وسط لهيب الاسعار ، نستذكر وزارة التموين وكأن الوزارة ما كانت جزءا من ذاكرة ، ونحن لنا مع الذاكرة قطيعة معرفية ومنهجية ، نستذكر الوزارة حين تلفحنا الحاجة وننسى اناسا كانوا يوما حراسا لخبز الفقراء وقوتهم في وزارة التموين.

محمد السقاف هكذا دون القاب او"العم ابوخالد"كان وما زال سنديانة الفقراء التي تسند ظهورهم ويستندون عليها ، و اذا ما غافل الجشع يوما اعين الحكومة ، فانه يتيقظ دونما حاجة الى سماع صراخ بل تقوده غريزة النبل المجبول عليها ، ربما يلتقطها من وجع أب على رصيف او من عيني طفل على اشارة الفقر والحرمان يغازل سيارة فارهة وربما... الى آخر احتمالات الرؤيا.

" ابو خالد"اول حالة وجد ثقافي على دروب عشاق الوطن والفكرة ، يرقد الان على سرير مريض ولكنه لا يقبل المرض ، يغازل من تلة ضاحية الحسين الذي عشقه وعشقها كل عمان بصوت حجازي فيه كل نايات الارض ويسكب من روحه ما يكفي زوادة للقادمين.

هل يجوز للكاتب ان يعيد قراءة المسؤول الرسمي بوعي الماضي او بأثر رجعي ، في حالة السقاف نعم ، فنزاهته تغني عن التبرير وقوميته تنفي عنه اي بصمة للجغرافيا ، وثقافته لا تحسبه على لون سياسي الا قلبه.

سرنا يوما الى حيث نهاية دروب الحياة في سحاب ، كنَا نودع نصفه الاغلى ، كانت الطرقات تضج بالمعزين وكان الرجل قد انسحب من الحياة السياسية كما النسمة من اغفاءة صبح ، ولكن الجميع هناك يسندون سنديانة وجدانهم ، وشاحن هممهم نحو حياة عامة خالية من دنس البزنس ، والجميع جاؤوا بمن فيهم عامل وافد لتعزية الرجل فقط تعزية خالية من اي زيف.

يسكن المرض بدن السقاف ولكنه قطعا لم يطل الروح ولم يقتنص منها لحظة ضعف انساني او ندم على مسار سياسي ، او استرجاع لمرحلة كان يمكن له ان يكون البيت ليس شقة في اسكان حكومي ، ولكنها وأقول لكنها ربما لحظة يسترجع فيها دمعة سقطت على رفيق قضى في لحظة اغفاءة من الدنيا او صديق اثر الابتعاد حتى لا يحمل كلفة نقاء زائدة عند السقاف ، وثمة دمعة اتمنى الا تسقط من عيني ابي خالد اذا افاق صباحا وقد نسيناه في مرضه ولم نقم بالتزود من مخزون نبل ونزاهة قلما تفيض بها الدنيا علينا ، ودون ان ندعو له بالشفاء او ان يمضي ونحن بمنأى عنه.

omarkallab@yahoo.com