الى النائب المهاجر "سعد البلوي"


عبثاُ احاول يا سعد ان انسى اخر كلماتك المغروسة في قلبي منذ ذلك اليوم، وقد ناديتنا على شرف الوطن في خطابك الذي هز اركان الفساد المستتر في مجلس النواب، وكنت اسدا مهيبا، مزلزلا ، وقد اعتليت منبر الامة كي تكشف الاعيب ثعلب السياسة الذي ابكى حرائر الوطن، وسرق بسياساته الجائرة الخبز من بطون الجياع، ورفع الكهرباء والماء والغذاء والضوء والدفء على الفقراء، وكان يبيع المواقف، والوطن لاجل تذكرة طائرة.
كان سياسياً بارعاً اختبئ في معاناة الناس الطيبين زمنا كي يصل الى مواقع الحكم، والرئاسة، وادمى قلوب الاردنيين بقراراته، ولوع الفقراء، وشن عليهم حرب الضرائب والاسعار، والرسوم، وملئ جيوبه بالملايين ثم مضى.
وقد ترك قرارات وتشريعات وترتيبات سياسية تطفئ جذوة الامل في قلوب الاجيال الاردنية. وناوئ الشرفاء، وضيق عليهم دائرة الوطن، وعمل على تأسيس شبكة مصالح متبادلة بين طبقة الحكم، وحثالة المال السياسي تضمن مصالح الطرفين، ويكون الخاسر الاكبر فيها الوطن، ورجالاته الاوفياء، ولكي يضمن ان يمضي بقاطرة الحكم الى اخر يوم مدفوع الثمن.
من واجه مؤامرة تشليح المواطن الاردني، ومن صرخ بوجه الظلم، والحرمان، والفساد، ومن صوت ضد القوانين التي تقيد الحريات، ومن عارض مشروع الغاز الاسرائيلي، والنووي، وناقل البحرين ، ومن ندد بازدواجية الجنسية، وبالتعديلات الدستورية، ومن رفض الاعتقالات لاسباب سياسية، ومن ابدى اعتراضه على مسرحية الحكومات البرلمانية، واكذوبة الاصلاح السياسي، كلهم جميعا تم الاقتصاص منهم، وكتب السطر الاخير في حضورهم في الحياة البرلمانية، وتركوا معلقين على قائمة السقوط الشعبي، وباتوا عرضة لشتى انواع الانتقام، وحتى قطع ارزاقهم، ولكأنهم عوقبوا واسرهم على استقامتهم السياسية، وعلى اداء امانة العمل البرلماني المسؤول، ولانهم كانوا الاحرص على المال العام، وهم يرون عيانا كيف توزع خيرات الاردن على سبيل الاعطيات والرشاوي، وكجوائز ترضية للواقفين في صف الحكومات ضد شعبهم الطيب الذي انتخبهم كي يحافظوا على الوطن وحقوق مواطنيه.
عندها رحت يا سعد تدب رحالك في الغربة ، وتنسل من دون ان تترك كلمة وداع، وفي رحلتك تمثل غربتنا جميعا لولا بقية من حنين في الضلوع تماما مثل فراشة بيضاء مست وجه الحبيب بحنو وخشوع، وغدوت تقيس المسافة بين قلبك ووطنك بالبعد ، وتخلف ورائك مدناً تنحر اعز رجالاتها، وتكبل احرارها، وتقتل من يقاتل في سبيلها، وتشنق الثوار بصمتها المريب.
ذهبت الى اقاصي الدنيا وتركت مرارة الخذلان في الوطن تبحث عن لقمة العيش يا سعد، وكي لا تكون محلا ليشمت بك الفاسدون الذين حاربتهم وهم ينعمون بخيرات الوطن اليوم، وحتى لا يضرب بك المثل على سوء المصير لمن يعارض ظلم الحكومات، ويلتحف بالبؤس والخضوع في نهاية المطاف.
كنت وكوكبة من الاحرار في السابع عشر تمثلون طهارة الموقف الوطني، لا تصمتون، ولم تساوموا، او تتخذوا سبيل الاسترضاء.
وطنيون دافعتم عن المسحوقين، والغلابى، وناديتم بالعدالة، والاصلاح كأقلية برلمانية قالت كلمتها في وجه سلطة جائرة، وقد دفعتم الثمن، ومضيتم مثالا في المصداقية، والنزاهة، ونظافة الايدي.
آلمتك الدنيا يا سعد، وصرت تفتش في الوجوه عن وطن غادر حلم الشعراء، وتنكب للشرفاء.
وستبقى - برغمهم - حرا عزيزا مهاب الجانب، لا تقيم على ظلم، ولا تذل، ولا يطاطئ رأسك الا لله، ولا تخضع نفسك الا للحق، وانت المروءة بعينها، والشهامة في اجلى صورها.
ما ساومت يوماً ثم مضيت تحمل في قلبك وطنا جريحا يسكنك اينما يممت، وثرى عزيزا طاهرا سيظل بوصلتك في الحياة.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات