موافقون على الدولة .. ولكن أين الأرض ؟


....وتبقى دائما هناك الكثير من الأسئلة والتساؤلات التي تبحث عن أجوبة مقنعة ...أعني ..أجوبة تتوافق مع العقل والمنطق وفيها شيء من الواقعية ... وعلى رأس هذه الأسئلة ...حتى لو وافق الفلسطينيون على أي حل يضمن لهم اقامة دولة ..او نصف دولة ..او حتى ربع دولة ...فأين هي الأرض التي ستقام عليها هذه الدولة او النصف او الربع دولة ..وماذا أبقت اسرائيل للفلسطينيين من أراض ليقيموا عليها دولتهم ؟ ففلسطين التاريخية لا تتجاوز مساحتها 27000 كم مربع ...أقيمت اسرائيل على ما يقارب أربعة اخماسها في عام 1948 م ..ليبقى حوالي 6000 كم مربع هي كل اراضي الضفة الغربية يضاف اليها 360 كم مربع هي المساحة الكلية لقطاع غزة ...والكل يعلم ان واحدة من اعلى الكثافات السكانية في العالم هي في قطاع غزة حيث يعيش اكثر من 1500000 مواطن فلسطيني على مساحة محدودة لا تتسع لربع هذا العدد ... ومع ذلك نجد هناك من يزعم ويدعي ان حركة حماس تريد ان تبني الدولة الفلسطينية على هذه الأرض المحدودة جدا بالمساحة ...وانا هنا لا ادافع عن حركة حماس بقدر ما ادافع عن ضرورة استعمال العقل الذي وهبنا الله اياه ...فأي مجنون ( فرد او حركة او حزب ) يسمح لنفسه بمجرد التفكير باقامة دولة على 360 كم مربع بمليون ونصف المليون من السكان ؟ وحتى لو اضفنا الضفة الغربية بعد ام اقتطعت اسرائيل من مساحتها لإقامة المستوطنات والجدار العنصري ما يقرب من النصف ليبقى 3000 كم مربع فقط ....فهل من السهل اقامة دولة حرة ومستقلة باربعة ملايين فلسطيني في الضفة والقطاع على 3000 كم مربع ؟ هذا ناهيك عن 4000000 فلسطيني يعيشون في المنافي بالإضافة الى مليون ونصف من فلسطينيي ال 1948 بتهددهم يوميا خطر الطرد من ارضهم وتهجيرهم منها ؟ وهنا يلفت الإنتباه ما قاله " زيغلر" المقرر الدولي لحق الإنسان في الغذاء كما اوردته صحيفة " الأخبار" اللبنانية في 27 / 11 2007 م ...حيث افاد بأن 65 % من الشعب الفلسطيني في الضفة والقطاع يعانون من سوء التغذية المزمن ...وأن اكثر من 15 % من الأطفال تحت سن العاشرة يعانون من تشوهات نفسية ناتجة عن سوء التغذية ...وأن اسرائيل تسيطر على اكثر من 80 % من مصادر المياه في الضفة والقطاع مما يضطر الفلسطينيين الى شراء احتياجهم من المياه من الشركات الإسرائيلية ...وأن هناك 285 قرية وبلدة فلسطينية معزولة بالكامل بسبب الحصار العسكري بحيث اصبح من الصعب على السكان مزاولة اي عمل زراعي او تجاري او غيره من الأعمال ...أما عن السكان في قطاع غزة ...فقد قال ان اسرائيل تحتجزهم كالحيوانات في قفص كبير ...وأضاف هذا المسؤول الأممي يقول ...انه احتلال عسكري ...ومن المستحيل مقارنة الوضع في فلسطين بالوضع في أي منطقة اخرى على سطح كوكبنا ..وأن اراضي الفلسطينيين تقضم بشكل يومي بحيث انه اصبح من المتعذر اقامة اية دولة على ما تبقى من اراض فلسطينية ...إذ ليس هناك من حدود نهائية تقام عليها مثل هذه الدولة بسبب القضم الإسرائيلي المستمر واليومي لها ...وفي نفس المقابلة مع صحيفة " الأخبار" البيروتية ..يشيد " زيغلر " بروح المقاومة عند الشعب الفلسطيني ويندد باللجنة الرباعية وعضوية الأمم المتحدة بها وانصياع اوروبا للرغبات الأمريكية وتواطئها بهذا الشأن ...بل ويطالب بانسحابها من اللجنة الرباعية حتى لا تكون شاهد زور لا حول له ولا قوة امام الجبروت الأمريكي والإنحياز الأمريكي الفاضح والمعلن الى الجانب الإسرائيلي ...لقد شرح هذا الموظف الأممي "زيغلر " المنصف وعلل وأدان وشجب ...الخ ...ولكن ...ماذا عن الموقف الرسمي العربي ؟ إن تمزق الوطن العربي والمماحكات المستمرة بين قادته وحكامه وعداء اقطاره وأنظمة الحكم فيه لبعضها البعض والنزاعات فيما بينها على كل شيء ولأتفه الأسباب ..كل ذلك جعلها انظمة تابعة للإمبريالية الأمريكية تنشد ودها ومساندتها ولو كان ذلك على حساب قضية العرب المركزية الأولى في فلسطين ...وقد أضر ت هذه المواقف بفلسطين كما الحقت الضرر بكل الأقطار والشعوب العربية ...وهذا بالتأكيد نتاج مخطط امبريالي قديم يتجدد دائما في غفلة من الشعوب والحكام على حد سواء ...انا لا اميل الى التبرير او الى عزو كل ما نحن فيه من تخبطات الى نظرية المؤامرة ...ولكن المؤامرة موجودة ...ومنذ زمن طويل ...ونحن العرب " اقصد اساسا الحكام العرب " لا تقل مسؤوليتنا عن مسؤولية الغرب المتآمر " بريطانيا وامريكا اساسا " ...اذ ان استمرار ما نحن فيه من حالة مزرية ومتردية لا يعود فقط لعنصر المؤامرة ...بل لفشلنا أيضا في كشف هذه المؤامرة مما جعل حكامنا ينساقون وراءها دون ان يسمحوا لأنفسهم او لشعوبهم التوقف للحظة مراجعة او اعادة نظر ... فحكامنا من النوع الذي" لا يرحم ولا يجعل رحمة الله تنزل ".... وتحضرني هنا كلمات خاطب بها المرحوم الشيخ احمد ياسين مؤتمر القمة المنعقد في الدار البيضاء عام 2004 م في رسالة وجهها للمؤتمرين ... جاء فيها ما نصه ..." لا تنتظروا منا أن نستسلم ونرفع الراية البيضاء, لأننا تعلمنا أننا سنموت أيضاً إن فعلنا ذلك, فاتركونا نموت بشرف المجاهد, وإن شئتم كونوا معنا بما تستطيعون, فثأرنا يتقلده كل واحد منكم في عنقه, ولكم أن تشاهدوا موتنا وتترحمّوا علينا, وعزاؤنا أن الله سيقتص من كل من فرّط في أمانته. نرجوكم أن لا تكونوا علينا. بالله عليكم لا تكونوا علينا يا قادة أمتنا " ....
 
Atef.kelani@yahoo.com
 



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات