دخل الشتاء ودخلنا في حلاوة الذاكرة و بلسم يزيل عن كواهلنا صيف حار في الجو و حروب اكلت الأخضر واليابس دخلنا اجواء الخريف والشتاء وذاكرة شتاء ومدرسة ومريول ونسيمات صباحية باردة ووداع من أم هندمت لباسنا اعطتنا عروسة اللبنة والزعتر ووضعت في جيبنا محرمة الكروهات ، المكللتين بدفء وحنان الأمهات وهنّ يضفينّ على فلذات أكبادهنّ أسمى ما في الوجود من نزاهة العواطف والمشاعر ، وهنّ يجسدن كرم العطاء أمام فرحة قدوم الشتاء وقد التحف بعبيره الأطفال ، منتظرين سماع صوت الرعد يخافون ولكن بفرح نلتف حول الصوبة ذات البوراي نراقب قطرات الديزل السولار كلما زادت القطرات كبر الدفىء وكبرت المحبة . لنا مع مدفأة الحطب والسولار وصوبة علاء الدين والفوجيكا ذكريات جميلة جدا فهي ليست مجرد وسيلة للتدفئة فقط بل هي طقس اجتماعي نسعى للحفاظ عليه من الاندثار كحال العديد من أدوات التراث فالجلسات المسائية لن تحلو إلا بمدفأة الحطب والبواري وانقطاع الكهرباء بسبب عاصفة حينها كنا ننسى التلفزيون أبو الطقات ونجتمع لشرب الشاي والقرفة على ضوء الشموع أو سراج تعمر بالكاز ونشوي حبات البطاطا حلوة كانت أو عادية وينتشر في الجو رائحة طيبة تزيل عنك كل كأبة ونسمع طقطقة حبات القمح وهي تنضج لتصبح قلية لندرمها أو نضعها بالهاون مع قليل من السكر فما أطيبها , فصوبة البواري في الشتاء هي فرن وغاز العائلة من شواء البلوط والكستناء وسلق حمص البليلة وحتى طبخات مثل ورق الدوالي والكوسا وطبخات الملفوف بهباله العابق كانت تستوي على الصوبة رويداً رويداً وكذلك قوالب الكيك الألمنيوم نشتم رائحة الفانيلا العابقة حول الصوبة ونلعق ما تبقى من عجينة الكيك . نعم أيام جميلة عشناها نفتقدها هذه الأيام نفتقد جلسات العائلة والجدة وحكايات الغولة وجبينة وأبو زيد الهلالي نفتقد للراديو الكبير ومسلسلات نسمعها من الراديو في جو عاصف وأغاني المجموعة هاتي بروق وهاتي رعود أشتي يا دنيا وزيدي نحرث أرضنا حتى تجود خير البيارة يزيدي ونرى فيروز بالأبيض والأسود هبت ريح لاقي الريح وشتي يا دنيا شتي موسمنا بيحلى وتحلو الدبكة مع فيروز وهي تلبس هي والمجموعة مشمعات وشماسي . أرقب النافذة تتوالى قطرات المطر بالنزول ونبدأ بالغناء يا رب تشتي تشتي وروح عند ستي ستي تعملي كعكة أكلها وأنام وصبح جوعان على راس السعدان النشيد هو ربابة القلب يفرحنا ويدخلنا اجواء قد تنساها الأجيال القادمة ...