ماذا وراء فوز غباي في انتخابات «العمل» الإسرائيلي؟


جراسا -

شكلت نتائج انتخابات حزب "العمل" الإسرائيلي أمس الإثنين، مفاجأة لدى المراقبين والمتابعين، حين تغلب آفي غباي في الجولة الثانية لانتخابات رئاسة الحزب على منافسه عضو "الكنيست" عمير بيرتس، حيث جرى الإعلان عن نتائج الجولة الثانية في وقت متأخر من مساء أمس الإثنين.

ووصلت نسبة المشاركة بالانتخابات 59%، بمشاركة 30916 من أعضاء الحزب، حيث نجح غباي من حسم الرئاسة لصالحه عندما حصل على 16080 صوتا، بينما منافسه بيرتس حصل على 14834 صوتا.

وشهد قطاع "الكيبوتسات" مشاركة واسعة ومعدلات تصويت عالية في الانتخابات، حيث بلغت نسبة التصويت هناك 62%، ويدعم هذا القطاع المرشح غباي، فيما سجل الوسط لعربي والدرزي تراجعا ملحوظا بالمشاركة بالانتخابات، فلم تتعدى المشاركة نسبة 36%، وهناك يحظى بيرتس بالدعم والشعبية.
من هو آفي غباي؟

ولد آفي غباي في حي "بقعا" في القدس المحتلة لعائلة إسرائيلية هاجرت من المغرب، ويقطن حاليا في تل أبيب، ويحمل شهادتين في الاقتصاد وإدارة الاعمال.

أنهى خدمته العسكرية برتبة رائد في سلاح الاستخبارات، في الوحدة 8200، وبدأ حياته العملية في قسم الميزانيات في وزارة المالية، قبل أن ينتقل إلى شركة "بيزك" الإسرائيلية للاتصالات ويشغل فيها عدة مناصب، حتى تم تعيينه في 2007 مديرًا عامًا للشركة، وبقي في هذا المنصب حتى استقالته في 2013.

خلال فترة عمله مديراً عاماً لشركة "بيزك" تعرف على وزير الاتصالات الإسرائيلي في ذلك التوقيت موشيه كحلون، وهو اللقاء الذي شكل نافذة له إلى الحياة السياسية، وفي أعقاب تأسيس حزب "كلنا" وانضمامه إلى حكومة نتنياهو الحالية، عين كحلون غباي وزيراً لشؤون البيئة، من دون أن يكون غباي عضواً في الكنيست، وكوزير في الحكومة الإسرائيلية وقف غباي ضد مخطط الغاز بادعاء أنه سيقود إلى ارتفاع الأسعار، خاصة أسعار الغاز، وسيزيد من تلوث الجو.

استقال غباي من الحكومة على خلفية فصل وزير الأمن موشيه يعلون وتعيين رئيس حزب "إسرائيل بيتنا" افيغدور ليبرمان مكانه، ومن ثم أعلن غباي انضمامه للمنافسة على رئاسة حزب "العمل"، رغم أنه لم يكن عضواً في الحزب من قبل، وحظي بدعم كبير من قبل عدة شخصيات بارزة في الحزب، مثل وزير الأمن الأسبق إيهود باراك، وعضو الكنيست شيلي يحيموفيتش.
تنازلات للفلسطينيين دون مساس بالاستيطان

وفي تصريحات له قبيل إعلان نتائج الجولة الثانية من الانتخابات أمس، وصف آفي غباي مسألة تشكيل حكومة وحدة وطنية مع نتنياهو بـ"المهمة المستحيلة تماما"، قائلا: "استقلت من حكومة نتنياهو، ليس من أجل أن أعود إليها".

وحول رؤيته السياسية أشارت صحيفة "يديعوت أحرونوت" إلى تصريحات أدلى بها خلال الحملة الانتخابية، قد تشكل قراءة لبرنامجه السياسي، حيث لفت إلى أنه في حال نجح في تشكيل حكومة وحدة وطنية والوصول إلى سدة الحكم، سيكون على استعداد في إطار الحل النهائي مع الفلسطينيين نقل صلاحية إدارة الأحياء العربية في القدس الشرقية إلى السلطة الفلسطينية.

أوردت الصحيفة قوله: "مبدأ الأرض واضح في حل الصراع، دولتان لشعبين، على أن تبقى الكتل الاستيطانية الكبيرة تحت السيادة الإسرائيلية، وما تبقى من الأراضي في الضفة والقطاع تشكل الدولة الفلسطينية، على أن تكون منزوعة السلاح".

وحول ذلك قال المحلل السياسي المختص بالشؤون الإسرائيلية فايز عباس، إن وصول غباي إلى رئاسة حزب "العمل" كانت مفاجأة من العيار الثقيل جدا بالنسبة لشخص لم يكن في حياته عضوا في هذا الحزب، فهو انضم منذ ستة أشهر فقط له، وهذا دليل على أن أعضاء الحزب سئموا القيادة القديمة، ويريدون التغيير ويفضلون تجربة شخصية جديدة.

وأضاف عباس في حديثه لـ"العرب بوست": "هناك جناح كبير في حزب "العمل" يريد التغيير، على أمل ان يقود هذا التغيير إلى اسقا ط حكومة اليمين الفاشي حكومة بنيامين نتنياهو، التي كان قد استقال منها غباي مؤخرا".

وأشار إلى فرحة كبيرة في أوساط اليهود الشرقيين بفوز غباي، الذي يعتبر من أصول مغربية، ذلك سيحظى بدعم اليهود الشرقيين، الذي كانوا يصوتوا في السابق لأحزاب يمينية مثل حزب الليكود.

واستطرد عباس قوله: "إن انتخاب غباي يعطي الأمل لكل من لا يريد حكومة اليمين الفاشي في إسرائل، ولكن هل سيتحول المجتمع الإسرائيلي إلى مجتمع اكثر اعتدالا؟ هذا من الصعب التكهن به وهو يعتمد على شخصية وايديولجية غباي، وخاصة أنه لم يعلن بعد موقفه السياسي من الصراع الفلسطيني - الاسرائيلي، وليس لديه تجربة سياسية كبيرة".

وعلى عكس قادة حزب "العمل" السابقين، فإن غباي تحدث عن السلام بالعموميات ولم يتحدث بالتفصيل، خلافا لنظرائه السابقين الذين كثيرا ما كانوا يذكرون السلام في معرض حديثهم ولا يلتزمون به.

المختص في الشؤون الإسرائيلية كشف عن أن إبن غباي قال في حديث مع الإذاعة العبرية أن والده سيوقع اتفاق سلام مع الفلسطينيين، ولكن حتى غباي شخصيا لم يعلن عن ذلك، لذلك من الصعب التكهن في هذه المرحلة عن انعكاسات وصوله إلى رئاسة حزب "العمل" على القضية الفلسطينية والعملية السلمية.
حزب "العمل" في سطور

هو أحد الأحزاب الرئيسية في إسرائيل، وأكثرها وصولا للسلطة، وهو حزب علماني، تأسس عام 1930م من مجموعة من الاتحادات ذات الطابع الاشتراكي باسم "ماباي"، وسيطر منذ بداياته على الهستدروت والحركة الصهيونية العالمية، ونشأت تحت مظلته منظمتا "هاغاناه" و"بالماخ" اللتان كانتا نواة جيش الاحتلال الإسرائيلي بعد قيام إسرائيل.

يضم حزب "العمل" كتلاً ومجموعات عمالية ويسارية، وكان خلال تاريخه الطويل قد تعرض لسلسة من الاندماجات والانقسامات، من أهم صيغها تجمع الـ "ماباي"، ثم الـ "معراخ" عام 1969، وأخيرا "العمل" عام1988 . وظل يحكم دولة إسرائيل منذ عام 1948 وحتى عام 1977. ثم عاد إلى الحكم بالائتلاف مع الليكود عام 1984 حتى عام 1990، ثم انفرد بالحكم عام 1992 حتى عام 1996، وعاد مرة أخرى إلى سدة الحكم عام 1999 بقيادة إيهود باراك.

من أبرز الشخصيات في تاريخ حزب "العمل" ديفيد بن غوريون، الذي أصبح أول رئيس لإسرائيل، ثم وغولدا مائير، وشمعون بيريز، وإسحاق رابين، وموشي دايان، وبنيامين بن اليعيزر (فؤاد)، وإيهود باراك، ولكن بعد أن قام رئيس الوزراء الإسرائيلي، أرييل شارون بتأسيس حزب "كاديما"، انشق شمعون بيريز وعدد من أعضاء حزب "العمل" عنه، والتحقوا بحزب شارون الوسطي الجديد.

في عهد حزب "العمل" تم التوقيع على اتفاقية أوسلو عام 1993 بين زعيم منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات، وزعيم حزب "العمل" (الذي اغتيل لاحقا) إسحاق رابين، زكم أهم مبادئ الحزب الحفاظ على تشكيل ديمقراطي للحكومات الإسرائيلية، وتحسين الحياة الاجتماعية والاقتصادية للشعب الإسرائيلي، وتقوية الاقتصاد الإسرائيلي القائم على مبادئ السوق الحر، وتحقيق سلام وأمن شامل في الشرق الأوسط.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات