"حبس الانفاس" بين النظام البديل و الوطن البديل


حبس المواطنين انفاسهم بمجرد ان تم إطلاق صاروخ إسرائيلي اعلامي يحمل "الأردن الوطن البديل" وهم في حيرة من امرهم رغم رفضهم للفكرة و لكن الصاروخ في مجاله الجوي للهبوط و المسافة بين إسرائيل و الأردن لا تتعدي الدقيقتان.

الوطن البديل للفلسطينيين قائم قانونا في الأردن ولا يحتاج الي تفسير او انكار، حيث لا يفسر الماء بالماء.

ومن الدلائل والإشارات التي تعتمدها إسرائيل حسب القانون الدولي وتعريف “معني الوطن البديل " هو أن المواطن ينتقل الي دولة اخري ويحمل جنسيتها ويمارس حقوقه السياسية والمدنية.

لذا الدولة الأردنية "ذات السيادة " منحت الجنسية الارنية بشكل عام للفلسطينيين، حسب الانظمة والقوانين المتبعة في الامم المتحدة، من خلال الرابطة القانونية والسياسية القائمة بين الفرد والدولة بحيث أصبح بموجبها الفلسطينيون سكان الاردن.

دولة ذات سيادة حسب شروط القانون الدولي لمنح الجنسية والمواطنة منحت الفلسطينيون شهادة جنسية، خمس سنوات جواز سفر، رقم وطني يسمح له بالانتخاب والترشح في مجلس النواب، المشاركة في مجلس الوزراء، الانضمام الي القوات المسلحة والمخابرات والمؤسسات التشريعية والقضائية، شراء وتملك العقارات والاراض والمساهمة في الشركات وغيرها.

وأيضا قانونا تم التوصل في العديد من الصكوك الدولية إلى حظر صريح وعام للحرمان التعسفي من الجنسية. ومن الجدير بالملاحظة على وجه الخصوص أن المادة 15 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان تنص صراحة على أنه لا يجوز حرمان أي شخص من جنسيته تعسفاً. كما تقر الجمعية العامة، في قرارها 50/152، بالطبيعة الأساسية لحظر حرمان أي شخص من جنسيته تعسفا. وهذا ينطبق على الفلسطينيين اللذين أصبحوا أردنيين. اذن هؤلاء الأربع ملايين ونصف هم اردنيون، أبنائهم اردنيون، لا يمكن سحب الجنسية منهم والأردن وطنهم الجديد او البديل.

وحسب الطلب الأمريكي بمنح الحقوق للفلسطينيين علي سبيل لذكر لا الحصر تم اختيار طاهر المصري ليلعب دور رئيس الوزراء ثم رئيس مجلس النواب ثم رئيس مجلس الاعيان (متطلبات وزير الخارجية كيسنجر) ، وكان دوما وزير الخارجية في ٩٠٪ من الحالات عبر التاريخ من الأصول الفلسطينية ، عدنان أبو عوده ، جواد العناني، طاهر المصري، حازم نسيبه ، ناصر جوده، حسن إبراهيم ، جمال طوقان، قدري طوقان ، و ٨٠٪ من رؤساء الوزارات من أصول فلسطينية مثل أبو الهدي الفاروقي (رام الله )، الخالدي،( القدس ) طوقان ( نابلس ) ، النابلسي (نابلس )، الرفاعي (صفد ) ، المصري ٠ (نابلس) ، أبو الراغب ( نابلس) ، بدران (نابلس) و المجالي ( الخليل ) و غيرهم و أن تغيرت مواقع تواجدهم بين عمان و السلط و جرش و غيرها من مناطق الأردن.

لم يكتف بذلك، بل طالب رئيس الديوان الملكي الدكتور جواد العناني بضرورة منح الحقوق للفلسطينيين كاملة غير منقوصة ولم يكن يقصد فقط من حيث استلام الوزارات وقيادة المخابرات والجيش بل أيضا لمن يحلمون بطاقات الضفة، وعمل رئيس الحكومة الأسبق على تجنيس الفلسطينيين وغيرها من مظاهر كلها تشير وتؤكد ان الفلسطينيين هم اردنيون وهذا هو طنهم الجديد والبديل.

ليس ذلك فقط، بل انخدع الأردنيون والفلسطينيون في حسن ظنهم بقول إنهم شعب واحد لا شعبين، وتم الزواج والمصاهرة والنسب في أكبر عملية تاريخية ساهمت أيضا في تكريس الوطن البديل، حيث كانت إسرائيل تدعم وتكتب وتعمل ماكينتها الإعلامية الاستخبارية في الترويج لفكرة شعب واحد لا شعبين وتساهم في نشر كل ما يخدم بتلك النقطة على فرضية ان تعداد المواليد من أصول فلسطينية سيهضم مع الزمن عدد الأردنيين وتصبح لهم الغلبة العددية.

واقصد، ان إسرائيل استفادت من أفكار كل من صمويل شامبليون، وجاك كارتيية اللذان لعبا دورا هاما في تأسيس وطن بديل للفرنسيين، خارج حدودها سمي بفرنسا الجديدة في كندا، في مونتريال و الكيبيك ، والذي ارسي مبدئا مفاداه مطالبة فرنسا لاحقا بتلك الأرضي في القرن الخامس عشر و الصراع بينها و بين بريطانيا علي المستعمرات.

كانت خطتهما هو التزاوج بين الهنود والضباط الفرنسيين لأجل دمج فرنسا في كندا، بالإضافة الي اهداف اخري. فاحضروا دفعات متتالية ممن أطلق عليهم "بنات الملك" Les filles du roi ، والقصد انهم عاهرات فرنسيات للزواج من الهنود وساكني المنطقة وبذلك أصبحوا هم أصحاب الوطن الجديد وبعد سنوات اليوم احفادهم هم الوزراء وأصحاب القرار في الوطن البديل (مقاطعة الكيبيك ) عن طريق الدم العرقي من خلال الزواج.

ومن خلال هذا التعريف سواء تواجد الفلسطينيين علي الأرض الأردنية او خارجها و هم يحملون جنسيتها " المكتملة " هي بيان واضح أن الفرد الفلسطيني وبمجرد اكتسابه الجنسية الأردن أصبح تابعا لها ويتمتع بكافة الحقوق الوطنية وتقع على عاتقة كافة المسؤوليات الوطنية لأن الجنسية كرابطة قانونية وسياسية أنشأتها الدولة الأردنية ووضعت قواعدها والتي على اساسها أكتسب الفرد الفلسطيني الصفة الوطنية فيها بمعنى آخر فان الدولة الأردنية بمنح الفرد الجنسية انسبته لها واعتبرته واحداً من رعاياها وعضواً في الشعب المكون لها والمتمتع بالحقوق والالتزامات المتبادلة بينه وبين الدولة الأردنية و اقرت له ان هذا هو وطنه البديل، وهذا يدعم وجهة النظر الإسرائيلية القائلة بأن الجنسية الأردنية الجديدة هي رابطة قامت على علاقة نفعية بين الدولة الاردنية و الفلسطينيين للذين يعيشون على الأرض الأردنية و خارجها و هم يحملون جنسيتها، والتي يدعون انه الأرض "الفلسطينية" من منطلق وثائقهم و قناعتهم "ان الأردن هي فلسطين " ويعيشون في وطنهم البديل وفي ظل حمايته.

الان المشكلة أكبر من ذلك، فهم يحاولون تصدير ما تبقي من فلسطينيين الي الأردن، في نفس الوقت، تغيير النظام والاتيان بنظام بديل لحل المشكلة الفلسطينية على التراب الأردني.

التصور المطروح لعملية النقل، او ما يطلق عليه "التران-سفير الفلسطيني" مقترح في منطقة الأزرق، وبالتالي قام كبار المسؤولين الفلسطينيين في السلطة بشراء الاف الدونمات هناك، وفي منطقة المطار ،حيث تقترح الحكومة العاصمة الإدارية الجديدة ، في الوقت تدعي إسرائيل ان لديها وثائق تثبت تملك الوكالة الصهيونية لأراض تم شراؤها وقت الحكم العثماني و الانتداب البريطاني ، وسجلت بأسماء أردنيون في الثلاثينات والعشرينات من القرن الماضي بين منطقة عمان و مأدبا حان الوقت لأعدتها اليهم و اظهار احقيتهم لها* ( كتاب مشاكل في الضفة الشرقية ، و تصريحات الصهيوني ايرن كنج، رئيس صندوق الأراضي الإسرائيلي، والذي يعزز البناء اليهودي في القدس و استعاده أراض إسرائيل في الأردن).

ماذا فعلت الحكومة وماذا فعل مجلس الامة لمواجهة تلك الهجمة، غير بعض من هجاء وهذر لا يعود على الأردن بنفع ولا يحمي النظام ولا يحفظ حقوق الأردنيين والفلسطينيين.

القضية ليست انتظار وحي يآتي من السماء، واغلب ما يحدث في الساحة هو عديم الفائدة حيث يفتقد مستشارين حريصون علي الأردن و النظام في حاشية الملك، في الوقت ان الموجه الإسرائيلية الاولي الهادرة تهدد ليس الملك او النظام الملكي فقط، لكن التهديد هو الوطن بأكمله و فلسطين بمجملها، بغض من يجلس في القصر او علي رأس الهرم.

اما الموجة الثانية فهي ما ورد في كتاب ميرون بنفينيستي، نائب عمدة القدس الأسبق عام ١٩٩٥ والذي تحدث عن كونفدرالية بين فلسطين (عددهم سبع ملايين ويقصد المتواجدين كأردنيين وإسرائيل، باعتبار الأردن هي فلسطين وهي الجزء الثاني، الذي كالعادة لم يهتم أحد بقراته.

قال لي عضو المحكمة الدستورية والوزير الاسبق مروان دودين، مسؤول ملف اللاجئين، في حديقة منزله في عمان، الفلسطينيون لهم تعداد داخلي امام الشعب الأردني حتى لا تثار حساسية وتعداد مضاعف عند التقدم للأمم المتحدة للحصول على التعويضات.

مروان دودين، الفلسطيني رجل المخابرات الذي أصبح وزيرا كان جريئا في طرح نموذج كيف تتعامل الدولة الأردنية مع القضية بوجهين، في الوقت إسرائيل تمد يدها الي ملفات الامم المتحدة وتسحب الارقام وتوثقها لديها وفي نفس الوقت توثق الأردنيين.

بهذا الأسلوب من التعامل الجاهل مع إسرائيل النظام البديل وحتى الشعب البديل سهل المنال والتحقيق رغم الرفض القاطع لكل ما تحاول فرضه إسرائيل وتروج له.

موج البحر يكذب الغطاس، والأردن غطس او تم تغطيسه لا يهم ولكنه لم يخرج رأسه من الماء بعد.

للعلم فأ٫ن حامل الرقم القياسي العالمي لحبس النفس تحت الماء، ثمان دقائق و ٥٨ ثانيه اسمه توم سيتس ، سبقه مؤخرا ديفيد بيلين حيث حبس أنفاسه ١٧ دقيقة ، لكن السعة الإجمالية للرئة السياسية الاردنية لا تحتمل تلك الأرقام كما وأن ضعف تلك هي التي لدى إسرائيل ، و الأردن يخطئ اذا فكر انه في مسابقة عالمية للغطس وحبس الانفاس.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات