداه؟،

و.. كيف يمكن لنتنياهو ان يحقق الامن والحياة لاسرائيل فيما هو ما يزال يبحث لاسرائيل عن "مكان تحت الشمس" - وهذا عنوان كتابه الحديدي الصادر في التسعينيات - ان "ما يزال" ليست بين مزدوجين فقط بل بين اسلحة نووية وطائرات حربية ودبابات عمياء. والأهم بين انهار من الدم الفلسطيني والعربي وطبعاً اليهودي؟،

واذا كان قول هيجل"التاريخ ظل الإنسان على الجغرافيا" ، فان نتنياهو وساسة اسرائيل يلونون الأرض بقطران الكراهية المقطر من مزيج الحقد والخوف المتأصل في الذات اليهودية. وهو نفس المزيج الذي اهلك ممالك بني اسرائيل على مر التاريخ. وما اسرائيل اليوم الا احداها،.

اي انتصار ستحقق قوة تقتل الزيتونة وتحارب اطفالاً اقتلعت ايديهم من اجسادهم لكنها لم تستطع ان تقتلع من وجدانهم الحلم؟،
الدستور



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات