عن المدرسة


علمونا في المدرسة ونحن صغارا أشياءا عن الفصول الأربعة ، وقالوا لنا أنها صيف وخريف وربيع وشتاء ، وعندما كبرنا اكتشفنا بأن الفصول أصبحت فصلا واحدا لا غير ، هو الخريف.

وعلمونا في الطابور الصباحي تحية العلم ، فثمة علم وسارية ونشيد ورفرفة ، تنتهي بالتصفيق ، يومها أخبرونا بأننا يجب أن نموت في سبيل تلك الرفرفة ، ولكننا اكتشفنا بعد رحيل الشعر الأسود ، وغزو الشيب ، أننا ما زلنا رغم وجع السارية المغروسة بالخاصرة ، ما زلنا مدمنين على الرفرفة فكل ما لدينا ابتداءا من رواتبنا وانتهاءا بأحلامنا تعاني من عقدة الرفرفة وأننا على جميع الأحوال ميتون.

في المدرسة أيضا ، درسونا تاريخا مزيفا ، عن التضحيات العربية وشيئا عن الثورة وقصصا ما عادت تفيد حتى في المساعدة على النوم ، أخبرونا عن السيوف والخناجر وقالوا أن أمرأة واحدة حركت جيشا كاملا للمعتصم بالله ، ترى كيف بالله يمكن أن نصدق تلك الأوهام ، ونحن نرى رجولة الساعات الذهبية والبدلات الفاخرة والسيارات الفارهة يذلل لها الرخيص والنفيس ، وكأنهم حدث كوني أو معجزة لن تتكرر ، وأقنعونا بأنهم دوائنا وعلينا أن ناخذهم صباح مساء وعلى الريق كحبة الدواء للتعافي وعلينا تحمل كافة التأثيرات الجانبية ، بينما نحن ما زلنا أمة مناضلة للصبر والرضى والأمل.

علمونا أشياء كثيرة وأصعب ما تعلمناه أن الضرب لمصلحتنا ، ولتقويمنا ، لذا عندما كبرنا اعتدنا أن نتعاطف مع جلادنا ونعود بعطف وحب لجحيمه ، فطرة وأية فطرة غبية تلك التي جعلتنا نرتدي قميص الصمت ونرفض أن نفك أزراره .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات