مصالحة "السلطة وحماس" تمهد لـ "دولة غزة" والرئيس القادم .. دحلان


جراسا -

ايهاب سلامة - لا يتفق المنطق مع منح التفاهمات الجديدة بين حركة حماس والسلطة الفلسطينية الى درجة تسميتها "مصالحة وطنية"، ليس من باب التشاؤم أو وضع عصي في الدواليب، انما لأن الحركة التي تسيطر على قطاع غزة منذ العام 2007، لم تقدم على هذه الخطوة الصعبة الكبيرة برضاها، بل تحت وطأة ضغوط داخلية وخارجية مهولتين، أُخضعت فيها والقطاع لحصار استمر سنوات، ورزحت تحت خناق مهول من الضغوط الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، نتج عنها من ظروف معيشية كارثية لسكان القطاع، وصلت فيه الحركة الى عنق الزجاجة في ادارة القطاع مدنياً، وقد جفّفت مواردها الاقتصادية بشكل ممنهج طوال سنوات عجاف، وترك الغزييون يواجهون مصيراً صعباً من الصديق قبل العدو، وحدهم ..

داخلياً، سلسلة من الضغوط التي فرضت على حماس، بعد وقف الرئيس عباس التحويلات المالية الى القطاع، وخفضه لرواتب الموظفين، وتوقفه عن دفع فاتورة كهرباء القطاع لسلطات الاحتلال، اضافة لمشكلة البطالة التي بلغت 44 % بين سكان قطاع بلغت نسبة التلوث البيئي فيه مرحلة كارثية، فيما واصلت السلطات المصرية اغلاق معبر رفح، المتنفس الوحيد للقطاع، بوجه البضائع والحركة التجارية،رافقه حصار بحري بري جوي من قبل سلطات الاحتلال الصهيوني، التي اقدمت على ارتكاب ثلاثة عدوانات دامية بربرية بحق القطاع وأهله بين 2008 و2014.

خارجياً، تمر الحركة بعزلة دولية شبه تامة، خاصة بعد اخفاق الاسلاميين بمواصلة السيطرة على مقاليد الحكم في الجارة المصرية، وتضييق الخناق على جماعة الاخوان المسلمين لاحقاً، اضطرت فيه حماس الى اعلان وثيقة مبادئها وسياساتها العامة، التي تضمنت فك ارتباطها مع الجماعة المهددة بتصنيفها كحركة "ارهابية"، فيما تعتبر الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي حماس نفسها حركة "إرهابية"، في وقت تراجعت فيه ادوار عربية مساندة لغزة، لأخرى حملت أجندات ضاغطة، كما انشغلت دول كايران وتركيا، بملفاتها الخاصة في سوريا والعراق واقليم كردستان، ما ترك الغزيين في الميدان لا يجدون سنداً ولا بواك عليهم.

كل هذه الامور، انعكست على الارض، بنشوء أوضاع اقتصادية واجتماعية ومعيشية وبيئية كارثية للغزيّين الذين وصلوا الى الرمق الاخير من قدرتهم على التحمل، أرضخت حركة حماس للقبول بما لم تكن تقبل به سابقاً.

جملة من الاسئلة التي لا بد من طرحها لتوضيح المشهد وسبر اغواره، وقراءة سبل نجاح المصالحة من فشلها، خاصة وان عدد الاتفاقيات السابقة التي وقعت بين " الأخوة الاعداء"، بلغت ستة مرات فاشلة متتالية، كانت فيها تواقيع الليل تتلاشى ما أن تبزغ شمس الفجر التالي..

فعلى سبيل السؤال : كيف يمكن لجانبين يملكان فكرين وايديولوجيتين متناقضتين، أن يتعايشا في بيئة سياسية عاصفة واحدة ؟، فيما كل منهما يمتلك مشروعاً سياسياً مناقضاً للاخر، بمعدل 180 درجة ؟.

ولاحقاً .. هل ستصطدم المصالحة الفلسطينية / الفلسطينية، بالطلب من حركة حماس، تسليم سلاحها الى السلطة الفلسطينية الحاكمة ؟، وهل سيقبل جناحها العسكري بذلك ؟، وفيما لو رفض، هل يرضى عباس استنساخ تجربة "سلاح المقاومة" في لبنان داخل "سلطته" في غزة ؟ وان قبل، هل تقبل سلطات الاحتلال بذلك؟.

هل يمكن للحكومة القادمة من رام الله ، استيعاب 45 ألف موظف عيّنوا إبان تسلم حماس مقاليد سلطة غزة، في أجهزة ومؤسسات القطاع المختلفة، سوادهم من المحسوبين على الحركة، وفيما لو رفضت، ماذا سيكون مصيرهم ؟ وهل يقبل المتضررون، بقرارات فصلهم او تعويضهم والسلام ؟.

الأبعد من ذلك .. هل رفع الفيتو الامريكي والاسرائيلي والعربي كذلك، عن المصالحة الفلسطينية، قد جاء خدمة مجانية للفرقاء الفلسطينين وقضيتهم ؟، أم لتهيئة المناخات السياسية مسبقاً، لما يروج له كمخطط شرق أوسطي قادم على الطريق تحت عنوان : "صفقة القرن" ؟.

هل ما زالت قناعات الفلسطينين ثابتة بامكانية التوصل الى "حل الدولتيين" الذي بات أشبه بالمستحيل، وفق الراهن العربي القائم، وسقوطه فيما يبدو من سيناريوهات الرئيس ترمب، وربما عدم وجوده أصلاً على أجندة المفاوض الاسرائيلي، مع وقع انقسام فلسطيني داخلي لا يمكن لطرف فيه القبول بتسليم "سلطة الدولة" للآخر ؟

ما هو الدور القادم للقيادي المفصول من حركة فتح محمد دحلان في غزة، بل على مستوى السلطة الفلسطينية ككل ؟، خاصة وان عباس قد شارف على خريف حكمه في تزعم السلطة ؟.

لاحقاً، هل هناك مصلحة لطرف أو أطراف، بأفشال مصالحة عباس وحماس ؟، ليتسنى تقديم دحلان كمخلص على انقاض الطرفين، آت بمئات ملايين الدولارات الى قطاع يئن تحت وقع الجوع والحصار، أم أن حماس لا فرق عندها بمن يتولي "رئاسة سلطة غزة المدنية"، سواء عباس او دحلان، ما دام سلاح المقاومة في يدها ؟.

مرحلياً، ربما ينظر سطحياً للمصالحة انها تخدم عباس، عبر قطعها الطريق على الطامح في الحكم محمد دحلان، من استكمال تفاهماته مع حماس، وينظر لها حمساوياً، أنها ملجأ لرفع الخناق الاقتصادي عن القطاع المنهك، وكذا تحسين صورة الحركة عربياً ودولياً، لرفع العتب عن "الاشقاء" لاحقاً بتحمل تبعات تصنيفها، أو قبول بعضهم تصنيفها كـ"حركة ارهابية"، وتحفظ ماء وجوههم.

الواضح في الامر، أن ما يجري على الساحة الفلسطينية اليوم، انما هو تهيئة لتنفيذ حل مقبول اسرائيلياً للقضية الفلسطينية، قد يترجم باعلان "دولة" على شكل "حكم ذاتي موسع" في قطاع غزة، وتسليم مقاليد حكمها لدحلان ..

نجاح المصالحة الفلسطينية، يعني ضمناً قبول حماس الدخول في مراحل "تسوية عباس" مع الكيان الاسرائيلي وفق أوسلو وارهاصاتها..

فشل المصالحة، وهي اقرب منها للنجاح، يعني ايضاً اضطرار "السلطة وحماس" لعبور نفق التسوية القادمة على وقع الانقسام بينهما.

في كلتا الحاليتن، فتح وحماس، ستجدان انهما قدمتا خدمة للكيان، وايضاً، لخصمهما دحلان، المحضّر سلفاً للامساك بزمام الأمور، ليس لخلافة عباس وحده، بل حماس وقطاعها الذي فر منه ذات يوم، وعاد اليه فاتحاً !.



تعليقات القراء

عبدالله العبادي
صدقت ووحوش الارض لا ترحم واخص بذكر من هم من ابناء جلدتنا فهم اشد عداء من بني صهيون للقضاء على حركة المقاومة حماس
08-10-2017 08:25 AM
خلف
دحل يدحل دحلان المرحله القادمه محتاجه لواحد زي دحلان دحلان هو الحل
08-10-2017 10:24 AM
فلسطينيه
تحليل دقيق جدا وحقائق قد تفوت البعض
استاذي المصالحة من وجهة نظري فاشلة وتمت فقط تحت الظروف المأساوية التي اصابت غزة من جوع وتضييق وقلة العمل
حماس وفتح طريقان متناقضان ولن يلتقي الحق مع الباطل في يوم من الأيام
عقب المصالحة بساعات قليلة رأينا تصريحات خطيرة من سيادة المدعو عباس،
وما هي الا في النهاية الا مؤامرة على غزة
احترامي
08-10-2017 01:31 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات