عذراً نبينا


نحبك ولا نعمل بهديك , نحبك ويكره بعضنا بعضاً , ويقتّل بعضنا بعضاً , رغم اننا نعلم جيداً ان الامتثال لما امرتنا به هو طريقنا للفلاح والنجاح , وان الحق يقول لنا ( وما اتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فأنتهوا ) يا من منحتنا بهديك سبل الرشاد واخرجتنا من الظلمات الى النور , ووضعت بين ايدينا شرع ودستور لو تمسكنا به وطبقناه منهجاً وسلوك , لما آلت اليه امورنا الى ما نحن فيه من تشرذم وهوان وانقسام وتخاذل .

تركنا هديك , ولهثنا وراء اهوائنا , كل يسير على هواه ويتبع ما يحقق له مبتغاه , بدون مراعاة ولا احترام لما امرتنا به ونهيتنا عنه . جاءت رسالتك لتقضي على سائر ألوان الانحراف الموجود في الحياة البشرية بكل اشكالها ، وتركت لنا دستوراً وميزاناً معتدلاً نرجع إليه ، ونهتدي به لتحقيق هذه الغاية ألا وهو القرآن الكريم , ولكننا يا نبينا نمارس الان كل الوان واشكال الانحراف سواء منه الاخلاقي والفكري والديني , باتت الغاية تبرر الوسيلة , وباتت الافكار المتطرفة تنتشر بين ظهرانيننا كما تنتشر النار في الهشيم .

جاءت شريعتك لتنهى عن الغش والظلم والكبر والخداع والكذب والفحشاء وقطيعة الرحم، وغير ذلك الكثير, وهذا ما جعلها شريعة شاملة لأصول الحياة البشرية التي لا تتبدل . ولكننا بتنا نتجرد من قيمنا وثوابتنا لنتماهى مع ما فرضته علينا متطلبات العالم الجديد حتى بتنا بلا هوية , اصبحنا تبعاً لاهواء وسياسات غيرنا , تحت شعار ما يسمى بالعولمة والتطور .

جاءت رسالتك بمبدأ المساواة التي لا يميز فيها أحداَ عن أحد ، ولا يُجعل الناس فيها طبقة دون طبقة ، بل جميعهم سواسية أمام أحكام الشريعة ؛ فكان العدل المطلق أهم سمات ديننا . اما الان فقد عدنا لعهد الجاهلية والذيْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمْ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمْ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ، فقد استشرى الظلم وبات البقاء للاقوى والمنفعة فوق كل شئ .

ماذا نقول بعد يا رسولنا فحالنا مخجل ووضعنا مؤلم , لقد تحقق فينا حديثك الشريف " يُوشِكُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمُ الأُمَمُ مِنْ كُلِّ أُفُقٍ كَمَا تَتَدَاعَى الأَكَلَةُ عَلَى قَصْعَتِهَا ، قُلْنَا : مِنْ قِلَّةٍ بِنَا يَوْمَئِذٍ ؟ قَالَ : لا ، أَنْتُم يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ ، وَلَكِنَّكُمْ غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيْلِ ، يَنْزَعُ اللَّهُ الْمَهَابَةَ مِنْ قُلُوبِ عَدُوِّكُمْ وَيَجْعَلُ فِي قُلُوبِكُمُ الْوَهَنَ ، قِيلَ : وَمَا الْوَهَنُ ؟ قَالَ : حُبُّ الْحَيَاةِ وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ " .

صدقت يا رسول الله فهذه هي حالنا فقد جاوزنا المليار , ولكن بلا تأثير او قدرة على تحديد المصير ’ تشغلنا الدنيا بزخرفها , همنا الكراسي والمتعة , تحكمنا المنفعة والشخصنة والانانية والجهوية والفئوية والتعصب والطائفية والقبلية . نعم عدنا لعهد الجاهلية لاننا ابتعدنا عن شريعتنا السمحة والتي لو تمسكنا بها لن نظل ابداً , فعذراً نبينا لتخاذلنا , واملنا بالله كبير بأن يتحقق الوعد ويعود لهذه الامة رشدها ومجدها . ونسأل الله ان يسود الامن والامان في كل مكان , وكل عام وامتنا بأحسن حال .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات