الهاشميون والقدس وثائق ونصوص


بقلم : دخضر عيد السرحان
يعمل الأردن جاهد للمحافظة على القدس أمام محاولات التهويد وتغيير ملامح المدينة المقدسة جغرافيا وسكانيا من قبل الكيان الصهيوني والذي يمارس كل أنواع الغطرسة والتظليل في سبيل ذلك، ويبقى الأردن بقيادته الهاشمية الوفي إلى مبادئه والحريص على الأمة وقضاياها المختلفة وفي مقدمتها القضية المركزية وهي فلسطين ،علاقة الهاشميين بالقدس محكومة بروابط دينية وتاريخية لايمكن تجاوزها وان كانت معادلة القوة لاتسمح باستخدام السلاح في تحرير فلسطسن فقد بقيت فلسطين حية في وجدان بني هاشم ، يقول جلالة الملك الحسين رحمه الله : "القدس لها مكانة لا استطيع ان أصفها لك بالنسبة لي كهاشمي وبالنسبة اليّ والى اسرتي التي ضحت باستمرار في سبيلها، من الثورة العربية الكبرى حتى اليوم. قائد هذه الثورة يرقد في القدس، وجدي هناك، انها كل شيء. والقدس لها عندي المكانة نفسها كمسلم وعربي. وكفاحنا من اجلها وفي سبيل الاحتفاظ بها كفاح لا يهدأ. القدس عربية والقدس، حقنا ولن نفرط في هذا الحق ولو كلفنا حياتنا. تسألني عن القدس وتريد جواباً بكلمات؟ القدس كل شيء" بعد ان وضعت الحرب العالمية الأولى أوزارها كشفت بريطانيا عن نيتها الحقيقية اتجاه الشريف الحسين بن علي والثورة العربية فتنكرت للاتفاق الهاشمي البريطاني باستقلال العرب وطلبت من الشريف حسين القبول بالأمر الواقع والاعتراف بوضعها في العراق ومصر وإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين مقابل المحافظة على عرشه في الحجاز، و في مؤتمر الصلح الذي عقد سنة 1919 كرست بريطانيا جهدها لتكون فلسطين من ضمن ممتلكاتها وتابعة لها لتحقيق وعد بلفور ومارست ضغوط شديدة على الوفد العربي ليقبل بذلك مقابل الاحتفاظ بملك الحجاز ،وقد أرسل الشريف حسين إلى نجله فيصل بعدم قبول أي اتفاق يتعارض مع التعهد الذي قطعه الحلفاء للشريف حسين باستقلال الوطن العربي، وعندما عرضت بريطانيا المعاهدة والتي تحوي الاعتراف بفكرة أنشاء وطن قومي لليهود رفض الشريف حسين تلك المعاهدة في بيان قال فيه: ” عرضت على الحكومة البريطانية معاهدة عدلتها بحيث ينص فيها على استقلال فلسطين وجعلت وعد بلفور في حكم أنه لم يصدر وإذا لم تقبل الحكومة البريطانية هذه التعديلات فلا يمكن أن أقبل المعاهدة" ، وقد عبرت بريطانيا عن رغبتها بالتخلص من الشريف حسين لوقوفه في وجه مشروعها في إقامة الدولة اليهودية في فلسطين وعبر عن ذلك السير “أرنولد ولسون” بقوله: إن تخلى الحسين عن العرش يساعد على تهدئة الموقف ويسهل تسوية قضايانا في فلسطين وسوريا والعراق حسب الخطوط التي يقبل بها الحلفاء"، و ترافق هذه التصريح مع حملة إعلامية قوية موجهة ضد الشريف الحسين بن علي تظهره على انه الخائن للعرب والمتحالف مع أعداء الإسلام في سبيل القضاء على الخلافة الإسلامية ،عرضت بريطانيا على الشريف حسين عروض مغرية مرة اخرى في سبيل أن تأخذ من اعتراف بوضع اليهود في فلسطين إلا أن الشريف حسين أصر على أن يكون صريحا مع الأمة وأعلن بموسم الحجيج انه لن يوقع أو يقبل أي اتفاقية فيها مساس بعروبة فلسطين وقال : “أوكد لكم أنه إذا لم تفعل حكومة بريطانيا التعديلات التي طلبتها فلا يمكن أن أوقع على المعاهدة بل أرفضها رفضا باتا، وكونوا على ثقة أنه لا يمكن أن يذهب شبر من أراضي فلسطين فإنّا نحافظ على فلسطين محافظتنا على بيت الله الحرام ونريق في سبيل ذلك آخر نقطة من دمائنا".
أمام هذا الموقف للشريف الحسين بن علي وقفت بريطانيا موقف الخصم من الشريف ولم تقدم له الدعم والمساندة أمام ما كان يتعرض له في الحجاز مما اضطره للخروج من الحجاز خاسر ملكه وعرشه لكنه لم يخسر عروبته ودينه وبقي على موقفه الرافض رافضا باتا إقامة وطن لليهود في فلسطين وكان من شدة حرصه ومحبته للقدس والتي قارنها بمكة والمدينة أن أوصى أن يدفن فيها
وكان له ما أراد، سار جلالة الملك المؤسس عبدا لله بن الحسين على نفس النهج اذ يقول : " القدس وعروبتها هو عزائي عن كل ما أصابني من ظلم في حياتي، هناك ألف دمشق وألف بغداد وألف بيروت، ولكن ليس هناك سوى قدس واحدة .. وقد طلب اليهود مني ممرا إلى "حائطهم" فرفضت، وطلب مني الفاتيكان تدويل الأماكن المقدسة فرفضت، وطلبت مني انكلترا تنفيذ ما ورد في قرار التقسيم بخصوص القدس فرفضت، حتى العرب، حتى الجامعة العربية ، سمعتهم وسمعتها تطالب بانسحاب الأردن من القدس فرفضت"، ويؤكد هذا المغفور له الملك حسين رحمه الله بقوله :" لن نتخلى عن المدينة المقدسة حتى ولو قضي علينا أو نفنى عن بكرة أبينا ، فنحن كنا نؤدي نحوها ولا نزال واجبا وهو امتداد استمر نيفا وألف سنة" ويضيف رحمه الله : " لقد كّنا سدنة القدس، وحماتها. عبر قرون وقرون، ولن نبخل ببذل أرواحنا رخيصة من أجل الحفاظ على حقنا في البقاء. ولن يخبوا أملنا في ان يستيقظ في العالم ضميره الذي مات فتعود لنا ولأمتنا اولاً وقبل كل شيء أرضنا العربية كلها والقدس درتها. كخطوة على طريق الحق الذي يجب ان تسلكه البشرية في معالجتها لهذه المأساة الإنسانية الكبرى، مأساة الشعب العربي في فلسطين ومن اجل الوصول الى حل مشرف وعادل لها يحق الحق ويهزم الباطل ويعيد السلام الى ارض السلام". ويقول الحسين في موضع آخر "إن القدس عربية. وستبقي عربية، وسنظل أشد ما نكون حرصاً على الاستمرار في دورنا التاريخي الذي بدأ منذ أكثر من ألف عام في المحافظة على طهارتها وقدسيتها وصون مقدساتها الغالية على قلب كل مؤمن من كل دين".
وقد سار جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين حفظه على نهج من سبقه من ابناء هاشم فهو يواصل الليل بالنهار في سبيل التصدي للحملة الصهيونية الشرسة التي يتعرض لها المسجد الاقصى هذه الايام نسأل الله ان تكلل جهوده بالنجاح وان تكون البداية للتحرير الشامل



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات