من جديد في العمل التطوعي


على الرغم من الموروث الغني الذي تتميز به المجتمعات العربية على صعيد القيم والأخلاق , يلتبس مفهوم العمل التطوعي عند كثير من الناس , وقد يكون عند آخرين كثر مفهوماً ناضجاً حتى ولو كان ناتجاً عن دوافع فطرية تحركها موروثات متراكمة شعورية أو لاشعورية من حب الخير ومساعدة الآخرين , والتي تلعب التنشئة الأولية والتربية في البيت أهم العوامل في بلورتها وصياغتها .

مايميّز العمل التطوعي بوجه عام وأهمه على الاطلاق أنه لايهدف الى الكسب المادي بمعنى جني الربح كعائد من وراء ممارسته , بالاضافة الى أنه عمل واعي ناتج عن عوامل أساسية تقف في مقدمتها روح المبادرة والحماسة والمقدرة على البذل والتضحية والعطاء , وهذه جميعها اخلاقيات تغذيها جذوة الانتماء التي تختمر في ذات الانسان . وحسبنا قول الله تعالى في سورة النحل : " من عمل صالحاً من ذكرٍ أو أنثى وهو مؤمن فلنحييه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم أحسن ماكانوا يعملون " صدق الله العظيم .

أهمية العمل الاجتماعي التطوعي الأهلي تكمن في كونه رديف لمؤسسات الدولة ذات الصلة , وهو مكمّل لها , ولايمكن فصل المسارين الأهلي والرسمي عن بعضهما , وهذا بحد ذاته مدعاة لكي ينخرط في العمل الاجتماعي التطوعي أفراد المجتمع , ويدفعوه الى الأمام , لأنه بالنتيجة سيسهم في العملية التنموية النهضوية التي يشهدها وطننا العزيز .

لكن في المقابل يوجد هناك صعوبات وعراقيل تحول في أغلب الأحيان دون تحقيق مايصبو اليه المنخرطون في العمل الاجتماعي التطوعي , منها أن المجتمع بدأ تدريجياً يفقد جدوى العمل التطوعي وقيمته الحقيقية , وهذا بحد ذاته يؤثر بشكل جوهري على مستقبل العمل الاجتماعي التطوعي , وهنا بالذات يقع على عاتق الفعاليات التطوعية اعادة الثقة لدى أفراد المجتمع ببرامج منظمات المجتمع المدني التطوعية وأهدافها التي تسعى الى تحقيقها .

كما أن الواجب يقتضي غرس قيم التطوع وثقافته في نفوس أبناءنا الصغار , وتدريبهم وتعليمهم واثراء هذا الجانب في شخصياتهم , والمدرسة عليها دور في الصدد , يمكننا أن نستثمر الطاقات الفاعلة التي تقبع في هؤلاء الطلبة الصغار , حتى يكون لدينا في المستقبل جيل واعي تماماً لمفهوم العمل التطوعي الأهلي وأهميته .

كما لايفوت التذكير بالتوجه الأممي للعمل التطوعي , كما أقرّته الجمعية العمومية للأمم المتحدة , في اطار السنة الدولية للتطوع , في قرارها رقم 17/52 وباجماع 123 دولة ومن ضمنها الأردن , والذي يتضمن الاعتراف بأهمية التطوع والمتطوعين , وتسهيل أعمالهم , وخلق شبكة من المتطوعين فيما بينهم , بالاضافة الى تشجيع الآخرين للانخراط في العمل التطوعي . وكل ذلك يؤكد على النهج المتنامي في العالم أجمع الذي يحترم العمل التطوعي ويقدّره حق قدره .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات