إتيكيت الاخوانيين بشتم اليساريين والعلمانيين !


هو الطلاق البائن والأكبر الذي تشهده ساحة العمل السياسي والحزبي في بلادنا بين الحركة الاسلامية واليسار ، وهذا بحد ذاته يشكل أنموذجا ومسعى أصيل لأصحاب القرار السياسي وأبناء الحرس القديم الرابضين على صدور المكلومين من أبناء الشعب الأردني منذ عقود طويلة ، ولا أبالغ إن قلت صراحة بأن تلك الزمرة قد تربعت وتبرطعت قبل إعلان الديمقراطية ووأد الأحكام العرفية الذي سجلته أسفار التاريخ في العام 89 وما زالت حاضرة بقوة .

لفت إنتباهي خلال الفترة الأخيرة إنطلاق حملة محمومة تصدرها المنضوين والمتعاطفين من الأخوان المسلمين مع قضية النائب طهبوب التي قدمت دعوى قضائية بحق احد النشطاء السياسين بتهمة الاهانة الشخصية واتهامها بالدعشنة ، والغريب في الامر أن لسان حال الناشطين من الاخوان وأقرانهم بأنهم لم يجدوا أمامهم الا اوركسترا النيل من اليسار وتصدرت صفحات التواصل الإجتماعي الخاصة بهم عبارات متقاربة قوامها الطعن باليسار وشتم العلمانيين ، ولا أشك أبدا ان يكون غالبيتهم على جهل تام بمصطلح العلمانية الذي أضحى موضة واتيكيت سياسي لكل من يجد في نفسه فراغا فكريا ويحاول زج نفسه في معترك التنوير والتطوير الأيديولوجي للتيار الإسلامي ، والأدهى من ذلك أنك تجد الغالبية منهم يمتهن شيطنة كل من مس الرئيس التركي اردوغان بحرف واعتبره علماني ! ولم يكلفوا انفسهم عناء قراءة وسماع هذا الرجل حين يقول بنفسه أن تركيا دولة علمانية ويقف خلف أتاتورك في مؤتمره الصحفي إبان الإنقلاب العسكري الاخير ، مع ضرورة الاشارة الى اعجابي الشديد بسياسة أردوغان وحزب العدالة والتنمية في تركيا .

أي تناقض هذا عند من صفق وهلل بالأمس لقتل ناهض حتر في وضح النهار وعلى عينك يا تاجر دون حسيب ورقيب ؟! وأنا من لم يكن أبدا من المتوافقين مع طروحاته ومواقفه السياسة وبالذات ما يتعلق بالازمة السورية في فترة حياته الأخيرة ، ولكنني أعلنت إدانتي بالمطلق لهذا التصرف الغادر الذي أقدم عليه عابث ويدعي أنه مجاهد في سبيل الدين ونصرته ، وأعلن حينها من يرفض اليوم انتقاد طهبوب بصورة حادة جدا كما حصل من الناشط السياسي الذي عبر عن انتقاده لها بطريقة مبالغة ، اعلنوا اولئك انفسهم في ذاك الحين قبول قتل من يناهضهم بفكره السياسي الحاد وأدانوا من رسم صورة كاريكاتورية لم يكن صاحبها موفقا باستخدامها !

المشهد برمته يشير الى حالة خصومة شديدة يدفع بها بعض عتاة المتطرفين من أبناء الحركة الاسلامية وابناء التيار اليساري وأي خطأ عابر وبدافع شخصي يرتكبه اي عضو في التيارين ينسب على الفور للتيار وتصبح صولات وجولات الطعن حاضرة بقوة ، واليسار بدوره بعيد عن السلطة ولا يحضى بالحضور الشعبي كما هو حال الحركة الاسلامية وبالتالي يراودهم شعور كبير بالضعف ما لم يقفوا بحدية مع اي انتقاد لهم ، ولعل مسألة الدين التي لبسها الاخوان كانت هي الاقرب لحصد اغلبية الحضور وانا على يقين لو ازاحوا عن منهجهم الدين واصبحوا دعاة فكر علماني ونهضوي كما حدث في تركيا واوروبا لتغير الحال وتراجع دورهم بشكل كبير بسبب العاطفة الدينية التي جبلت عليها طينة فكر مجتمعنا.

مختصر الكلام يا سادة يا كرام لابناء التيارين بضرورة الحرص على وحدة الصف وعدم الانجرار خلف دعوات التشظي التي تخرج بين الحين والاخر كما حدث مؤخرا حين تفرغ البعض لشتم العلمانيين واليساريين عموما وهم على علم ان هذا الخطاب خطير ودوافعه اخطر وهي تلامس بعض اصحاب العقول التي ما زالت تجهل حقيقة ما يحدث من صراع سياسي ويصبح مصطلح العلمانية كفر وزندقة ويصبح اهل اليسار من أهل جهنم والدرك الأسفل من النار ويغدو خطاب الشارع تكفيريا وداعشيا بطريقة لا تحمد عقباها ! ، وأؤكد مجددا أنني ضد التضييق على الحركة الاسلامية والتيار اليساري الذي تمارسه سلطة السياسيين البالية في مؤسسة الحكم العميقة في بلادنا ، وأشير أيضا الا انني مسلم ومؤمن برسالة التوحيد وأشهد بأن لا اله الا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .

والله المستعان



إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات