اسرائيل وسياسة الارض المحروقة .. في مراعي الاغوار


جراسا -

من على قمة تل في منطقة حمامات المالح شمال الغور، يراقب مجموعة من الرعاة كيف تشتعل النيران في قمة جبل مقابل لمضاربهم بعد صباح طري.

وعلى سفح الجبل المواجه لهم تتحرك دبابات تشارك في حملة مناورات عسكرية اسرائيلية بدأت منذ أيام في المنطقة التي ينظر إلى تضاريسها على أنها الأفضل لتدريب الجيوش، نظراً لتنوع تضاريسها وخلوها من السكان تقريباً.

ساعات قليلة بعد اندلاع النيران، تحول لون قمة الجبل إلى الأسود، بعد أن سرت النيران التي اشتعلت بفعل إطلاق الذخيرة الحية في الهشيم. وقال راع كان يلوذ بقطيع مواشيه بعيدا عن منطقة المناورات: إن الجيش يعسكر في المنطقة منذ أيام ويمنع الجميع من دخولها.

وأمكن مشاهدة مجموعة كبيرة من الجنود الاسرائيليين يسيرون بخطى سريعة وراء بعضهم البعض قرب تجمع للآليات العسكرية التي يمكن مشاهدتها من وسط المضارب.

وعندما اندلعت النيران وسرت في الهشيم المتيبس واندفع الدخان الأبيض في الأفق، تلاشت صورة الدبابات الاسرائيلية شيئاً فشئياً حتى اختفت تماماً عن الأنظار.

وخلف خطوط الجيش مراع طبيعية يخشى الرعاة أن تحترق هي أيضاً.

وقال راع رفض الإفصاح عن اسمه ويسكن في منطقة مجاورة، "لا يمكن توقع ما يفعلونه عندما يناورون، نحن لا نسمع إلا أصواتهم في الليل، وفي النهار ينتشرون على قمم الجبال والتلال المجاورة".

واشعلت المناورات الاسرائيلية خلال الأيام الماضية حرائق في عدة جبال، يمكن تمييزها بسهولة. وقال عارف دراغمة وهو مسؤول محلي في المنطقة "لا يكاد يخلو يوم من اندلاع النيران في المراعي".

وأضاف إن آلاف الدونمات أحرقت خلال الأسبوعين الماضيين بسبب المناورات التي استخدمت فيها الآليات العسكرية الضخمة.

والغور ذاته يعتبر اكبر حظيرة مواش طبيعية تنمو فيه الأعشاب مبكراً، نظراً لاعتدال درجات الحرارة، لكنها تجف مبكراً بداية الصيف وتصبح وقوداً ممتازاً لاشتعال النيران.

وتشكل منطقة غور الأردن التي تمتد على شريط واسع من الأرض في القسم الشرقي من الضفة الغربية مسرحا حيويا للتدريبات العسكرية الإسرائيلية.

لكن الحكومة الفلسطينية تعمل بقوة في تنفيذ مشاريع مضادة للسيطرة الإسرائيلية، مثل بناء مساكن بسيطة للسكان.

وقال الباحث في شؤون الاستيطان وليد أبو محسن، إن الجيش الاسرائيلي يستخدم 1000كم2 من مساحة الغور كمناطق رماية وتدريب، من اصل 1300كم2 هي مساحة الغور كله من الجنوب إلى الشمال.

وأشار إلى أن الجيش الاسرائيلي أقام عدداً من المعسكرات في المنطقة تسيطر على مساحات واسعة من الأرض.

وفي منطقة الحمامات أقيم معسكر "ناحال"، وهو من اكبر معسكرات الجيش في المنطقة، ويعد قاعدة انطلاق له خلال جولات المناورات التي تمتد على طول السنة. ويمكن ملاحظة الدبابات تدخل وتخرج من المعسكر.

وأقيمت معسكرات الجيش الاسرائيلي في الغور لهدف آخر؛ وهو توفير الحماية للمستوطنات الزراعية التي تبلغ نحو 30 مستوطنة.

ويشكل التوسع الاستيطاني الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس، خرقاً لخارطة الطريق وأكبر تهديد للمفاوضات ولعملية السلام التي أعيد إطلاقها مؤخرا من خلال المفاوضات غير المباشرة، من اجل إقامة الدولة الفلسطينية وحل قضايا الوضع النهائي بما في ذلك الاستيطان.

وغير مرة قال رئيس الوزراء سلام فياض انه لا دولة بدون القدس والأغوار، في المقابل تنظر إسرائيل إلى المنطقة على أنها عمق استراتيجي لحماية الحدود الشرقية.

وقال فياض في وقت سابق عندما زار المنطقة: إن حدود الدولة الفلسطينية الشرقية هي الأردن.

ومن التلة ذاتها التي يقف عليها الرعاة يمكن مشاهدة الأردن بجبالها وغورها بسهولة.

وقال وزير الدولة لشؤون الاستيطان ماهر غنيم لـ "الأيام": "الإسرائيليون يحاولون ضم المنطقة إلى دولتهم، هذه المنطقة جزء أصيل من الأرض الفلسطينية".

وقال أبو محسن إن "خطورة الوضع في الغور تكمن في أن هناك 1500كم2 من الأرض الفلسطينية لا يقطنها سوى نحو 100 ألف فلسطيني، في منطقة تشكل مساحتها أكثر من ربع الضفة الغربية، مقابل مدينة مثل نابلس لا تتعدى مساحتها 22كم2 يقطنها عدد اكبر من السكان".

وقبل اشهر وسعت الحكومة الإسرائيلية مستوطنة "مسكيوت" ونقلت إليها بيوتاً جاهزة لاستيعاب عدد من آخر من متدربي الجيش في المراحل الأولى من عمرهم العسكري.

ويجري جزء من التدريبات في محيط "مسكيوت"، وفي محيط تلك المستوطنة التي أقيمت على قمة تلة منبسطة اندلعت فيها النيران.

في هذه المنطقة المحاطة بسلسلة من الجبال والتلال الصغيرة التي تشكل في مجملها منطقة وادي المالح، يمكن ملاحظة سيارات الجيش الاسرائيلي تتحرك على الطريق المعبدة التي تقود إلى المستوطنة.

وفي الغور أقام جيش الاحتلال شبكة من الطرق لربط المعسكرات يحظر على الفلسطينيين دخولها.

وقال غنيم "كل ما يجري في الغور يهدف إلى تقييد حركة المواطنين وإفراغ هذه المنطقة من سكانها تمهيداً لضمها لدولة إسرائيل".

وتساءل راع بينما كان يشير إلى طريق ترابية تفضي إلى منطقة رعوية ويستخدمها الجيش في تحركاته، فيما إذا كان للسلام أن يتحقق في ظل الاستيطان، أم أن ما يجري ربما مقدمة لحرب.


المشهد في الغور بأكمله حربي

في محيط معسكرات الجيش الاحتلالي في الأغوار تصطف آليات عسكرية كثيرة، وقرب أحدها نصب الجيش خياما جديدة ينطلق منها للتدريبات في الجبال.

وتخلو كل تلك المنطقة من القرى، ويسكن فيها رعاة في منازل خيشية غالبا ما تتعرض للهدم بين حين وآخر. ومنطقة الحمامات ذاتها التي تجري فيها المناورات تعرضت لأكثر من مرة لعمليات هدم من قبل الجيش.

وقال أبو محسن إن معسكرات الجيش الاسرائيلي في الغور تسيطر عمليا على اكبر من مساحتها، مشيرا إلى أن معسكراً مثل معسكر "تياسير" الذي لا تشكل مساحته سوى بعض الدونمات يسيطر على مساحات واسعة تستخدم للتدريبات.

عن "الايام"



تعليقات القراء

؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
الى الكاتب الكبير احمد خليل القرعان مع التحية
26-05-2010 11:49 AM
ذكريات
حسبي الله عليهم
26-05-2010 01:39 PM
لولو
وين الكاذب القرعان هيهم وصلوا الحدود ورجينا مراجلك يا ابو المراجل قدم استقالتك وروح حاربهم لانهم اعتدوا عليكم ولن تحاربهم الا اذا اعتدوا عليكم وهذا اصبح اليوم ورجينا شو بك تعمل ؟

مع انه النتيجة عارفينها راح تخبي الخبر وتعمل حالك ما قريته
او تكتب باسم محمد الخلايلية وزرقاء العز والمواجدة وغيرهم .....
شكلك وصلت للي بدك اياه وقربت اسرائيل توصلك يا خائن يا قرعاني
26-05-2010 02:16 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات