الوصايا العشر المتناقضة


الكاتب: عوض الصقر
بالفعل فقد صدق من قال إن إرضاء الناس غاية لا تدرك.. وهذه حقيقة يدركها كل من كرس وقته وجهده وعلاقاته للعمل الانساني التطوعي.. فاذا تمكنت من خلال جمعية خيرية على سبيل المثال ، من توزيع مساعدات عينية على مئة أسرة محتاجة فإنك في المقابل تكسب العداوة والكراهية والحقد من مئة أسرة أخرى على الأقل..
إذا ما هو الحل.. هل نتوقف عن العطاء وخدمة الفقراء والمحتاجين ونتقوقع على أنفسنا ، وبذلك نعطل طاقتنا وإمكاناتنا المتوجهة نحو عمل الخير على عكس ما أراد الله تعالى منا في هذه الحياة القصيرة الفانية امتثالا لقوله جلت قدرته (وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وما تقدموا لانفسكم من خير تجدوه عند الله) وقوله تعالى (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره) ..كما أن رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم يحثنا على عمل الخير فهو يقول (الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله) ويقول في حديث آخر (خير الناس أنفعهم للناس).

ما دفعني للحديث حول هذا الموضوع هو الكاتب الامريكي كينت كيث الذي ألف في العام 1968 كتابا أسماه الوصايا العشرة المتناقضة
، 10 paradoxical commandments
وحولها في عام 2002 الى كتاب أسماه (على أية حال) وقد احتل الكتاب مركز الكتب الاكثر مبيعا في تلك الحقبة ولفترات طويلة.
وفي ضوء أهمية هذا الكتاب فقد تمت ترجمته الى عدة لغات وبالتالي لفتت هذه الوصايا المتناقضة أنظار العالم وتم تحويلها الى ملصقات جرى تعليقها على الجدران والابواب.. وانطلاقا من هذا الواقع أردت أن أسلط الاضواء عليها ولا سيما أنها تتطابق مع مفهوم إرضاء الناس غاية لا تدرك.
فأول هذه الوصايا: (الناس غير منطقيين وغير عقلانيين ولا تهمهم إلا مصلحتهم ، عليك ان تحِبهم على أية حال)..
وثانيها: (إذا فعلت الخير سيتهمك الناس بأن لك دوافع أنانية خفية ، إفعل الخير على أية حال)..
وثالثها: (إذا حققت النجاح سوف تكسب أصدقاء مزيفين وأعداء حقيقين ، إنجح على أية حال).. ورابعها: (الخير الذي تفعله اليوم سوف ينسى غداً ، إفعل الخير على أية حال)..
وأما خامس هذه الوصايا: فهي (إن الصدق والصراحة يجعلانك عرضة للإنتقاد ، كن صادقاً وصريحاً على أية حال).. وسادسها: (إن أعظم الرجال والنساء الذي يحملون أعظم الأفكار يمكن أن يوقفهم أصغر الرجال والنساء الذين يملكون أصغر العقول ، إحمل أفكاراً عظيمة على أية حال).. في حين كانت الوصية السابعة: (الناس يحبون المستضعفين لكنهم يتبعون المستكبرين.. جاهد من أجل المستضعفين على أية حال).. وأما الوصية الثامنة: فكانت (ما ينفقه الناس في البناء لسنوات قد ينهار بين عشية وضحاها.. إبني على أية حال) في حين كانت الوصية التاسعة: (الناس في أمس الحاجة إلى المساعدة لكنهم قد يهاجمونك إذا ساعدتهم ، ساعدهم على أية حال) وأما الوصية العاشرة والاخيرة فهي: (إذا أعطيت العالم أفضل ما لديك سيرد عليك البعض بالإساءة ، أعط العالم أفضل ما لديك على أية حال)..

وبعد فاذا كان هذا هو الواقع المحبط والمؤسف لحال الكثير من الناس ممن يسعون لمقابلة الاحسان بالاساءة وعمل الخير بنزعة الشر والاساءة ، فهل يتوقف أهل الخير والعطاء عن
لتكريس أقصى طاقاتهم وأقصى ما لديهم لمساعدة الاخرين ممن هم في أمس الحاجة للعون والاغاثة والمساعدة ولو بالكلمة الطيبة والابتسامة البريئة المعبرة امتثالا لقوله تعالى: (ألم ترد كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء)..
إنني اعتقد جازما ان جحود البعض ونكرانهم للجميل ، يجب ان لا يحول بيننا وبين عمل الخير ومساعدة المحتاجين والوقوف الى جانبهم ، والله لا يضيع أجر من أحسن عملا..



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات