الى حبيب الزيودي


بعد غد تُصادف الذكرى الخامسة لوفاة الشاعرالكبير حبيب الزيود رحمه الله واحسن مثواه .

التقيته اول مرة في العام 1997 بعد دعوته للمشاركة في فاعلية بعمادة شؤون الطلبة في الجامعة الهاشمية وكانت بعنوان سوق عكاظ , كان لقاءً قصيراً في مكتبي وكان بصحبته الشاعر جريس سماوي , لقد ابهرني رحمه الله منذ اللحظة الاولى باسلوبه الراقي في بناء حوار ودي مفعم بكل معاني المحبة والاخاء , يلِج الى النفس بدون استئذان , ويكسر باسلوبه الدافئ كل الحواجز التي يحتاج البعض ربما لعدة لقاءات لكسرها , احسست خلال دقائق انني اعرفه منذ زمن بعيد , تجذبك مفرداته ونبرة صوته واسلوبه الآخاذ في الكلام , فلا تملك الا ان تنصت له بكل حب واحترام .

سماته الشخصية كانت وعاء احتوى كل مفردات الاصالة والانتماء والولاء لثرى الوطن بكل مكوناته , قصائده حملت هموم وشجون وامال كل اردني , تشتم في ابيات شِعره رائحة الدحنون والشيح والقهوة والهيل , نعم تشتم فيها رائحة الثرى , ثرى الاردن الذي أبا الا ان يحتضنه سريعاً وهو في ريعان شبابه واوج عطاءه .

يلج بك بكل رشاقه الى صور الماضي الجميل وتشعرك كلماته المختزله ان كل مفردة منها تحمل حقبة من تاريخ هذ الوطن .

شِعرة يتملكُك كما السحر , لا تقوى ان تقاومه , يستحوذ على وجدانك ويستفز فيك ذكريات طفولتك وصباك ( القرية , الحي , المدرسة , الدكان , الفرح في العيد , النخوه , الجذوه , الكرم ) صور لا تستطيع ان تستحضرها الا اذا سمعت حبيب .

لقد وثّقت قصائده صفحات نابضة من تاريخ هذا الوطن بكل صدق وشفافيه . مفرداته كانت تخرج من قلبه قبل لسانه , لا اخاله كان يبذل جهداً في كتابة القصيده , لان القصيده كانت تسكن فيه .

لم يكتب الشعر بل الشعر كتبه , لقد غزل بفرداته اجمل عبأة للوطن وحاك لكل واحد منا رداء المحبة والانتماء لثراه الطهور .

لم ينافق او يهادن , قال كل ما اراد ان يقول في حب وطنه وقيادته دون قيود , لانه لم يسعى لمركز او مكسب , لان هذا ديدن الكبار الكبار .

لم يُطّوع قلمه الا لما يمليه عليه قلبه وعقله الذي لم يكن يسكنه الا الوطن .

لقد قدم حبيب للوطن الكثير , وكان يستحق من وطنه الكثير الكثير .

اخي حبيب لم ولن انسى لقاءاتي بك التي لم تكن كثيرة ولكنها كانت غزيرة بصدق المشاعر ودماثة الاخلاق وفيض الانتماء الصادق لوطنك , لقد تركت بصمة حب بكل من عرفك .

اقول لك وانت في عالم البرزخ انك خالد في قلب الوطن , وشِعرُك يُغنى في كل وقت ومكان وستصدح الاصوات فيه على مر الزمن .

نعم انت ساكن في قلوبنا , وستبقى اخي حبيب شعلة مضيئة في ذاكرة الوطن الذي احببت .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات