لا تتركوا قطر يا عقلاء الامة


بقلم : د. خضر عيد السرحان
تذكرنا الحملة التي تُشن على قطر بالحملة التي شنّت على العراق وما آلت إليه الأحداث من ضعف وهوان للأمة بعد أن طُعنت البوابة الشرقية للأمة العربية من الخلف والسماح للنفوذ الفارسي بالعبور إلى قلب بغداد، و من بعدها دمشق، وصنعاء، والأمر مستمر، وكأننا نؤكد للعالم أننا لا نقرأ ولا ندرك دروس التاريخ الحديثة والمعاصرة التي نمر بها الآن، فمن أضعف وخذل البوابة الشرقية أضعف وبقصد وببرنامج ممنهج البوابة الغربية، فغدت اسرائيل تسرح وتمرح، وهي الحق وغيرها الباطل، لانريد العودة إلى ممالك بني أيوب وصراعهم وعودة القدس للصلبيين دون قتال وانهيار مشروع مؤسس الدولة الأيوبية السلطان صلاح الدين في محاربة التشيع من جهة ومحاربة الفرنج من جهة اخرى، فما أن دفن صلاح الدين رحمة الله حتى دُفنت أحلامه ومشاريعه وانتصارته التي حققها لدار الخلافة في بغداد والتي كانت بالرغم من كل تلك الإنجازات غير راضية عن السلطان بل تدعم الدويلات التي تسهل دخول عيون الفرنج وتتغاضى عنهم، وعندما شكى السلطان ذلك للخليفة غض النظر عن الشكوى، فسقطت الخلافة وسقطت تلك الدويلات.
لا أريد أن أطيل بالسرد التاريخي فنحن أمام حالة تكرر ذاتها، فلدينا دولة عربية صغيرة بحجمها كبيرة بتأثيرها استطاعت أن تُثبت مكانها تحت الشمس اختلفنا او اتفقنا معها سياسيا، لكننا لا نستطيع أن ننكر دورها ونهضتها، قطر تلك الدولة التي قررت الخروج من دائرة التبرير والتكرير الى دائرة التغيير والتي بدأت الخروج عن المألوف عندما صرح وزير خارجيتها مطلع القرن العشرين أننا نتسول الرضى من امريكيا واسرائيل كان التصريح صادما وقويا ولكنه عرى الحالة العربية. ومع إطلاق قطر للفضائية الجريئة الجزيرة والتي لنا أيضا تحفظات عليها إلا أنها أحدثت تغيير على مستوى الشارع العربي لاينكره إلا أعمى أو حاقد عجز أن يستغل أمواله في الأتجاه الصحيح بل سخر تلك الأموال للإعلام الساقط.
المآخذ كثيرة على الشقيق القطري وما دوره في الأزمة السورية إلا دليل واضح على ذلك ومع هذا يبقى الشقيق القطري أخا لايمكن أن نتركه كما ترك أخوة يوسف يوسف فيبتلعه المد الفارسي ونبكي قطر غدا كما نبكي سوريا اليوم، و بكينا العراق بالأمس القريب. وحين قلنا أن بقاء سوريا موحدة وقوية هو ضمان وصمام للإمن الخليجي أمام التغول الفارسي مهما كانت العلاقة بين دمشق وطهران، فمدرسة العروبة في دمشق الحضارة لا يمكن ان تخذل أهلها إلا أن إعلام دعاة الفتنة الطائفية وأموالهم أسكتت الأغلبية إن لم تصطف مع ذلك الإعلام. فلحقت دمشق ببغداد ونحن على أعتاب مرحلة جديدة يريد من خلالها الحمار والفيل الامريكي والذي قضى على كل شعارتنا من أسود ونسور وصقور وجمال أن يجر خليجنا إلى كارثة جديدة ومن يقرأ بيان وزارة الخارجية الأمريكية حول الأزمة ويقارنه مع تصريح سفيرة امريكيا في بغداد قبل غزو الكويت يدرك أن المعنى واحد حيث دعت فيه الدول الخليجية "إلى الحفاظ على وحدتها، والعمل على تسوية الخلافات" وتابع ذلك تصريح وزير حرب الكيان الصهيوني افيغدور ليبرمان قوله: «حتى الدول العربية بدأت تدرك أن الخطر على المنطقة ليس إسرائيل بل الإرهاب. إنها فرصة للتعاون» وقال ليبرمان لنواب الكنيست الإسرائيلي، إن قرار الدول التي قطعت علاقاتها مع قطر خشية «الإرهاب الإسلامي»، تمكّن إسرائيل، في حقيقة الأمر، من مد يدها لها للتعاون في المعركة ضد الإرهاب.
امام هذه التصريحات والخطط نقف مطالبين ومخاطبين بقايا الضمير العربي والعقلاء من حكامهم أن يدركوا حجم المؤامرة وأن لا يتركوا الشقيق القطري لقمة صائغة بين فكي الذئب الفارسي والحمار والفيل الامريكي والذئب الصهيوني فقطر وقفت مع أمتها في معظم أزماتها ولم تتخلى عن دورها الريادي وتسخير قدرتها السياسية والمالية في نصرة القضية العربية الأساس قضية فلسطين فلا نغمض عين ونفتح أخرى نختلف أو نتفق مع قطر يجب أن يبقى الخلاف عربيا عربيا يحل في إطاره العربي والأمل كل الامل يحدونا ان نرى لجنة من قادة الدول العربية المحايدة تعمل على رأب الصدع وعودة اللحمة للصف العربي من جديد.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات