"مؤتمر معان" .. حضرت "الميكروفونات" وغاب المدعوون !


جراسا -

محرر جراسا - لم ينجح ما سميّ بمؤتمر معان الوطني والذي حمل شعار: ( صرخة وطن والنداء الاخير )، وعقد مساء امس الجمعة، باستقطاب اسماء سياسية وازنة، ولا رموزاً من المعارضة الاردنية، أو حتى شخصيات وطنية، وانحصر المؤتمرين فيه بعدد محدود للغاية من الحضور، وعدداً لا يتجاوز اصابع اليد الواحدة ممن يمكن تسميتهم "شخصيات معارضة".

اجهزة الدولة التي كان بامكانها منع انعقاد المؤتمر، يسجل لها أنها سمحت بانعقاده، ورغم ذلك، إخفقت لجنته التحضيرية باستقطاب اعداد مناسبة، رغم الزخم الاعلامي الذي هوّل من "المؤتمر"، ولم تتمكن من استدراج رموز معارضة ونشطاء سياسيين، رغم دعوتها غالبية المعارضين وغير المعارضين، من حزبيين وحراكيين واعلاميين وناشطين ومنادين بالاصلاح، الامر الذي يؤشر على حالة رفض وعزوف جماعي للفكرة، سيما بعد خروج المؤتمر خلال انعقاده التحضيري الاول، عن مسرب المعارضة الوطنية التقليدية، وتجاوزه ما وصفه البعض بالخطوط الحمراء، التي لا يتوافق معها غالبية المنادين بالاصلاحات السياسية في المملكة، ولا يرتضون الانجرار خلفها.

شعار "النداء الاخير" الذي اطلقه القائمون على المؤتمر، قد يحمل في ثناياه تفاسير عدة، لا يخدم السياق ذكرها، انما تهويل المؤتمر ليطلق دعاته "نداءهم الاخير" ، لهو امر بحاجة الى تفاسير توضيحية جادة، تبعد عنه ما قد يفسّر بشكل سالب !.

ناشطون معانيون على مواقع التواصل رصدت "جراسا" تغريداتهم، ابدوا فيها رفضهم الشديد لاتخاذ مدينتهم مكاناً لعقد المؤتمر ، متسائلين لماذا يعقد المؤتمر في معان بالذات؟ وهي المدينة التي شهدت احتقانات شعبية سابقة، لم تنس - بعد - من الذاكرة ، واستذكروا في منشوراتهم، ما عرف بـ "هبة نيسان" التي بدأت بمطالبات، قالوا انه تم استثمارها من سياسيين معارضين لاحقاً، لتنتهي باشتباكات مسلحة مع رجال الأمن، راح ضحيتها خلالها شاب من ابناء المدينة، وجرح ٢٣ اخرين، كما اصيب ٨ من افراد الامن، المشهد الذي لا يحبذون حتى اعادة استذكاره.

المؤتمر التحضيري الاول الذي عقد قبل اسبوعين تقريباً في ذات المدينة، كان قد أعلن عن جملة من المطالب في بيان له، منها: شكيل حكومة انقاذ وطني، وحل مجلس النواب وتعديل قانون الانتخابات، كذلك تبني "اصلاح حقيقي"، اضافة لمطلبه باسترداد الاموال المنهوبة ومحاسبة الفاسدين، والذي شهد خلال انعقاده تصريحات تجاوزت خطوط المعارضة المسلمّ بها، ما حدى يومها بالنائب صداح الحباشنة، الى استهجان هذه التصريحات، وأعلان رفضه لاي سیاسة من شأنھا المس بأمن واستقرار البلاد، وانسحب من المؤتمر.

بالامس، وغداة انعقاد اللقاء، استهجن اهالي المدينة تصريحات اطلقها احد المعارضين المشاركين عبر منشور على صفحته الفيسبوكية قال فيه انه "سيزلزل عروش الطغاة والفاسدين" خلال حضوره المؤتمر، التصريحات التي اعتبرها البعض "تحريضية" و"عدائية"، ولا تنسجم مع لقاء يبحث سبل الاصلاح، ما دعا ذات المعارض الى اصدار بيان لاحق لم يتسن التأكد منه، معتذراً فيه عما بدى منه من تصريحات قد اسيء فهمها على حد قوله.

النائب عن محافظة معان، عبدالله القرامسة، اعتبر بدوره في بيان سابق له، ان عقد "المهرجان" في مدينته، ممن وصفهم بـ"المعارضين وبعض الحاقدين والانتهازيين والوصوليين الذين يتربصون فرص الاقتناص وربحها، حتى ولو كانت شعبيا دون مردود"، متسائلاً : "لماذا لم يعقد المشاركين لقاءهم في محافظاتهم بدلا من قدومهم لمعان ؟، رافضاً "تحويل مدينته الى "بوصلة" بايديهم، يوجهونها كيفما شاؤوا".

مطالب المؤتمرين في معان، تعد مطالب اعتيادية، ينادي بها جميع الساسة من معارضين وغير معارضين، وتنتشر على مواقع التواصل يومياً كالنار في الهشيم، ولم يأت المشاركين بما هو جديد على الساحة السياسية الاردنية، الا ان ما يحمله البعض على (المؤتمر) الذي لم يرتق لمرتبة (مؤتمر) بكل انصاف، لا بيانه ومناداته بمحاسبة فاسدين وحل مجلس النواب وغيره، بل يرون ان غالبية الرموز المشاركة به، رغم قلتهم، هم "من الخاسرين في الانتخابات النيابية والبلدية السابقة" ؟!، ما وصفه البعض كنوع من "تصفية الحسابات" بينهم وبين الحكومة والنظام حتى، الامر الذي دعا احد المغردين لطرح سؤال على صفحته الفيسبوكية مفاده : هل كانت مواقفهم السياسية الحالية ستكون على ذات الشاكلة فيما لو نجحوا في الانتخابات ؟.

جواب السؤال معروف بديهياً .. انما خشية "المعانيين" الذين صرحّ بعضهم بها على مواقع التواصل، باستثمار مدينتهم لاجندات سياسية، معبرين عن رفضهم لاستغلال منابرها واعتلائها من بعض الطامحين لغايات شخصية صرفة، أو حتى سياسية مشروعة، وكذا مخاوفهم من اعادة تأجيج الشارع المعاني الذي تنفس الصعداء والوطن معه، بعد أن هدأت واستقرت اوضاعه عقب مخاضات عسيرة.

ربما يكون قيام احد الحاضرين للمؤتمر باعتلاء المنبر، ومخاطبة سياسية معارضة مشاركة بكلام مهين، بل وتهديده لها بالقتل علانية، مؤشر لا يتعدى التعبير عن موقفه الرافض لاعادة تسييس المدينة، واستغلال منابرها، وتحويلها الى "كبش فداء" كما يصف احدهم.

ذاكرة المعانين التي ما زالت حاضرة، حينما دأبت وسائل اعلام كانت تغرد خارج سرب الاعلام الوطني على تشويه صورة مدينتهم، وقامت بشيطنتها تارة، ودعشنتها اخرى، كذباً وبهتاناً، ولم يكن يُرى احد من المشاركين بمؤتمرها اليوم، وهو يستل قلمه، مدافعاً عن المدينة وابنائها، ولم تُسمع اصواتهم حينها على منابرها، لتراهم اليوم هناك، في ذات المدينة التي كانت في غياهب نسيانهم، يتباكون عليها وعلى الوطن كله، بعد ان جفت دموع المدينة ..



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات