تهديدات ترامب النارية في شبه الجزيرة الكورية .. مغامرة امريكية لاصطياد العصافيرمرة واحدة !!


بقلم - أحمد عبد الباسط الرجوب - أبدأ مقالي من نادي الغولف في بدمنستر في ولاية نيوجيرسي الذي يملكه الرئيس الامريكي ترامب حيث حذر كوريا الشمالية التي أجرت الشهر الماضي تجربتين ناجحتين على صواريخ بالستية عابرة للقارات ، جاء ذلك خلال حديث لترامب مع مجموعة من الصحفيين مساء الجمعة 11 اغسطس / آب 2017 ، فقد حذر ترامب بأنه من الافضل لكوريا الشمالية ألا تطلق مزيدا من التهديدات ضد الولايات المتحدة واكد " انهم سيواجهون بالنار والغضب بشكل لم يعرفه العالم سابقا " ، وتشبه هذه اللغة الدرامية المليئة بالوعيد، اللهجة التي تستخدمها كوريا الشمالية ضد أعدائها مثل كوريا الجنوبية وتتجاوزها الى اليابان احيانا ، إذ تهدد مرارا بأن تحول هذه الدول إلى بحر من اللهيب بصواريخها ، وان المتابع للتهديدات المتبادلة بي الزعيمين يلاحظ انما هى مخاطرة باستفزاز النظام النووي الذي يصعب التكهن بردات فعله، وقد يدفع احدى الدولتين إلى شن الهجوم الذي يحرص المجتمع الدولي ويحبس انفاسة على عدم حدوثه....

للقصة جذورها واسبابها والتي تعود بالدرجة الاولى الى الصراع الصيني الامريكي في بحر الصين الجنوبي الذي  يربط الشرق الأوسط بمنطقة القارة الهندية بشمال شرق آسيا وتمر به ثلث الشحنات البحرية العالمية بقيمة 7 تريليون دولار، أي 15 ضعف قناة بنما وثلاثة أضعاف قناة السويس، ويحتوى على 7 مليار برميل نفط كاحتياطي محتمل ، و 900 تريليون متر مكعب من الغاز الطبيعي؛ ما قد يجعل منه خليجًا عربيًّا جديدًا، وهنا ومن وجهة نظري بالنسبة للمعلومة الأخيرة فالأمر لا يتعلق بها مبدئيًّا، حيث ان موضوع الصراع بالدرجة الاولى هو صراع سياسي بحت ... وللتوضيح اكثر تعتبر بكين نزاع بحر الصين الجنوبي مسألة سيادية ، في حين تعتبر واشنطن بأن ذلك قد يهدد مخاوفها المتقدمة بشأن حريتها في الملاحة ، فمنذ نهاية الحرب الباردة كانت أمريكا القوة الأكبر في المحيط الهادئ وذلك بمساعدة حلفائها الأساسيين هناك، اليابان وكوريا الجنوبية. حينها كانت الصين تصعد بوتيرةٍ متزايدة، كقوة إقليمية، محاولةً القضاء على نقاط ضعفها الحدودية، لتجعل من بحر الصين الجنوبي اليوم، منطقة توترٍ بينها وبين حلفاء واشنطن في المنطقة ومن خلفهم أمريكا

وها هو مرة أخرى يعود بحر الصين الجنوبي لمركز الاهتمام الدولي وتتسارع وتيرة الاحداث في منطقة بحر الصين هذه الايام منذرة بالانفجار في أي لحظة جراء جملة من التداعيات وكان اخرها وقبل يومين من كتابة هذه السطور وللمرة الثالثة هذا العام 2017 دخول مدمرة بحرية أمريكية إلى مياه بحر الصين الجنوبي، قبالة سواحل جزيرة متنازع عليها بين البلدين، حيث اتهمت الصين الولايات المتحدة بانتهاك سيادتها واصفة هذه الخطوة بـ "الأمر السياسي، ومحاولة التعرض العسكري" متهمة الولايات المتحدة الأمريكية بانتهاك السيادة الوطنية الصينية، والقانون الدولي حيث يعتبر هذا الحدث ليس مفاجئًا تمامًا بعد تهديدات أمريكية مسبقة باختيار الوقت المناسب لاستخدام العنف،... وها نرى بوضوح بان حلبة المنازلة اخذت تتضح معالمها والتي سيكون اللاعبان الاساسيان فيها هما الصين والولايات المتحدة وان كوريا الشمالية ستكون مفتاح الشرر الذي يمكن ان تكون سببا في اندلاع الحرب الكونية التدميرية والتي لا يتكهن احد بنتائجها ولا حتى نهايتها فيما لو اندلعت لاقدر الله ..

وفي سياق هذه الازمة والتصعيد الامريكي ومن خلال سيطرتها على قرارات مجلس كوسيلة ضغط طولية على كوريا الشمالية ، نعود بالذاكرة الى العقوبات التي فرضها مجلس الامن على كوريا الشمالية هذا العام وكان اخرها بتاريخ 5 اغسطس /آب 2017 حيث أقر مجلس الأمن الدولي حزمة جديدة من العقوبات على كوريا الشمالية بسبب برنامجها الصاورخي حيث مرر المجلس بالإجماع مشروع قرار يحظر بعض الصادرات من كوريا الشمالية ويفرض قيودا على الاستثمارات داخلها ، وبحسب التقديرات الاقتصادية في هذا اشأن ، فإن صادرات كوريا الشمالية من البضائع تصل قيمتها إلى نحو 3 مليارات من الدولارات كل عام، والذي يمكن أن تقضي على ثلث إجمالي عائدات الدولة الفقيرة من الصادرات مما يؤدي الى تقلصها إلى ما مقداره  مليار دولار ، ومن الجدير ذكره في هذا السياق وفي وقت سابق من العام الحالي 2017، أوقفت الصين استيراد الفحم من أجل زيادة الضغوط على بيونغيانغ...

وفي رأينا فإن هذه الخطابات المتبادلة بين الجانبين الامريكي والكوري تبعث على قلق وتخوف من أن العالم سيتورط في حرب على غرار ما حدث في حقبة الحرب العالمية الأولي ... غير أن هذه الحرب لو حصلت هذه المرة ستخاض باستخدام الأسلحة الذرية وهنا نجد من الافضل بأن على الولايات المتحدة ان تتجنب تصعيد الخطاب الذي يمكن أن يستفز (كوريا الشمالية) ويدفعها إلى شن الهجوم لأخذ الضربة الاستباقية خاصة إذا خشيت (بيونغ يانغ) من ان يكون تحرك الولايات المتحدة وشيكا، فانها قد تتحرك بطريقة تعتبرها استباقية ، وبخاصة اذا ما نظرنا إلى تصريحات ترامب التي تحمل التهديد الذي يمكن ان يعجل أو يرجح كفة اتخاذ ذلك القرار ، كما نستطيع ان ندرك بان تصريحات ترامب لن تؤدي سوى إلى تعجيل المواجهه الخطيرة بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية ، وهنا لا استبعد مغامرة امريكية لاصطياد العصافير مرة واحدة بتوجيه ضربة استباقية الى كوريا الشمالية – رسالة مباشرة للصين - ضمن اطار الاسلحة التقليدية في بداية الامر والذي قد يتطور الى استخدام الاسلحة النووية وفقا لتصاعد وتيرة الاحداث ...

أما عن الدور الصيني في هذه الازمة فقد اكد عليه مؤخرا وزير الخارجية الصيني " وانغ يي " من أن القوة العسكرية لا يمكن أن تحل الوضع في شبه الجزيرة الكورية وأن تتاح فرصة للعودة إلى المحادثات وسط التوترات الحالية ، مضيفا بأن أي طرف يهيج الوضع في كوريا الشمالية يجب أن يتحمل المسؤولية التاريخية عن ذلك ، وعلى الجانب الاخر فقد وجهت الصين كوريا الشمالية بتحذيرها ان لا تكون البادئة في اشعال فتيل الحرب وانها " اي الصين " لن تقف الى جانبه في هذه الحالة ، في حين انها لو هوجمت فلن تتخلى عنها وستقف الى جانبها وهذا هو الموقف الصيني الداعم لكوريا وان شابه بعض المواقف الصينية المغايرة الا انه يندرج في لعبة السياسة حمالة الاوجه بحسب تداعيات وظروف الاحداث ...

إذن يبقى المستقبل مجهولاً في ظل تطورات المنطقة والعالم المتسارعة ، كما يبدو أن واشنطن تشعر بتراجع نفوذها العالمي، الأمر الذي يجعلها حذرةٍ من الصين، التي تتقدم نحو التربُّع على عرش القوة العالمية ، في وقتٍ يُشكل فيه جيرانها (حلفاء واشنطن) تحدياً لها... فيما تبقى كوريا الشمالية، دولة الخطوات المفاجئة، بالنسبة للجميع ، واعلانها " اي كوريا الشمالية "  بأنها " تدرس بعناية خطة العمليات لإقامة حزام ناري في المناطق المحيطة بجزيرة غوام بواسطة الصواريخ البالستية متوسطة المدى ، او استهدافها قلب الاراضي الأمريكية بما فيها شيكاغو وربما نيويورك ... بحسب التقارير والتوقعات في هذا الاطار

اما على الصعيد الدولي فإننا نرى بان الموقف الروسي يأخذ موقع المتفرج والاسداء بالنصح مع الغمز احيانا لتذكية اشعال الحرب وهذا ما قد بدى واضحا مما قالة قبل يومين وزير الخارجية الروسي المحنك سيرجى لافروف أن بلاده ستكون "على جانب الأذكى والأمهر"، مشيراً إلى أن الأذكى هو من سيتخذ خطوة جادة حيال القضاء على الأزمة الراهنة والتصعيدات ، وفي جانب اخر عارضت المانيا الحرب الكلامية المتهورة بين الولايات المتحدة وكوريا وقال المتحدث باسم الحكومة الألمانية شتيفن زايبرت بتاريخ 4 اغسطس / آب 2017 في برلين: " التصعيد الكلامي لن يؤتي بحل للمشكلة"، مؤكداً أنه لا يمكن حل الأزمة عسكرياً، وأضاف "التصعيد العسكري لهذه الأزمة ينطوي على مخاطر لا يمكن تخيلها " ، لدرجة دفعت وزير الخارجية الألماني زيجمار جابريل إلى التحذير من حرب نووية فيما لو استمر التصعيد من الطرفين .وهنا في راينا بان المجتمع الدولى كله يقف في صف وقف التصعيد بين البلدين لان مخاطر انلاع حرب نووية لا يمكن تخيل مخاطرها على المجتمع الدولي وما قد يقو د الى انفلات في جميع الجهات يصعب السيطرة عليه الا بعد عين وتجارب وذكريات الحرب العالمية الثانية لم تنقضى اثارها بعد ...

عربيا لم يصدر عن اي من البلاد العربية اية تصريحات بهذا الشان وكان المأمل به ان تصدر جامعة الدول العربية كاقدم مؤسسة اقليمية في العالم بيانا يدعو اطراف المشكلة الى اخذ الحكمة والروية ، ولكن للاسف الجامعة العربية اصبحت مومياء محنطة تجثم على ضفاف النيل في قاهرة المعز وغير بعيدة عن مومياء توت عنخ امون بجوارها في متحف الاثار المصري ...اذكروا محاسن موتاكم ...

واخيرا وفي سياق ما تقدم ليس من المستبعد أن يفكر ترامب بتوجيه ضربة امريكية الى كوريا الشمالة دون أن يفكر بالإمكانات الهجومية الخطيرة التي يملكها جيش كوريا الشمالية والذي يمكن أن يوجه ضربة جوابية خطيرة للولايات المتحدة ، صحيح بأن الولايات المتحدة تمتلك قدرات عسكرية هائلة في شرق آسيا، بحيث يمكنها في أي لحظة أن توجه ضربة ساحقة لكوريا الشمالية ، وأساس القوة الأمريكية هو الأسطول السابع ومجموعة القوات البرية والجوية المتمركزة في اليابان وكوريا الجنوبية، البالغ عددها الإجمالي (بما في ذلك البحارة ومشاة البحرية) أكثر من 70 ألفا مما يزيد قدرة الولايات المتحدة على أن توجيه ضربات هائلة لبيونغ يانغ، بحرا وجوا، وكذلك القيام بعمليات برمائية ، لكن كل ذلك يبقى محل تقديرات ستبديها لنا قادم الايام من مفاجآت .

السلام عليكم ،،،



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات