شكل الأمن الفلسطيني بعد المصالحة


جراسا -

لا يُخفي السياسيون الفلسطينيون أن الملف الأمني من أكثر الملفات تعقيدًا في مباحثات المصالحة الفلسطينية المرتقبة في القاهرة؛ فليس من السهل تغيير بنية الأجهزة الأمنية وعقيدتها بين عشية وضحاها بعد عشر سنوات من العمل في ظل انقسام سياسي وجغرافي.

ويرتبط ملف الأمن بالسيادة على الأرض، فحكومة الوفاق الوطني تتحدث بشكل شبه يومي عن ضرورة حل هذا الملف لضمان تمكينها فعليًا على الأرض، رغم أن حل هذا الملف عمليًا قد يستغرق أكثر من عام، وبالتالي فإن حل أزمات القطاع قد يتأجل إلى حين غير معلوم.

وأقر اتفاق القاهرة عام 2011- أرضية الحوارات المرتقبة- تشكيل لجنة أمنية عليا يُصدر الرئيس الفلسطيني محمود عباس مرسومًا بها، تتكون من ضباط مهنيين بالتوافق، وتمارس عملها تحت إشراف مصري وعربي لحل الملف الأمني في الضفة وغزة، وتكون من بين مهامها رسم السياسات الأمنية والإشراف على تنفيذها.

ونص الاتفاق على إعادة بناء وهيكلة الأجهزة الأمنية الفلسطينية بمساعدة مصرية وعربية في كل من الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة مع التأكيد على حق الضمان الوظيفي لجميع العاملين بالأجهزة الأمنية من خلال الاستيعاب أو الإحالة إلى التقاعد أو نقل إلى وظائف مدنية.

وتبدأ العملية باستيعاب ثلاثة آلاف عنصر من منتسبي الأجهزة الأمنية السابقة في الشرطة والأمن الوطني والدفاع المدني في الأجهزة القائمة في غزة مباشرة، على أن يزاد هذا العدد تدريجيًا حتى إجراء الانتخابات التشريعية وفق آلية يتم التوافق عليها، وتتكفل مصر والعرب بتأمين كافة مستلزمات استيعاب هذه العناصر.

وفيما يتعلق بالمساعدة العربية في هذا الشأن، اتفقت الأطراف على تشكيل لجنة اتصال مع العرب تكون مهمتها تقديم الاحتياجات بعد تحديدها من كل جهاز، بالإضافة إلى استقبال الوفود الأمنية الزائرة بغرض تقديم المساعدة للأجهزة الأمنية على أن يكون محكومًا بضوابط المهمة وفق جدول زمني محدد.

واتفقت الفصائل في القاهرة عام 2011 على أن يكون عدد الأجهزة الأمنية وفق قانون الخدمة في قوى الأمن الفلسطينية لسنة 2005، وهو ما يضمن سلامة الوطن والمواطنين داخليًا وخارجيًا.

وينص القانون على أن تتشكل الأجهزة الأمنية من ثلاثة أجهزة رئيسة هي: قوات الأمن الوطني وجيش التحرير الوطني الفلسطيني، وقوى الأمن الداخلي (الشرطة- الدفاع المدني- الأمن الوقائي/ الأمن الداخلي)، والمخابرات العامة، وفي حال استحداث أي قوى تكون ضمن الأجهزة الثلاثة.

وأكد اتفاق القاهرة 2011 ضرورة أن تكون الأجهزة الأمنية مهنية غير فصائلية مرجعيتها قانون الخدمة في قوى الأمن الفلسطينية، وتخضع للمساءلة والمحاسبة أمام المجلس التشريعي.

وشدد على أن "أي معلومات أو تخابر أو إعطاء معلومات للعدو تمس الوطن والمواطن الفلسطيني والمقاومة، تعتبر خيانة عظمى يعاقب عليها القانون".

وحرّم الاتفاق الاعتقال السياسي، مؤكدًا في نفس الوقت احترام الأجهزة الأمنية لحق شعبنا في المقاومة والدفاع عن الوطن والمواطن، وإبعادها عن الخلافات السياسية بين القوى والفصائل وعدم تجريحها وتخوينها واعتبارها ضمانًا لأمن الوطن والمواطن واستقرارهما.

وحدد اتفاق القاهرة 2011 الذي توصلت إليه الفصائل الفلسطينية تعريف كل جهاز من الأجهزة الأمنية ومهامه بالتفصيل.

وبالنسبة إلى جهاز الأمن الوطني فهو "هيئة عسكرية نظامية، تؤدي وظائفها وتباشر اختصاصاتها تحت قيادة القائد العام، وهو الذي يصدر القرارات اللازمة لإدارة عملها وتنظيم شؤونها كافة، وفقًا لأحكام القانون والأنظمة الصادرة بمقتضاه".

ويختص الجهاز بحماية سيادة البلاد وتأمين سلامة أراضيها والمشاركة في تعميرها والمساعدة في مواجهة الكوارث الداخلية وذلك وفقًا للحالات التي يجوز فيها الاستعانة به في المهام غير العسكرية، كما يُناط به تنفيذ الأحكام القضائية والأوامر الصادرة عن السلطة ذات الاختصاص فيما يتعلق بقوى الأمن وفق النظام والقانون العسكري.

ومن مهام الجهاز أيضًا حماية الوطن من أي اعتداء خارجي، ومواجهة التهديدات الخارجية والداخلية في مناطق انتشارها، ويشترك في التصدي لحالات الطوارئ المحددة دستوريًا، وله التمثيل العسكري في السفارات بالخارج.

وفيما يتعلق بقوى الأمن الداخلي والتي تشمل الشرطة والدفاع المدني والأمن الوقائي/ الأمن الداخلي، فهي "هيئة أمنية نظامية، تؤدي وظائفها وتباشر اختصاصاتها برئاسة وزير الداخلية وبقيادة مدير عام الأمن الداخلي وهو الذي يصدر القرارات اللازمة لإدارة أعمالها وتنظيم شؤونها".

وحدد الاتفاق مهام قوى الأمن الداخلي بحفظ النظام العام والحفاظ على الآداب والأخلاق الفاضلة، وحماية أمن المواطن وحقوقه وحرياته والمؤسسات العامة والخاصة، وتنفيذ واحترام القانون، والقيام بأعمال الدفاع المدني والإنقاذ وإطفاء الحرائق، ومكافحة كافة أعمال وصور التجسس داخل الوطن، والمحافظة على الجبهة الداخلية من أي اختراقات أو تهديدات خارجية، وتنفيذ الأحكام القضائية أو أي قرارات قانونية صادرة عن السلطة ذات الاختصاص وفق ما ينص عليه القانون.

ومن أبرز قوى الأمن الداخلي جهاز الشرطة، وحدد الاتفاق مهامه بالمحافظة على النظام والأمن وحماية الأرواح والأعراض والأموال والآداب العامة، ومنع الجرائم، والعمل على اكتشافها وتعقبها والقبض على مرتكبيها وتقديمهم للعدالة، وإدارة مراكز الإصلاح وحراستها، وتنفيذ القوانين والأنظمة والأوامر الرسمية، ومعاونة السلطات العامة بتأدية وظائفها وفق أحكام القانون، ومراقبة وتنظيم النقل على الطرق، وحماية التجمعات والمسيرات حسب القانون.

أما جهاز الأمن الداخلي/ الوقائي؛ فمهمته مكافحة الأعمال التجسسية داخل أراضي السلطة، ومتابعة الجرائم التي تهدد الأمن الداخلي للسلطة والعمل على منع وقوعها، والكشف عن الجرائم التي تستهدف الإدارات الحكومية والهيئات والمؤسسات العامة والعاملين فيها، وتوفير المعلومات للقيادة السياسية للاسترشاد بها في التخطيط واتخاذ القرارات.

وفيما يتعلق بجهاز الدفاع المدني فإن مهامه تكون وفق "قانون الدفاع المدني الفلسطيني".

بينما تكون مهام جهاز الأمن والحماية حماية الشخصيات الرسمية والقيادات الحكومية خلال تحركاتهم الداخلية وأثناء السفر للخارج، وتوفير الحماية للوفود الأجنبية، وتأمين أماكن اللقاءات والاجتماعات الرسمية، ومتابعة أمن وفحص المركبات التابعة للجهاز والشخصيات، وحماية مواكب الشخصيات وتحركاتهم داخل الوطن، وتوفير الحماية للشخصيات والزوار في معابر الوطن وتسهيل مهمة السفر، وتوفير الأماكن الآمنة لإيواء الشخصيات والقيادات الحكومية في حالة الطوارئ، ووضع خطط الطوارئ لتنقل واتصالات الشخصيات والقيادات الحكومية في حالة الطوارئ.

وعرّفت الاتفاقية جهاز المخابرات العامة بأنه "هيئة أمنية نظامية مستقلة تتبع الرئيس الفلسطيني، وتؤدي وظائفها وتباشر اختصاصاتها برئاسته وتحت قيادته، وهو الذي يصدر القرارات اللازمة لإدارة عملها وتنظيم شؤونها كافة".

وأقر الاتفاق مهام جهاز المخابرات وفق قانون المخابرات العامة الفلسطينية، ومنها اتخاذ التدابير اللازمة للوقاية من أية أعمال تعرض أمن وسلامة فلسطين للخطر واتخاذ الإجراءات اللازمة ضد مرتكبيها وفقًا لأحكام القانون، والكشف عن الأخطار الخارجية التي من شأنها المساس بالأمن القومي الفلسطيني في مجالات التجسس والتآمر والتخريب أو أعمال أخرى تهدد وحدة الوطن وأمنه واستقلاله ومقدراته، والتعاون المشترك مع أجهزة الدول الصديقة المشابهة لمكافحة أية أعمال تهدد السلم والأمن المشترك، أو أي من مجالات الأمن الداخلي، شريطة المعاملة بالمثل.

واتفقت الفصائل في القاهرة 2011 على أن تنطلق عقيدة الأجهزة الأمنية وفق ما نص عليه القانون الأساسي (المادة 84) مع إضافة جملة "وحماية حقوقه المشروعة"، كما اتفقت على أن تكون مرجعية قوى الأمن وفقًا لما تم الاتفاق عليه في مهام الأجهزة الأمنية.

ونصت (المادة 84) من القانون الأساسي الفلسطيني لعام 2003، وتعديلاته لعام 2005، على أن وظيفة الأجهزة "الدفاع عن الوطن وخدمة الشعب وحماية المجتمع والسهر على حفظ الأمن والنظام العام والآداب العامة وتؤدي واجبها في الحدود التي رسمها القانون في احترام كامل للحقوق والحريات، وأن تنظم بقانون".

ونص اتفاق المصالحة 2011 على الرجوع إلى المجلس التشريعي لإصدار قانون لمجلس الأمن القومي الفلسطيني.

وشكّل الرئيس محمود عباس مجلس الأمن القومي بناء على اتفاق مكة المكرمة للمصالحة بين حركتي "فتح" و"حماس" عام 2007.

وحدد مرسوم رئاسي مهمات المجلس بوضع السياسات الاستراتيجية للأمن والسياسات الأمنية والخطط، وسيطلع على المفاوضات الأمنية ويشرف على الأمن الاقتصادي للسلطة الفلسطينية.

ويضم المجلس بالإضافة إلى الرئيس ورئيس الوزراء، وزراء الخارجية والداخلية والعدل والمالية ورئيس المخابرات وقائد الأمن الوطني، ومستشار الأمن القومي، ورئيس دائرة المفاوضات في منظمة التحرير.

ويوحّد المجلس عمل الأجهزة الأمنية التابعة للرئيس والأخرى التابعة لوزارة الداخلية.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات